الخنازير تقود لحل قد يحمي البشر من كورونا
حيّرت الخنازير العلماء منذ بداية وباء "كوفيد- 19"، فهي لا تصاب بفيروس كورونا المستجد المسبب للمرض، إلا إذا تعرضت لجرعات عالية.
وإذا أصيبت الخنازير تكون العدوى محدودة، ولا تظهر أي علامات سريرية للمرض، كما أنها لا تنقل الفيروس إلى الحيوانات الأخرى.
ومع دخولنا العام الثالث منذ ظهور الوباء، أعلن علماء في جامعة ولاية أيوا الأمريكية في دراسة نُشِرت يوم 20 يناير/كانون الثاني بدورية "سيل ديث ديسكفري"، عن اكتشافهم دليلاً مهماً يلقي الضوء على سبب عدم إصابة الخنازير بالمرض عند تعرّضها لفيروس كورونا، وقالوا إن ما وجدوه قد يؤدي إلى طرق جديدة لعلاج البشر الذين يصابون بالمرض.
ودرس راهول نيلي، الأستاذ المساعد في التشخيص البيطري وطب الإنتاج الحيواني، ولويس جيمينيز ليرولا، الأستاذ المساعد في التشخيص البيطري وطب الإنتاج الحيواني، كيف تؤثر فيروسات كورونا على الخنازير لسنوات، وسمح لهم ذلك بتطوير نماذج تسمح لهم بدراسة تفصيلية حول كيفية إصابة الفيروسات للخنازير وخلاياها وكيفية استجابة الخلايا لمحاربة العدوى.
وفي أحدث التجارب، أدخل العلماء الفيروس إلى خلايا الخنازير المستزرعة والخلايا الظهارية التنفسية البشرية، والتي تبطّن معظم الجهاز التنفسي، ووجدوا أن خلايا الخنازير خضعت لموت الخلايا المبرمج، أو موت الخلايا المتحكم فيه، استجابةً للعدوى بمعدل أعلى من الخلايا الظهارية البشرية.
وموت الخلايا المبرمج، هو العملية التي تقتل فيها الخلية نفسها بشكل متحكم فيه، وفق سلسلة من العمليات الخلوية ودون إفراز مواد ضارة في المنطقة المحيطة بها، وتؤدي هذه العملية إلى التخلص من الخلايا القديمة والخلايا غير الضرورية والخلايا المريضة مما يحافظ على صحة الجسم.
ويقول نيلي في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة ولاية أيوا بالتزامن مع نشر الدراسة: "عندما نظرنا تحت المجهر كانت هناك ظاهرة مثيرة للاهتمام تحدث داخل الخلايا، حيث وجدنا أن نوى خلايا الخنازير المصابة بدأت في التمزيق إلى شظايا، وهذا التمزيق للنواة هو علامة منبهة على موت الخلايا المبرمج، والذي قد يكون مفتاحًا في مساعدة الخنازير على تجنب الأعراض بعد التعرض للفيروس".
ويؤدي التسبب في موت الخلايا المبرمج في وقت مبكر من العدوى بشكل أساسي إلى حدوث ضرر ضئيل للأنسجة ويحد من تكاثر الفيروس، وبالتالي يحد من المرض الشديد، كما يوضح نيلي.
ويضيف أن الخلايا البشرية يمكن أن تخضع للتمزق أيضاً استجابةً لعدوى فيروس كورونا، لكن الدراسة وجدت أنها تفعل ذلك أقل بكثير من خلايا الخنازير، ووفقاً للدراسة، فإن خلايا الخنازير كانت أكثر عرضة للتمزق بما يقرب من 100 مرة من الخلايا البشرية.
ومن المرجح أن تمر الخلايا البشرية بالنخر، وهو شكل آخر من أشكال موت الخلايا أقل تحكمًا من موت الخلايا المبرمج.
وأثناء النخر، يتم إطلاق محتويات الخلية في الفضاء المحيط، مما يؤدي إلى استجابة مناعية قوية لا يتم تشغيلها أثناء موت الخلايا المبرمج.
ويعتقد الباحثون أن استجابة موت الخلايا المبرمج على نطاق واسع مفيدة في تجنب المرض لأنها تتخلص من الخلايا المصابة بسرعة دون أن يبالغ الجهاز المناعي في رد فعله، في حين أن النخر الواسع النطاق والاستجابة المناعية الناتجة أقل ملاءمة للخلايا المضيفة.
ويقول جيمينيز ليرولا، الباحث المشارك في الدراسة: "لا نريد المبالغة في الاستنتاج، لكن هذه الاستجابة ربما تكون شيئًا جوهريًا في نظام مناعة الخنازير الفطري وغير المكتسب، والفكرة هي قتل الفيروس بمهارة وبالسرعة الكافية حتى لا تحدث استجابة مناعية مفرطة".
وقال الباحثون إن المزيد من الدراسة قد تؤدي إلى علاجات مصممة لتحفيز موت الخلايا المبرمج في الخلايا البشرية، مما يسمح للأشخاص المصابين بفيروس كورونا بتجنب الأعراض الشديدة.
وتتمثل الخطوة التالية لفريق البحث في تحديد جميع الجينات النشطة أثناء العملية المعدية ومقارنتها مع الأنواع الحيوانية الأخرى التي توجد فيها تلك الجينات، ويمكن أن يمنحهم ذلك مزيدًا من الأدلة حول كيف ولماذا يمكن أن تنقل الحيوانات الأخرى، مثل الغزلان، الفيروس دون أن تعاني من أعراض المرض.