ما بعد اجتماع العقبة .. شهر رمضان تصعيد أم تهدئة؟
للمرة الأولى منذ سنوات طويلة توصل الفلسطينيون والإسرائيليون لتفاهمات تهدف للحد من التوتر قبل شهر رمضان.
تمت التفاهمات في لقاء خماسي عقد في مدينة العقبة الأردنية بمشاركة مسؤولين كبار من الأردن ومصر والولايات المتحدة الأمريكية.
ويحل شهر رمضان الشهر المقبل ولكن العديد من الأطراف الإقليمية والدولية تخشى مما قد يحصل تحديدا في الأسبوع الثالث من الشهر.
ففي الأسبوع الثالث يحل عيد الفصح اليهودي وفيه تزداد بشكل ملحوظ اقتحامات متطرفين إسرائيليين للمسجد الأقصى.
وفي السنوات الأخيرة الماضية تسبب هذا التزامن في مواجهات بدأت بالقدس وامتدت إلى الضفة الغربية وقطاع غزة وهو ما تخشى الأطراف الإقليمية والدولية تكراره.
ولمنع مثل هذا التطور فقد سعت الولايات المتحدة الأمريكية جاهدة، بمساندة أردنية ومصرية، لدفع الطرفين نحو تفاهمات من شأنها نزع فتيل التوتر من الضفة الغربية ومنعه من التفاقم خلال شهر رمضان.
وانعقد الاجتماع الخماسي في مدينة العقبة الأردنية بمشاركة مسؤولين أردنيين ومصريين وإسرائيليين وفلسطينيين وأميركيين.
القراءة الفلسطينية للقاء
وقال مسؤول فلسطيني ل"العين الإخبارية" إن البيان المشترك الذي صدر في ختام الاجتماع تضمن بنودا سياسية وأمنية وليس أمنية فقط كما يشاع.
وأضاف المسؤول، الذي شارك في اللقاء وامتنع عن ذكر اسمه: "البيان الختامي نص حرفيا على أنه أكد الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي التزامهما بجميع الاتفاقات السابقة بينهما، والعمل على تحقيق السلام العادل والدائم، وهي المرة الأولى التي تلتزم فيها الحكومة الإسرائيلية بالاتفاقيات السابقة، وهذا مهم جدا في حال تطبيقه بالفعل".
وتابع المسؤول: "أيضا سياسيا وبما لا يقل أهمية، فقد نص البيان على أنه أكد الأطراف الخمسة على أهمية الحفاظ على الوضع التاريخي القائم في الأماكن المقدسة في القدس قولاً وعملاً دون تغيير، وشددوا في هذا الصدد على الوصاية الهاشمية/ الدور الأردني الخاص، وهو رد على الجماعات الإسرائيلية المتطرفة التي تريد تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى".
وأشار المسؤول الفلسطيني أيضا إلى أهمية الالتزام الإسرائيلي بالعمل الفوري لوقف الإجراءات الأحادية الجانب لمدة 3-6 أشهر بما يشمل الاستيطان.
وقال المسؤول الفلسطيني: "الإجراءات أحادية الجانب تشمل أيضا هدم المنازل ومصادرة الأراضي والقرارات الإسرائيلية ضد السلطة الفلسطينية ومؤسساتها".
ولفت المسؤول إلى البند الذي نص على أنه اتفق المشاركون أيضاً على دعم خطوات بناء الثقة، وتعزيز الثقة المتبادلة بين الطرفين من أجل معالجة القضايا العالقة من خلال الحوار المباشر. وسيعمل الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي بحسن نية على تحمل مسؤولياتهم في هذا الصدد".
وقال المسؤول: "بناء الثقة لا يكون بالاقتحامات الإسرائيلية للمدن الفلسطينية".
وأضاف المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن اسمه: "أن يتم هذا الالتزام بوجود أمريكي ومصري وأردني هو بمثابة ضمانة بأن إسرائيل ستلتزم بما عليها بموجب هذا البيان المشترك ولذلك فإن هناك آلية متابعة وهو الاجتماع الذي سيعقد في مصر الشهر المقبل وقبيل شهر رمضان لمراجعة التزام الأطراف بما تم الاتفاق عليه".
وكان الوفد الفلسطيني للاجتماع الخماسي بالعقبة قدم تقريراً للرئيس محمود عباس حول المداولات والموضوعات التي تم بحثها والنتائج التي تم التوصل لها، وعلى رأسها وقف الاعتداءات والإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب والالتزام بالاتفاقيات الموقعة تمهيدا للذهاب لأفق سياسي، ينهي الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين على حدود العام 1967، بعاصمتها القدس الشرقية، وفق قرارات الشرعية الدولية،
وأكد الوفد الفلسطيني المشارك في هذا الاجتماع، أنه "قد طرح جميع نقاط الموقف الفلسطيني الذي تم الاتفاق عليه في اجتماعات القيادة، وبما يشمل وقف الاستيطان وإرهاب المستوطنين والحفاظ على هوية وطابع مدينة القدس والحفاظ على الوضع التاريخي في الأقصى، وإعادة فتح المؤسسات المغلقة في القدس وعقد الانتخابات فيها وفق الاتفاقيات، ووقف الاقتحامات للمدن والقرى والمخيمات وأعمال القتل ووقف هدم المنازل وتهجير الفلسطينيين، والالتزام باتفاق الخليل، وإطلاق سراح الدفعة الرابعة من أسرى ما قبل العام 1993، والأسرى الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى، وعودة الأوضاع إلى ما قبل 28 سبتمبر/أيلول 2000، وعودة الأطقم الفلسطينيةً للجسور والمعابر الدولية" بحسب بيان تلقته "العين الإخبارية".
القراءة الإسرائيلية للقاء
ولكن القراءة الإسرائيلية للقاء تبدو مختلفة، وهو ما تم التعبير عنه في بيان لمصدر سياسي إسرائيلي تلقته "العين الإخبارية".
وقال: "انتهى المؤتمر الدولي في العقبة بالأردن، والذي تناول بشكل أساسي جهود منع التصعيد الأمني قبل شهر رمضان. وخلال ذلك التقى رؤساء الوفود الخمسة بالعاهل الأردني الملك عبد الله الذي رحب بمحاولة تعزيز الاتفاقات بين الأطراف قبل رمضان وعيد الفصح".
وأضاف المصدر الإسرائيلي: "توصل المشاركون إلى اتفاق حول تشكيل لجنة أمنية مشتركة لبحث تجديد التنسيق الأمني ومدى استعداد الفلسطينيين وقدرتهم على تحمل مسؤولية مكافحة الإرهاب في مناطق السلطة الفلسطينية".
وتابع: "تم الاتفاق على أن يعقد الطرفان اجتماعا آخر قبل رمضان برعاية مصرية لبحث التقدم في المحور الأمني. كما تم الاتفاق على تشكيل لجنة مدنية مشتركة تعمل على تعزيز تدابير بناء الثقة الاقتصادية".
ولكن المصدر الإسرائيلي أشار أيضا إلى أنه "أكد ممثلو دولة إسرائيل في الاجتماع أنه لن يكون هناك تغيير في قرار تنظيم 9 مستوطنات في المستوطنة الشابة وبناء 9500 وحدة سكنية في الضفة الغربية. كما لوحظ أنه لا يتوقع اتخاذ قرارات أخرى بشأن الاستيطان في الأشهر المقبلة".
وفي سياق القراءة المختلفة، قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير في تغريدة على تويتر: "ما جرى في الأردن (إذا ما جرى) سيبقى في الأردن".
ورد عليه زعيم المعارضة ورئيس الوزراء السابق يائير لابيد، بتغريدة: "لا يمكن لدولة إسرائيل أن ترسل وفدًا رسميًا على أعلى مستوى إلى مؤتمر برعاية أمريكية، والتوصل إلى اتفاقات، ومن ثم يغرد وزراء كبار ضد أنفسهم. هذه ليست حكومة، هذه فوضى خطيرة".
وكانت إسرائيل اتخذت هذه القرارات الاستيطانية خلال الأيام الماضية.