التطورات الحالية إقليمياً لا تشير إلى أن الوضع العربي سيتحسن، لا سيما أن جروح العقد الأخير لا تزال غائرة
تمر الأحداث السياسية في أيامنا هذه بشكل دراماتيكي سريع، حتى ليصعب على المتابع ملاحقة جميع تفاصيل أي قضية بشكل كامل، فمنذ ما عرف بالربيع العربي تلك المصيبة التي جرّت الويلات على الشعوب وأحدثت شرخاً عميقاً في بلدانها، والمصائب تتوالى على منطقتنا العربية، وتزداد المؤامرات الخارجية، ويتعاون الخصوم من أجل تقسيم الأوطان بعد أن نجحوا في تفتيت لحمة شعوبها، لتتعدد الولاءات، ويزداد الشقاق، حتى يتمنى المرء أن تعود تلك الأيام التي لم يكن يهتم فيها إلا بقضية واحدة، فلسطين، بينما تنعم جميع البلدان العربية بالرخاء والأمن والأمان.
وفي ظل أوضاع عربية حساسة لم تصل إلى ما وصلت إليه اليوم في تاريخها الحديث، حيث فقدت بلدان استقلالها مرة أخرى بعد خروجها من تحت عباءة الاستعمار، وخربت وقسمت بلدان أخرى، فإن أسوأ ما تم خلال السنوات الأخيرة هو اختلال ميزان الولاء، الذي لم يعد للوطن وللعروبة لدى البعض، بل حارت البوصلة فاتجهت شمالاً وجنوباً، بحثاً عن غريب من أصحاب الأحلام الامبراطورية التي عفا عليها الزمن منذ مئات السنين، يعد بحياة أفضل لا يستطيع أن يوفرها هو لشعبه، فكيف سيوفرها لمن يراه في منزلة أدنى، حتى وإن تستر تحت عباءة الدين.
إن التطورات الحالية إقليمياً لا تشير إلى أن الوضع العربي سيتحسن، لا سيما أن جروح العقد الأخير لا تزال غائرة، وبعض الشعوب العربية التي يعول عليها أولاً وأخيراً لبناء أوطانها منقسمة في ولاءاتها، ما يتيح للخصوم اختراق المجتمعات قبل اختراق الحدود، والنيل من التاريخ قبل تغيير الحاضر، وإلحاق الهزيمة المعنوية قبل إطلاق رصاصة واحدة، وهنا قد يسأل المتابع إلى أي الفريقين يكون الانحياز؟ إلى العرب بلا شك، أينما اتجهوا، ليس عنصرية ولا شعبوية، بل لأن صفحتهم في التاريخ بيضاء فلا طمعوا في خيرات بلد ولا نهبوا مقدرات شعوب كما فعل غيرهم.
ومهما بلغت درجة تشابك علاقة العرب ببعضهم، إلا أنهم دائماً أهل البلاد وأدرى بشعابها، ولذا إن كان من دعم ودعاء، فليكن لجيشك العربي ولشعبك العربي، أما ما دون ذلك فلا يعول عليه.
وللأسف فإن البعض لم يتعلم من التاريخ الذي يؤكد دائماً أنه لم يسبق أن أتى محتل إلا وجلب معه الويلات، وفي المقابل، أدرك العربي الأصيل أن الوقوف مع كل ما هو عربي، ضرورة حتمية ودعم سياسات الوطن ضد أي محاولات للتشكيك في شتى الأحوال مهما كانت الظروف، هي السبيل لدفع العدو المتربص.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة