هيكل أمني عربي.. ماذا حقق "مؤتمر بغداد 2" بالأردن؟
أكد خبراء أن مؤتمر بغداد 2، يعد "نواة لمزيد من تعزيز النظام الإقليمي العربي والخليجي بدعم فرنسي، والدفع بمحاولة بناء هيكل أمني عربي".
بمساع واضحة كثف مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة، الذي عقد الثلاثاء بنسخته الثانية في الأردن، من محاولات التأكيد عليها في مواجهة التحديات التي يتعرض لها الإقليم.
وشدد الخبراء، في الوقت ذاته، على أنه لا يمكن أن تستقر المنطقة دون عراق آمن، موضحين أن إرادة ومنظومة المصالح المشتركة بين الدول المشاركة في المؤتمر ستدفع للخروج بالعراق من مأزقه الأمني والسياسي الحالي.
وعقدت في مركز الملك حسين بن طلال للمؤتمرات في البحر الميت، أعمال مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة بنسخته الثانية بمشاركة 12 دولة، امتدادا لعقد مؤتمر " بغداد 1"، لأول مرة في 28 أغسطس/آب 2021 في العاصمة العراقية بغداد، وشاركت فيه 9 دول عربية وأجنبية، إضافة إلى عدة منظمات إقليمية ودولية.
مؤتمر بغداد للتعاون والشركة، في بيانه الختامي، أكد الوقوف إلى جانب العراق في مواجهة جميع التحديات بما في ذلك الإرهاب، مشددا على المُضي في التعاون مع العراق دعما لأمنه واستقراره وسيادته ومسيرته الديمقراطية وعمليته الدستورية.
تعزيز النظام الإقليمي
المحلل السياسي اللبناني، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس، الدكتور خطار أبودياب، أكد لـ"العين الإخبارية" أن مؤتمر بغداد هو بمثابة نواة لمزيد من تعزيز النظام الإقليمي العربي، بدعم ومساندة باريس لتسهيل الحوار.
وقال "أبودياب" إن المؤتمر يتحول عاما بعد الآخر إلى منصة للحوار الإقليمي، اشتركت فيه دولتان غير عربيتين هما إيران وتركيا من أجل تسهيل عملية الحوار والتفاهمات، وزيادة الاهتمام بالاستقرار وتقليل الخلافات بين دول المنطقة.
وفي أبرز النتائج الملموسة لـ"مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة"، رأى المحلل السياسي اللبناني أن المؤتمر أسفر عن تفاهم إقليمي ودولي لدعم العراق، وزيادة التنسيق العربي والخليجي وفي المقدمة السعودي، إضافة إلى التفاهم والعمل المشترك المهم بين مصر والأردن والعراق.
حوار وعمل مشترك
وجرى الاتفاق على أن يكون مكان مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة، العام المقبل في مصر، إذ يعكس الانعقاد السنوي للمؤتمر الحاجة إلى الحوار والعمل المشترك وتنظيم الخلافات"، وفقا لأستاذ العلاقات الدولية بجامعة باريس.
وحول دلالة مشاركة فرنسا في المؤتمر في دورته الأولى والثانية، قال أبودياب "باريس من أطلقت الفكرة، ونظمتها بنجاح للعام الثاني على التوالي من أجل دعم وتثبيت وضع العراق، واستقلاله، وتنميته وإعادة دوره الإقليمي".
ولفت إلى أن "باريس تحاول إيجاد موطئ قدم لها في منطقة الشرق الأوسط عبر التركيز على العراق".
وبدوره، وصف المحلل السياسي الأردني منذر الحوارات، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، مؤتمر بغداد 2 بـ"هام جدا"، مرجعا ذلك إلى تأكيد النسخة الثانية من القمة على الاستمرار والمضي قدما في دعم العراق والحفاظ على استقراره.
ونبه "الحوارات" أيضا إلى أن هناك محاولات عربية من خلال الدورة الثانية لإعادة نظام إقليمي عربي، يستند لمفهوم الأمن الجماعي، فيما تقف الجمهورية الإيرانية حائلا أمام تحقيق هذا الهدف، متابعا: "هذا الهدف لا يمكن أن يتحقق إلا بوجود العراق، وهو ما يتعارض مع مصلحة طهران".
ودلل بتصريحات وزير الخارجية الإيراني حينما تحدث عن الأمن بالمنطقة بطريقته الخاصة، والتي تشير إلى أن القوى الخارجية يجب أن تنسحب من المنطقة، وأن الدول كفيلة بحفظ الأمن، وهذا معناه الزعم بأن طهران هي قوة كبيرة قادرة على ضمان أمن المنطقة، وفرض هيمنتها الأمنية على الإقليم.
الخبير الأردني عاد ليؤكد أن المحاولات جارية لبناء هيكل أمني عربي متكامل، لكن هناك تحديات عديدة بينها وجود قوى إقليمية لا تريد للعرب استعادة مكانتها، بجانب الضعف الحاصل في بعض الدول العربية؛ إما أمنيا كما في سوريا والعراق، وإما اقتصاديا وسياسيا كما في لبنان.
الاستقرار الأمني
المحلل السياسي الأردني لمح إلى أن قمة بغداد 2 تأتي بعد تشكيل حكومة عراقية جديدة لديها الرغبة في الاستمرار والبناء على ما فعلته حكومة الكاظمي (مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء السابق)، وهو ما يتيح للأطراف العربية والإقليمية والدولية مثل فرنسا، بناء شراكات مع هذه الحكومة في محاولة لإعادة الاستقرار للبلاد".
ومضى في حديثه: "دون تحقيق هذا الاستقرار فإن المنطقة العربية ستبقى أسيرة للصراعات والمشكلات وغياب الأمن".
ومع التأكيد بأن الاقتصاد لن يتحقق إلا من خلال الاستقرار الأمني؛ قال الحوارات إن مؤتمر (بغداد 2) مهد لإقامة شراكات إقليمية مهمة بحضور فرنسا والمنظمات الدولية كالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبية.
ومن المبكر، والحديث لـ"الحوارات"، الحديث عن نتائج سريعة للقمة، لأن حجم التعقيدات بالعراق والمنطقة كبير جدا من حيث التدخلات الدولية والإقليمية والمعوقات الاقتصادية والتنموية، وحالة الضعف الاقتصادي بالبلاد"، مستدركا "لكن مجرد التزام الأطراف بتعهداتها تجاه العراق قد تؤدي لنتائج كبيرة على المدى البعيد".
وإذ أشار إلى أن "كل دولة شاركت في المؤتمر ستسعى لتعزيز مصالحها"، أكد المحلل السياسي الأردني أن منظومة المصالح المشتركة ستدفع الجميع للخروج بالعراق من مأزقه الحالي، فلا يمكن أن تستقر المنطقة دون عراق مستقر آمن.
تنامي دور داعش
وبدوره، اعتبر وزير الخارجية المصري الأسبق محمد العرابي، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، أن الدعم السياسي والمعنوي الذي أتاحه مؤتمر بغداد 2 سيقلل من المخاطر التي تواجه العراق في المرحلة الحالية.
وقال: "تظهر الحاجة الماسة لعقد مؤتمر بغداد إلى تنامي دور تنظيم داعش من جديد، والتأثير الإيراني الكبير على العراق والمنطقة، وهي عوامل تنامت في الفترة الأخيرة وأضرت بالأمن العراقي".
وأضاف وزير الخارجية المصري الأسبق أن "إيران كانت أكثر نشاطا مؤخرا في المنطقة العربية، لذا نأمل الاتفاق لاحقا على رؤية إقليمية دولية تتمسك باستقلال وسيادة العراق على كافة أراضيه، وفي نفس الوقت رفض التدخل الإقليمي الخارجي في الشؤون الداخلية للعراق والدول العربية".
وشارك في النسخة الثانية من المؤتمر عدد من القادة وممثلون عن دول عربية عدة، بينها السعودية والإمارات ومصر وقطر والبحرين والكويت وعمان وإيران وتركيا إلى جانب فرنسا والدولة المنظمة الأردن، وسفراء دول الاتحاد الأوروبي.
aXA6IDMuMTUuNi4xNDAg جزيرة ام اند امز