لقد فتحت الحرب الروسية الأوكرانية الباب على مصراعيه للنقاش حول مآلات هذه الأزمة العالمية، وخصوصاً في الأوساط العربية على مستوى النخبة السياسية والعامة، كون مصطلح الحرب العالمية الثالثة يتم تداوله بشدة هذه الأيام.
وقد برزت الكثير من المواقف العربية الواضحة على مستوى الحكومات داخل أروقة الأمم المتحدة حيال ما يجري في الأزمة الأوكرانية، حين جرى التصويت لصالح وقف العمليات العسكرية بين البلدين على الفور.
لكن في مقابل ذلك، بدأت ملامح وساطة عربية غير مستغربة تلوح بالأفق، حين بادر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين و نظيره الأوكراني فلادومير زيلينسكي بالاتصال بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي عبر لهما عن استعداد الرياض، لتدشين جهود الوساطة بين كييف و موسكو في ظل احتدام العمليات العسكرية.
وهنا تبرز أهمية منطقة الخليج العربي، التي شرع قادة العالم بالتوافد إليها و الاتصال بقادتها، لاسيما السعودية والإمارات، كونهما حجر الأساس في منظومة الأمن العربي، و يحظيان بمكانة مهمة على المستوى السياسي والاقتصادي عالمياً، و يتمتعان بتحالفات وشراكات بناءة عابرة للحدود، بغية تحقيق مصالح الشعبين السعودي والإماراتي، فضلاً عن الدول العربية والخليجية منها بالذات.
و لعل الدول العربية لم تتأثر بشكل مباشر حتى الآن نتيجة ما يجري شرقي أوروبا، لكن إمدادات الطاقة، و استراتيجية تحالف أوبك و أوبك بلس مع روسيا، و بوجود الرياض وأبوظبي، تجعلان أي استحقاق عالمي مرتقب، مرتبطاً وبشكل ملحوظ بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
ودعت مصر الجامعة العربية إلى عقد اجتماع يبحث مآلات الحرب الروسية الأوكرانية و ارتباطها بالعالم العربي، فالدول العربية شريكة للغرب والشرق، و لديها مصالح خارجية مهمة مع كل من روسيا و أوكرانيا، ناهيك عن الصين و أمريكا و دول الاتحاد الأوروبي.
ومسألة الوقوف على الحياد عربياً، تعطي زخماً كبيراً لأي تحرك إيجابي منتظر للكتلة العربية داخل الأروقة الدولية، والعرب يعرفون بأن الغرب أخطأ في معالجة مخاوف روسيا الأمنية، لكن ذلك لا يبرر العمليات العسكرية والحرب بين روسيا وأوكرانيا.
وتحاول إسرائيل جارة العرب وحليفة الغرب وروسيا، لعب دور الوسيط "لتأجيل ساعة الخيار المكلف"، لكن موقعها الطبيعي مع الغرب وعلاقاتها مع روسيا، أدت لقيام رئيس وزرائها نفتالي بينت، بجولة مكوكية بين موسكو و برلين، بدعم من واشنطن وباريس كما قال.
و السؤال الحقيقي الآن، على لسان العرب المتابعين ليوميات هذه الحرب وغيرهم في الشرق والغرب هو: ماذا بعد أوكرانيا؟ وماذا سيجري إذا سقطت العاصمة الأوكرانية كييف؟ فالمدنيون وقود أي حرب، ولا وجود لحرب قليلة الدسم، و العرب بدورهم ملوا من الهروب من الحروب والدمار الذي لحق ببلدان مهمة مثل سوريا والعراق و لبنان واليمن، التي تعبث بأمنها مليشيات مسلحة إرهابية .
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة