خلال التحركات السياسية الإثيوبية في الأعوام 2015 -2017، ظهر العديد من الأسماء الحركية المختلفة في أقاليم إثيوبيا المختلفة وكان قوامها الشباب الإثيوبي ضد الحكومة في تلك الفترة تحت مطالب عدة.
ومن تلك المسميات ظهرت مسميات مثل الفانو والقيرو ودوكحينا وغيرها من الأسماء التي يعتبر جزء منها مازال موجودا وآخر انتهي به في غياهب النسيان.
وخلال الحرب في إقليم تيغراي التي اندلعت في العام نوفمبر من 2020، كان ظهور ما يسمى بمجموعات "الفانو" المسلحة، والتي انحدرت من إقليم أمهرة، وهي مجموعات مسلحة تضم مليشيات ومجموعات من الشفتة، وكانت تتحرك في مختلف المناطق وعلى الشريط الحدودي بين إثيوبيا والسودان خلال فترة الحكومات الإثيوبية المختلفة من وقت لآخر.
قامت تلك المجموعات الشعبية بدعم القوات الحكومية خلال حربها في إقليم تيغراي التي استمرت لعامين، ومارست خلال تلك الفترة أبشع الانتهاكات في المنطقة، مما خلف سمعة سيئة لإثيوبيا.
وسرعان ما انقلبت على القوات الحكومية خلال فترة انسحاب الجيش الإثيوبي من مناطق عدة من إقليم تيغراي في العام 2021، ومناطق مقاطعات "ولو" في أمهرة، وظلت عقبة كبيرة تقف أمام تحركات القوات الحكومية، مما حدا برئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أن يتهمها في أحد تصريحاته أمام البرلمان في العام 2022، بأنها كانت تقوم بسرقة الأسلحة من القوات الحكومية في منطقة "ولو"، وتعتدي على أفراد من الجيش الإثيوبي، وأن أغلب الأسلحة الحديثة التي استوردتها الحكومة الإثيوبية لتسليح القوات الحكومية، وجدت في أيدي تلك المجموعات في إقليم أمهرة.
وكانت تلك التصريحات لآبي أحمد أول الخلافات والعداء بين الحكومة الإثيوبية ومجموعات فانو المسلحة في إقليم أمهرة بشمال إثيوبيا، التي أعلنت بعد ذلك بشهور ، وخاصة بعد توقيع اتفاقية السلام الإثيوبية بين الحكومة ومقاتلي جبهة تحرير تيغراي، تمردها الكامل على الحكومة، وبدأت عملياتها العسكرية المسلحة في مناطق عدة من إقليم أمهرة وصلت لمراحل متقدمة خلال العام الحالي.
استطاعت تلك المجموعات المسلحة "الفانو" التي مكنت نفسها خلال السنوات الماضية مستغلة اندلاع الحرب في إقليم تيغراي وجزء من مناطق إقليم أوروميا، بتوفير السلاح لمقاتليها واستقطاب دعم شعبي كبير في إقليم أمهرة، تحت حجج وشعارات أن القومية مستهدفة من الحكومة ومن قوميات أخرى في البلاد.
وعلى الرغم من التحركات الحكومية ضد عناصر تلك المجموعات في مناطق أمهرة، والقيام باعتقالات عدة وسط قياداتها الشابة "زمني كاسا، وإسكندر نقا، وغيرهما"، ومقاتليها في الميادين المختلفة، وتنفيذ سلسلة من العمليات إلا أنها تزداد قوة من وقت لآخر.
وازداد الزخم الخاص بها بعد أن انضم لها عدد من السياسيين لمسارها، وتشكلت مجموعات وائتلافات وكيانات عديدة تضم أفرادا يؤمنون بأهداف ومبادئ الفانو، والذين لم تتوقف مطالبهم على حقوق سياسية فقط بل هناك مطالب عدة يطالبون بها، بعضها غير واضح المسار.
باتت تلك المجموعات مهددة لاستقرار البلاد وأمنها، وتحركاتها تتسع ما بين إقليم تيغراي وأوروميا والأراضي السودانية، مهددة بنسف اتفاقية السلام الإثيوبية التي حققت العديد من المكاسب للبلاد، على الرغم من انتقادها من مختلف القوى الأخرى داخليا.
ويتوسع نشاط المجموعة من وقت لآخر في كافة أرجاء البلاد الشمالية، وتحرك قياداتها المختلفة التي قسمت نفسها لقطاعات بحسب كل منطقة في إقليم أمهرة، معرقلة حركة المواطنين والتنمية في بعض المناطق.
مجموعات الفانو التي كانت بالأمس أكبر داعم للقوات الحكومية خلال حربها في إقليم تيغراي، باتت اليوم حجر عثرة أمام تحرك القوات الحكومية، التي تعمل علي فرض الاستقرار والأمن في البلاد، وخاصة بعد أن أعلنت الحكومة عملية دمج وتسريح القوات الخاصة في الأقاليم وتسريح المليشيات المختلفة وجمع السلاح الذي انتشر بكثرة بعد حرب تيغراي، وللفانو نصيب كبير من هذا السلاح.
صراع الفانو والقوات الحكومية خلّف أضرارا كبيرة في أجزاء من البلاد، بالرغم من أن هذه المعارك ظلت طي الكتمان في أغلب التحركات التي تقوم بها القوات الحكومية في إقليم أمهرة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة