رئيس وزراء أرمينيا باشينيان.. صحفي انكسر قلمه مرة واحدة
قبل ثلاث سنوات ونصف السنة، حمل الأرمن نيكول باشينيان على الأكتاف كبطل؛ حين قاد احتجاجات سلمية أطاحت بالنخبة الحاكمة القديمة.
وبالشرعية الشعبية، أصبح باشينيان رئيسا للوزراء في مايو/أيار 2018، في خضم انتفاضة ضدّ فساد النخبة التي حكمت البلاد منذ الانفصال عن الاتحاد السوفيتي.
لكن الصحفي المناضل، ذاق مرّ الهزيمة الخريف الماضي، في حرب دامت أسابيع مع الجارة أذربيجان، ما جعل شعبيته في الحضيض، واضطره لإعلان استقالته، وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة، في استفتاء على شرعيته.
واتهمت المعارضة باشينيان بالخيانة منذ قبوله اتفاق السلام الذي أفضى إلى خسارة أرمينيا أمام أذربيجان في إقليم ناغورني قره باغ.
وتفاقم الغضب الشعبي ضد السياسي الأرمني حين أعفى في شباط/فبراير عدد من المسؤولين العسكريين اتهمهم بالتخطيط لانقلاب.
مغامرة الانتخابات
بعد أن وجد نفسه في قلب أزمة سياسية إثر مطالبة الجيش له بالاستقالة في خطوة قال إنها "محاولة انقلاب عسكري"، أراد أن يختبر شعبيته في انتخابات برلمانية مبكرة، دعا لها هو بنفسه.
الدخول في انتخابات مبكرة كان بالنسبة لباشينيان مغامرة ضرورية؛ لتخفيف الأزمة السياسية التي تعصف بالبلد الواقع في القوقاز.
واصل رئيس الوزراء القادم من ساحات النضال، لعقود خلت ممارسة مهامه كرئيس للوزراء؛ متعهدا بأنه في حال أعيد انتخابه، سيواصل الخدمة، أو سيمرر السلطة، في حال الهزيمة.
بيد أن صناديق الاقتراع حملت إلى الصحفي الأرمني أخبارا سارّة حيث حقق حزب "العقد المدني" برئاسته فوزا ساحقا؛ بحسب ما أعلنت لجنة الانتخابات اليوم الإثنين.
وفاز باشينيان بالغالبية في الانتخابات التشريعية المبكرة التي أُجريت أمس الأحد؛ حيث حصل على حوالى 53,9% من الأصوات، بعد فرز كل بطاقات الاقتراع، ما سيسمح له بتشكيل حكومة جديدة بمفرده.
من هو باشينيان؟
في سيرته التي تصفحتها "العين الإخبارية" على الإنترنت، ولد الرجل مطلع يونيو/ حزيران عام 1975، واشتغل مبكرا بالصحافة، كمحرر، لكنه استخدم قلمه في طموحه السياسي، ما جرّه إلى الكثير من المتاعب، فعرف السجن لسنتين، وظل مختبئا لفترة طويلة، خوفا من بطش السلطة الحاكمة، في الدولة السوفييتية السابقة.
في مساره الصحفي ترأس تحرير صحيفة "أرمينيا اليومية"، ذات التوجه الليبرالي، وكان محررا في صحيفة "هياكاكان زاماناك"، التي عُرفت بالنقد اللاذع للحكومات المتعاقبة في أرمينيا.
ركب السياسي- الصحفي موجة معارضة الرئيس السابق روبرت كوتشاريان، ولمع نجمه في مقارعة رئيس الوزراء الأسبق سيرج سركسيان، وسخّر قلمه ضد ما تقول المعارضة في ذلك الوقت إنه رئيس حكومة "غير شرعي".
بعد الانتخابات الرئاسية عام 2008، التي دعم فيها باشينيان ليفون تير بيتروسيان، اضطر للاختباء؛ إذ كان مطلوبا حينها للشرطة، بتهم ثقيلة بينها "القتل الجماعي"، لكنه بعد عام خرج من مخبئه، وسلم نفسه، قبل أن يطلق سراحه في عفو عام، بعد أن قضى عامين كسجين سياسي.
انخرط باشينيان في مؤتمر الأرمن الوطني، وكانت فرصة ليصعد نجمه السياسي، ويأخذ مقعده في الجمعية الوطنية نائبا برلمانيا، لأول مرة عام 2012.
نهاية العام الموالي أسس باشينيان مع آخرين منظمة جديدة تحت اسم "العقد المدني"، وهي تجمع سياسي يسعى للإطاحة برئيس الوزراء حينها، وهو ما تطلب خمس سنوات من النضال والصبر.
عام 2018 تزعم باشينيان الاحتجاجات الشهيرة، التي أطاحت برئيس الوزراء سيرج سركسيان، وأجبرت حكومته على الاستقالة.
تولى باشينان رئاسة الوزراء بشرعية ناقصة، بسبب رفض البرلمان تزكيته، لكن الدعم الشعبي كان كافيا ليبقى الرجل في السلطة، معززا صورته كسياسي مقرب من الشعب يرتدي ملابس غير رسمية وقبعة بيسبول في الاحتجاجات للاشتباك مع البدلات الرسمية التي يرتديها أعضاء الحزب الجمهوري الحاكم.
aXA6IDMuMTQ1LjcuMjUzIA== جزيرة ام اند امز