انفجارات مستودعات الأسلحة بالعالم.. وجه مرعب للتغير المناخي
بين قمتي COP27 وCOP28 تقف بعض جيوش العالم عاجزة عن تقديم حلول تحافظ على ترسانة أسلحتها من الوجه المرعب للتغيرات المناخية.
وقبل قمة مؤتمر الأطراف COP28، الذي تستضيفه دولة الإمارات العربية المتحدة، يأمل صناع القرار العسكري في إيجاد حلول لأزمة موجات الحرارة الشديدة الآخذة في الزيادة، وامتداد تأثيرها إلى مكونات الذخائر، خاصة عندما لا يتم تخزين المتفجرات بشكل صحيح.
كان ذلك قبل الساعة الرابعة صباحا بقليل، وتحديدا مع صباح يوم خال من الرياح في يونيو/حزيران 2018، عندما انفجر مستودع الأسلحة في إقليم كردستان العراق.
انفجار أدى إلى إضاءة سماء المنطقة فجرا لمسافة كيلومترات وسط إطلاق عشوائي للصواريخ والرصاص وقذائف المدفعية في كل اتجاه، حينها قال المسؤولون إنه لم يقتل أحد.
لكن ما بدا مؤكدا أنه لولا وقوع الانفجارات في الساعات الأولى من اليوم لكان عدد القتلى مروعا.
بعد مرور عام، انفجرت ترسانة أخرى في الإقليم نفسه أيضا، مما أدى إلى تدمير ملايين الدولارات من الذخيرة التي تم جمعها خلال القتال ضد داعش.
أعقب ذلك انفجاران مماثلان حول بغداد بعد أسابيع قليلة، مما أسفر عن مقتل وإصابة عشرات الأشخاص، وقبل نهاية الصيف الماضي اشتعلت النيران في ستة مواقع ذخيرة على الأقل في العراق وحده، وفقا لموقع scientificamerican.
سر الانفجارات
في حين أن تفاصيل الانفجارات كانت نادرة، اتفق المحققون على أن معظم الحوادث تشترك في موضوع واحد وهو الطقس الحار، حيث جاء كل انفجار في خضم صيف عراقي طويل حارق، عندما تجاوزت درجات الحرارة بشكل روتيني 45 درجة مئوية.
حينها تصاعدت موجات الحرارة القوية، وهو ما دفع خبراء للتأكيد أن المتفجرات لا تستطيع الصمود أمام هذه الحرارة الشديدة، إذ يمكن لهذا الطقس إضعاف السلامة الهيكلية للذخيرة، والتسبب في التمدد الحراري للمواد الكيميائية المتفجرة والإضرار بالدروع الواقية.
ونظرًا لأن تغير المناخ يرفع درجات حرارة الصيف ويزيد من عدد وشدة موجاتها في جميع أنحاء العالم، يحذر خبراء الأسلحة من المزيد من مثل هذه الانفجارات غير المخطط لها في مواقع الذخائر، خاصة في الأماكن التي كانت غارقة بالفعل في الصراع أو لديها إدارة سيئة للمخزون أو كلاهما.
ويؤجج هذا المزيج القوي موجة الدمار والموت التي دفعت سكان المناطق العسكرية بشدة إلى حافة الهاوية.
غياب الإحصاءات
لا توجد مجموعة شاملة من الإحصاءات التي تغطي على وجه التحديد مثل هذه التفجيرات المرتبطة بالحرارة، لأسباب ليس أقلها أنها تقتل في كثير من الأحيان أي شهود قريبين وتدمر الأدلة، مما يجعل من الصعب تحديد سبب هذه الأحداث بالضبط.
ولكن باستخدام بيانات من مسح نفذه مشروع لمراقبة الأسلحة، مقره جنيف، يشير التحليل إلى أن احتمال زيادة الانفجارات غير المخطط لها في مواقع الذخيرة بنسبة 60% تقريبا بين أواخر أبريل/نيسان ومنتصف سبتمبر/أيلول من كل عام.
وتظهر هذه البيانات أيضا أن حوالي 25% من كوارث المستودعات تمر دون تفسير، حيث يُعتقد أن الخمس الآخر مرتبط بالظروف البيئية مما يشير إلى أن الحرارة قد تكون بالفعل أحد أسبابها الرئيسية، وفقًا للعشرات من خبراء الأسلحة والمسؤولين العسكريين.
وأمام ذلك، اتجهت دول لتصميم معظم الذخائر لتحمل الحرارة الشديدة ولكن على المدى القصير نسبيًا، فإذا تعرضت الذخيرة لدرجات حرارة ورطوبة قصوى لفترة كافية، فقد تصبح غير مستقرة وقد تجرد نفسها.
على سبيل المثال، أخشاب الألغام المضادة للأفراد تتعفن، ويمكن أن يتحطم المطاط والبلاستيك في المناجم تحت ضوء الشمس القاسي. وبدون مراقبة منتظمة يمكن للمواد المتفجرة الساخنة داخل الذخيرة أن تشق طريقها عبر الأختام ومقابس الحشو وهي أضعف نقاط غلاف القذيفة.
ويذوب الفسفور الأبيض في سائل عند 44 درجة مئوية ويمكن أن يكسر الغلاف الخارجي للذخيرة عندما يتمدد ويتقلص مع درجة الحرارة. وعندما تتسرب المتفجرات، يتفاعل بعضها مع الشوائب في الهواء لتكوين بلورات متطايرة بشكل خطير على السطح الخارجي يمكن أن تنفجر بالاحتكاك أو الحركة.
أخطر الأسلحة
قذائف الهاون والصواريخ وقذائف المدفعية معرضة بدورها للخطر بشكل خاص، لأنها تعمل بالوقود الذي يجعلها عرضة للتعرض لدرجات حرارة مرتفعة.
كما أن المثبتات الكيميائية تمنع الاشتعال الذاتي، ولكن لكل زيادة بمقدار خمس درجات مئوية فوق درجة حرارة التخزين المثالية يستنفد عامل التثبيت بمعامل 1.7، ويتسارع هذا النضوب إذا تعرضت الذخائر لتقلب كبير في درجة الحرارة على مدار اليوم.
في نهاية المطاف، لم يعد هناك عامل استقرار محدد، ونتيجة لذلك فإنه في بعض الأحيان لم يعد هناك المزيد من مواقع الذخيرة.
تختلف التوقعات المناخية عبر مناطق عدة لكن درجات الحرارة الأكثر سخونة في بعض المناطق قد ترتفع بما يصل إلى سبع درجات مئوية بحلول عام 2100، وفقا لدراسة أجريت عام 2016 في مجلة Climatic Change.
ووجدت دراسة أجريت عام 2015 أن المدن الساحلية في الشرق الأوسط ستشهد ارتفاعًا في الأحداث ذات الحرارة المرتفعة والرطوبة العالية، وحددت هذه الاتجاهات إمكانية المزيد من الانفجارات غير المخطط لها في المستقبل.
وعلى الرغم من أن العدد الإجمالي للانفجارات غير المخطط لها يبدو أنه تقلص في العقود الأخيرة، خاصة أنه تم استخدام الأسلحة القديمة في حقبة الحرب الباردة أو إيقاف تشغيلها لكن يبدو أن درجات الحرارة المرتفعة قد قوضت هذا النجاح في السنوات القليلة الماضية.
ومع ذلك، هناك طرق عملية لمعالجة المشكلة، حيث يقول الخبراء إنه من خلال الاحتفاظ بالذخائر في منشآت يتم التحكم في درجة حرارتها مع إبقاء المناطق المحيطة خالية وغيرها من المواد القابلة للاشتعال، يمكن للجيوش التي لديها سجلات أمان ضعيفة أن تقلل من تعرض مستودعاتها لتكثيف الحرارة والظواهر البيئية الأخرى.
وأخيرا تعلمت الهند هذا الدرس في عام 2000، عندما اشتعلت النيران في الأعشاب الطويلة جراء موجة الحر وانتشرت النيران في مخبأ من المتفجرات، مما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص.
aXA6IDE4LjIxNy4xMTguNyA= جزيرة ام اند امز