واشنطن وسباق التسلح.. هل تحيي أوكرانيا دروس الحرب الباردة؟
تقلبات تعيد ترتيب التوازنات العالمية وتفتح المجال لسباق جديد نحو التسلح يفرض على واشنطن الاستفادة من دروس "الحرب الباردة".
ورأى تحليل منشور بمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن الحد من التسلح يحتضر، بينما يعود سباق التسلح إلى الحياة.
وعلى مدار العقدين الماضيين، انهارت الركائز الأساسية لنظام الحد من التسلح للقوى العظمى الذي تم وضعه خلال الحرب الباردة، واحدة تلو الأخرى، من ذلك معاهدة الصواريخ المضادة للباليستية، واتفاقية القوات المسلحة التقليدية في أوروبا، ومعاهدة القوى النووية متوسطة المدى، ومعاهدة السماوات المفتوحة.
واعتبر التحليل أن أهمية اتفاقية أمريكية روسية لازالت قائمة، "نيو ستارت"، قد تصبح ضحية الحرب التي يشنها الرئيس فلاديمير بوتين في أوكرانيا، وفي الوقت نفسه، تعزز الصين قواها التقليدية والنووية في إطار جهودها لتحقيق الهيمنة في المحيط الهادئ وخارجه، وحول العالم، تعد التكنولوجيا الناشئة بتقدم كبير في القوة العسكرية.
وبهذا أصبح العالم مستعدا لسباق التسلح؛ العالم الذي يشهد احتدام التوترات، وهناك قيود أقل على أنواع وكمية الأسلحة التي يمكن لقوة عظمى استخدامها. وسيحفل هذا العالم الجديد، في الواقع، بتحديات تذكر بحقبة سابقة من التنافس.
تجنب الكارثة
ولتجنب وقوع كارثة، بحسب التحليل، يجب على الولايات المتحدة أن تتعلم من جديد ما تعلمته خلال الحرب الباردة، أي كيف تسابق جيدا في التسلح.
وذكر التحليل أن سباقات التسلح – التي يتنافس فيها خصمان أو أكثر لتأمين توازن عسكري ملائم – لها سمعة سيئة؛ وفي أحسن الأحوال، ينظر إليها باعتبارها تكديسا طائشا للأسلحة أو نتاجا لمجمع عسكري صناعي شرير، وفي أسوأ الأحوال، كسبب رئيسي للتوترات المتصاعدة والحرب الكارثية
لكن يعتبر الحفاظ على توازن مؤات للقوى ضد خصم عدواني أفضل وسيلة لردع الحرب، وليس التحريض عليها.
وعلاوة على ذلك، يعتبر سباق التسلح تفاعل استراتيجي عميق يمكن تشكيله من خلال الاستثمارات الذكية وإمالته لصالح المرء بمرور الوقت. أما سباق التسلح، فلا ينظر إليه على أنه بديل لسباق التسلح، بل كعنصر حيوي باستراتيجية لتحقيق ميزة تنافسية.
واليوم، بحسب التحليل، لدى الولايات المتحدة فرصة للنمو وسط الخصومات العسكرية المتصاعدة – لكن سيتطلب فعل ذلك من واشنطن إعادة تعريف نفسها بفن سباق التسلح.
ورأى التحليل أن سباقات التسلح أبدية، لكن أصبح المصطلح شائعا في بداية القرن العشرين، وخلقت التكنولوجيا الجديدة، مثل البارجات المدرعة والطائرات، إمكانية لتحولات سريعة في التوازن العسكري.
وأدى اشتداد التوترات بين القوى العظمى إلى جعل البحث عن التفوق العسكري أكثر إلحاحا. وخلال العقود التي سبقت الحرب العالمية الأولى، على سبيل المثال، لعبت المنافسة بين بريطانيا وألمانيا الناشئة دورًا في السابق المحتدم لبناء أفضل وأكثر البارجات.
أبعاد مرعبة
ولفت التحليل إلى نضوج الفهم لسباق التسلح حقا خلال الحرب الباردة، مع ظهور الأسلحة النووية والدراسات الاستراتيجية، مشيرًا إلى أنه سرعان ما اتخذت المنافسة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي أبعادا مرعبة.
ففيما حصلت موسكو وواشنطن على القدرة على تدمير الحضارة البشرية بالأسلحة النووية، أصبح "سباق التسلح" مصطلحا للازدراء.
وغالبا ما كان ينظر إلى سباق الأسلحة النووية على أنه ممارسة عبثية، وتذكر كيف يمكن أن يتسبب البحث عن الأمن في انعدام الأمن الوجودي بدلًا منه.
وكانت اتفاقيات الحد من التسلح التي شهدتها فترة السبعينيات وما بعدها، جزئيا، محاولة لتقليص هذا الانعدام الأمني من خلال وضع حد للترسانات النووية للقوى العظمى وتقييد تلك القدرات التي اعتبرت مزعزعة للاستقرار، مثل أنظمة الدفاع الصاروخي.
وطبقًا للتحليل، تراجع استعداد واشنطن لسباق التسلح بعد انتهاء الحرب الباردة؛ حيث امتلكت الولايات المتحدة مثل هذه الهيمنة العسكرية لدرجة لم تكن بحاجة لاستراتيجية خلاقة أو إبداعية.
لكن انتهى هامش الأمان السخي الآن، مما يعني أنه يتعين على واشنطن إتقان نظام قديم من جديد.
وكانت الحرب الروسية على أوكرانيا بمثابة ذروة تعزيزات القوى النووية والتقليدية التي استمرت عقدين من الزمان، والتي تستهدف تمكين موسكو من قصف جيرنها بينما تستخدم التهديد بالتصعيد النووي لإبعاد الولايات المتحدة.
ورأى التحليل أن أداء الجيش الروسي ربما كان سيئًا في أوكرانيا، لكن قدراته التقليدية والنووية - مقترنة بسلوك بوتين العدواني على نحو متزايد - ستهدد حلف شمال الأطلسي (الناتو) لسنوات.
aXA6IDMuMTUuMjExLjcxIA==
جزيرة ام اند امز