سجل قطر بليبيا.. إجرام مخابراتي وبكاء أمام العالم
مندوب قطر زعم أمام مجلس حقوق الإنسان، الإثنين، أن بلاده "تشعر ببالغ القلق" إزاء تدهور حالة حقوق الإنسان والأوضاع الأمنية في ليبيا.
دعم تنظيم الإخوان في ليبيا بالمال والسلاح لتكوين مليشيات توازي الجيش الوطني، نقل المرتزقة لدائرة الصراع والمعارك في ليبيا، توفير معسكرات لتدريب الإرهابيين، سجل حافل للدور القطري المشبوه في ليبيا.
هذا السجل الحافل ليس كافيا ليستحي مندوب الدوحة الدائم بالأمم المتحدة في جنيف، قبل أن يعبر عن قلق بلاده البالغ إزاء ما وصفته قطر بـ"تدهور حالة حقوق الإنسان والأوضاع الأمنية والاقتصادية والإنسانية" في ليبيا.
تلك الأوضاع التي تحدثت عنها قطر ساهمت هي نفسها في خلقها، بما توفره للإرهابيين من كل المقومات للوقوف في وجه الجيش الليبي، والسعي عبر كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة في إطالة عمر جماعة الإخوان ووكيلها في ليبيا فايز السراج رئيس ما يعرف بحكومة الوفاق الوطني.
مرارا أكد المتحدث باسم الجيش الليبي، اللواء أحمد المسماري: "نضع معلوماتنا حول الدعم والتمويل القطري للإرهابيين أمام المجتمع الدولي".
تصريحات المسماري المتكررة، ليست الدليل الوحيد على الدور القطري المشبوه الذي جاء مبكرًا، بدعم تشكيل المليشيات المسلحة الإخوانية داخل الأراضي الليبية لتكون بديلا عن الجيش والشرطة.
الاستخبارات القطرية في طبرق
بحسب مصدر استخباراتي، استقرت بفندق المسيرة بطبرق في 17 مارس/آذار 2011، مجموعات قطرية بالتوازي مع مجموعة أخرى وصلت إلى بنغازي، تضمنت العميد القطري حمد الكبيسي، والعقيد علي المانع، والعميد بحري عبدالله البرداني، ويعمل بالمخابرات القطرية، والعميد عبدالله الفهد مسؤول توريد الأسلحة، والعقيد علي المناعي، وهو الذي حل فيما بعد محل الكبيسي في قيادة المجموعة القطرية بليبيا، إلى جانب عدد من الضباط من أصل يمني كانوا يعملون لصالح الاستخبارات القطرية.
ويقول المصدر، الذي فضل عدم نشر اسمه، إن المجموعة المخابراتية اتخذت من عملها في إصلاح مطار طبرق العسكري غطاء للحديث مع الليبيين من عناصر الأمن والجيش السابقين.
ودفعت تلك المجموعة آلاف الدولارات لتشكيل مجموعة (كتيبة 17 فبراير) لحماية طبرق من هجوم محتمل تم الترويج له إخوانيا، بزعم أن أرتالاً عسكرية كبيرة تابعة للرئيس السابق معمر القذافي تتقدم في طريق أجدابيا-طبرق الصحراوي، وتنوي سحق الثوار وقامت المجموعة القطرية تحت هذا الزعم وبدعوى مساندة الثوار بزرع أجهزة تنصت أعلى الفندق.
السلاح إلى بنغازي
بالتوازي، كانت مجموعة قطرية أخرى بينها ناصر عبدالعزيز المناعي وجاسم عبدالله المحمود، إضافة إلى عبدالرحمن الكواري الذي كان يتمركز في السودان مع ضباط قطريين آخرين، منهم ناصر الكعبي ومحمد شريدة الكعبي، وصلت إلى بنغازي، للإشراف على دخول الأسلحة المتوسطة والصواريخ الحرارية المحمولة "ميلانو" عبر الجو والبحر.
وبعد أسابيع قليلة من بدء دخول السلاح إلى بنغازي -تحت إشراف وتمويل قطر- بدأ تدفق أعداد كبيرة من المتطرفين لتدريبهم وتشكيل كتائب أطلق عليها سرايا تجمع الثوار، وهي مليشيات ضمت مئات المتطرفين، كما نصبت قطر القيادي الإخواني فوزي بوكتف قائداً لها عبر ترشيحات ودعم من علي الصلابي المقيم في قطر.
وفي يوليو من العام 2019، كُشفت وثيقة مسربة تحمل تاريخ 29 سبتمبر/أيلول 2013، صادرة من مكتب مساعد وزير الخارجية القطري موجهة إلى رئيسه خالد العطية وزير الخارجية آنذاك، وتفيد بإتمام تحويل مبالغ مالية لأعضاء الجماعة الإرهابية في ليبيا بالصك رقم (9250444) ، إلى قيادات حزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة الإخوان الإرهابية في ليبيا، وتم سحب الصك من قبل محمد صوان رئيس حزب العدالة والبناء الغطاء السياسي للجماعة الإرهابية.
الدعم القطري المشبوه تم توزيعه على 19 من أعضاء الجماعة الإرهابية (الذين كانوا يشغلون مناصب مهمة في المؤتمر الوطني العام وقتها، وما زالوا يشغلون مناصب هامة الآن في حكومة الوفاق) على رأسهم خالد المشري، الذي يترأس مجلس الدولة الحالي في ليبيا، ونائبه منصور الحصادي، والقيادي الإخواني نزار كعوان وعبدالرحمن الديباني.
وجاءت الوثيقة المذكورة (المسربة) ردا على خطاب سري وعاجل من العطية موجه لمساعده الهاجري، ويحمل رقم 21245 بسرعة تخصيص وإرسال مبلغ 250 ألف دولار لصالح قيادات الجماعة الإرهابية.
نقل الأموال والأسلحة عبر السفن والطائرات
في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، قال فريق دولي لتقصي الحقائق إنه وثق في مذكرة حقوقية في مدينة لاهاي بهولندا، انتهاكات قطرية تخالف قرار مجلس الأمن رقم 1373، ولجنة مكافحة الإرهاب الدولية المنبثقة عنه، والذي يلزم جميع الدول بمنع وقمع تمويل الأعمال الإرهابية، والامتناع عن تقديم أي شكل من أشكال الدعم الصريح أو الضمني إلى الكيانات أو الأشخاص الضالعين في أعمال إرهابية.
وحسب المذكرة، فإن قطر مستمرة في انتهاك القرار منفردة، إضافة إلى تعاونها الثنائي القطري-التركي، ونقل أموال وأسلحة عبر السفن والطائرات، وتسليمها إلى المليشيات الإرهابية التي تقوّض القانون والأمن في البلاد.
وبحسب الفريق الدولي لتقصي الحقائق، فإنه يجري تجهيز عمل توثيقي شامل، يرصد مجمل الانتهاكات القطرية للقانون الدولي في ليبيا منذ عام 2011 وحتى عام 2019.
وفي الشهر نفسه، تقدم الحقوقي الليبي سراج سالم التاورغي، بشكوى إلى المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان ضد ما يصفه بـ"مثلث الشر" في ليبيا، في إشارة إلى حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج وقطر وتركيا، تتهم الثلاثي بدعم المليشيات الإرهابية.
واتهم الحقوقي "مثلث الشر" بارتكاب جرائم إرهابية ضد الشعب الليبي، بما يمهد لوضع ملف انتهاكاته على مائدة الاتحاد الأفريقي.
قطر وتركيا عرابا الخراب
وفي أحدث تدخل من دويلة قطر لتأجيج الأزمة الليبية وإطالة أمد الصراع فيها، زار وزير الدفاع القطري خالد العطية ونظيره التركي في أغسطس/آب الماضي طرابلس، واجتمعا مع رئيس ما يسمى بالمجلس الرئاسي الإخواني فايز السراج، لتحويل ميناء مصراتة إلى قاعدة بحرية تركية.
كما نص الاتفاق الثلاثي على إرسال الدوحة مستشارين عسكريين لتدريب الميليشيات والمرتزقة ومساعدتهم في قتال الجيش الوطني الليبي، تحت ذريعة "بناء المؤسسة العسكرية".
هؤلاء المرتزقة والإرهابيون الذين قاموا بالعديد من الهجمات ضد الشعب الليبي، بالوكالة عن تركيا وقطر، بحسب المسماري، الذي أكد استمرار نقل إرهابيين من معسكرات في الصومال إلى مصراتة بدعم وتمويل قطري.
هذه الجرائم التي يرتكبها الموالون للدوحة التي لم تصدر أي بيان يدينها ولم تغض الطرف يومًا عن التدخل في الشأن الليبي، فيما تستخف بالمجتمع الدولي وتطالب اليوم في مشهد هزلي بمحاسبة جميع المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان.
تلك الانتهاكات التي تتم بالتنسيق مع تركيا ووكيلهم الحصري في ليبيا ميليشيا الوفاق التي يقودها فايز السراج، الذي كان في رحلة حج أمس إلى تركيا، في زيارة فسرها المراقبون بأنها رسالة لمؤتمر برلين الذي يعقد اليوم تفيد باستمرار الدعم التركي لحكومة السراج الإخوانية وبقاء أردوغان مرشدا للتنظيم الإرهابي.
وتأكيدًا لذلك، كشفت مصادر أمنية ليبية لـ"العين الإخبارية" أن الإخواني خالد المشري رئيس ما يعرف بـ"مجلس الدولة" الاستشاري في طرابلس أجرى محادثة هاتفية مطولة، مساء الأحد، مع أمير قطر تميم بن حمد.
وتناولت المكالمة مستقبل تنظيم الإخوان الإرهابي وطرق الضغط على الاجتماع الوزاري لدفع الدول المعنية بالشأن الليبي للالتزام بمخرجات مؤتمر برلين، الذي يعقد مساء اليوم الإثنين، للحفاظ على مكاسب التنظيم وأدواته المليشياوية في الداخل الليبي.
وأخيرا يتوقع تأكيد المؤتمر على خارطة الطريق للحل المتمثلة في سلطة رئاسية مؤقتة وحكومة منفصلة ومسار دستوري ينتهي بانتخابات عامة.