1- أصاب التضييق النقيب أشرف زكي. ضربت العدوى الجميع. حتى كبيرهم لم يَسْلم. تفشَّى الوباء وكان ما كان.. ومركز التفكير لم يعد كما كان.
ترك الفيروس أثره في النظر فرأوا ما شُبّه لهم. عاد المخ إلى ما قبل الخامسة يتلمس طريقه نحو اليابسة. وما هي إلا سجّادة هائمة على مياه نهر عائمة. لا أرضية صُلبة.. لا مفهوم.. لا أبعاد.
2
وجد نقيبُهم وزُمرتُه في شركة خاصة حلا لإبعاد الصحافيين من جنازاتهم، ليُبعد- بحسب فهمه- "المتطفلين منهم والمتطفلات".
ألم يكن الراحل/ة نجمًا مشهورًا يبتسم للعدسات وجمهوره العريض يحفظ جُمله ويرددها في شكل عبارات ليخرج هو للكاميرات نفسها ويشكر الله على النجاح ويرفع يده إلى السماوات ثم يتحدث عن الكواليس الأكثر من ممتازة والمحبة التي سيطرت أثناء التحضيرات؟
في التكريمات يهتم كبيرُهم وحاشيتُه بالكاميرات، وليلا يتحدثون عن الإنسان وحق الحياة ومساحة الحريات.. بأي شيزوفرينيا تتحدثون أيها النجوم والنجمات؟!
عن الحق في الحياة أم عن خصوصية سعيتم لكسرها منذ مراهقتكم لتُرفع صورُكم على الملصقات؟
ألم تصيبونا بصداع شُهرتِكم وأنتم تتحدثون عن التطور في دور العرض الأوروبية والأمريكية وكل القارات، وتتحسرون على القضايا المهمة التي لا تناقشونها هنا رغم كثرتها حول العالم في السينمات؟
ألا تعقدون مقارناتٍ دائمةً بين حرية التعبير هنا وهناك؟ ألا تتحدثون دومًا عن حق الفن في التصريح والمناقشة وأن القُبْلة ليستْ قُبلة والحِضن ليس حِضنًا بل هي "مشاهد تمثيل تتضمن بعض العبارات".. هل تختارون ما تختارون وتتركون ما تتركون ونكون لكم أتباعًا مُنصتين، بما يستهويكم راضين؟
3
كبيرُهم الذي علَّمهم في المعهد هو نفسه مَن سجلت العدسات صورته ساجدًا على المسرح بعد تكريمه، وهي نفسها العدسات، التي سجّلت بكاء شقيقته وزوجته في المناسبة نفسها، لكن المدهش أنه لم يطلب إبعاد المصورين من تسجيل اللحظة، التي أراها Over Acting كما تحكمون في بعض مشاهدكم، لكنني لن أتدخل هنا في ضمير أحد.
لا أتحدث هنا عن تصوير أي جثمان، بل الرفض لا تشكيك فيه ولا عصيان، لكن وجوب التأريخ للحظة رحيل رمز فني من أهم الضرورات، والعدسات هي من تسجّل مسيرتكم عندما ننشط ذاكرة جمهوركم بذكرى ميلادكم ووفاتكم، وأهم القضايا التي تعرضتم لها في أعمالكم. الصور والفيديوهات هي خير ذاكرة لأجيال لم يحالفْها الحظ بمعاصرتكم.
في أوروبا والولايات المتحدة، التي بأعمالها وجرأتها ومواضيعها تقارنون، يقف الصحافيون لتسجيل كل خطوة لزملائكم على الشواطئ وفي المطاعم وفي حدائقهم الخاصة و-غرفهم الخاصة- وأنتم تعلمون.
4
لا يجوز أن تختاروا من الشاة ما تهوى أنفسكم وتشجبون ما هو عليها ضامر، وعفوا للصدمة الحضارية الإنسانية الديمقراطية، التي أقرّتها مفاهيم الشهرة حول العالم ولا تستوعبونها.
لقد اخترتم الشهرة وهرولتم إليها ووصلتم إلى ما تبغون، ودونها لن تعيشوا لحظة لتكونوا بالحياة فرحين، فلتتركوا لنا تفاصيل أعمالنا نحددها ونضع شروطها لأنفسنا فيما بيننا، سواء اتفقنا أم اختلفنا على تطبيقها، فهو أمر ليس لكم فيه شأن.
لا حياة خاصة لكم ما دمتم تحت الأضواء، أنتم شخصيات عامة إنْ كنتم لا تدركون، ليس لكم حرية اختيار ما تسجل الكاميرات وما لا تسجل ما دمتم بالفن تعملون وبالشهرة تعيشون، وسنكون على تصرفاتكم رقباء.. أبى من أبى وشاء من شاء.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة