أسمرا وأبوظبي وجدة.. محطات على طريق فوز آبي أحمد بـ"نوبل للسلام"
الصلح بين إثيوبيا وإريتريا ضربة قاصمة للمشاريع الفوضوية بمنطقة القرن الأفريقي الاستراتيجية
مثّلت لحظة الإعلان عن فوز رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بجائزة نوبل للسلام نهاية لمسار انطلق من العاصمة الإريترية أسمرا مرورا بأبوظبي وجدة، حيث جرت مراسم توقيع اتفاقية سلام وضعت حدا لصراع تاريخي في القرن الأفريقي امتد لعقدين من الزمان.
حصاد لم يكن مستغربا على رجل رفع شعار "لغة الحوار ونشر السلام".. منذ أن تولى مقاليد الحكم في إثيوبيا التي عانت خلال عقود من عدم الاستقرار وتوتر في العلاقات مع دول الجوار.
وتولى آبي أحمد السلطة في بلاده أبريل/نيسان 2018، وقدّم خلال خطاب القسم الذي ألقاه في البرلمان اعتذاره إلى المواطنين الذين تعرضوا للأذى خلال الاضطرابات السياسية الأخيرة التي شهدتها أديس أبابا، كما مد يده للمعارضة السياسية في الداخل والخارج ولإريتريا الخصم التاريخي لبلاده.
محطة أسمرا
وفي 8 يوليو/تموز 2018، قرر آبي أحمد التوجه إلى العاصمة الإريترية أسمرا، في أول زيارة تاريخية له لإعادة العلاقات بين البلدين، وفي التاسع من الشهر ذاته، تم الإعلان رسميا إنهاء عداء استمر 20 عاما منذ اندلاع الحرب بينهما على حدود متنازع عليها عام 1998.
وفي 9 يوليو/تموز 2018 وقع كل من رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد والرئيس الإريتري أسياس أفورقي في العاصمة الإريترية أسمرا "إعلان المصالحة والصداقة"، تم بموجبه إنهاء أطول عداء في أفريقيا وفتح سفارتي الدولتين في البلدين وتطوير الموانئ واستئناف رحلات الطيران.
وقد أعاد رئيس الوزراء الإثيوبي، في سبتمبر/أيلول، يرافقه الرئيس الإريتري، افتتاح سفارة بلاده بالعاصمة الإريترية أسمرا، بعد نحو 20 عاما من الإغلاق منذ اندلاع الحرب بينهما في عام 1998.
وأعادت إريتريا افتتاح سفارتها بإثيوبيا في يوليو/تموز الماضي، خلال زيارة الرئيس الإريتري التاريخية لإثيوبيا.
وفي 14 أكتوبر/تشرين الأول 2018، وصل الرئيس الإريتري إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في زيارة رسمية استغرقت يومين، وكانت الزيارة الثانية بعد إنهاء البلدين خلافاتهما في يوليو2018 ، بحث خلالها علاقات الصداقة بين البلدين وتفاهمات حول مزيد من السلام بينهما.
محطة أبوظبي
في يوليو/تموز 2018، استضافت الإمارات الرئيس الإريتري أسياس أفورقي ورئيس الوزراء الإثيوبي، في قصر الرئاسة بأبوظبي، حيث وقّع الجانبان اتفاق سلام تاريخيا بينهما.
وعقد أفورقي وآبي أحمد قمة ثلاثية تاريخية في أبوظبي مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بعد أيام قلائل من توقيع اتفاقية المصالحة بينهما.
ومثلت قمة أبوظبي الثلاثية التي جمع فيها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الرئيس الإريتري ورئيس الوزراء الإثيوبي، حدثاً مفصلياً يؤرخ لنجاح الدبلوماسية الإماراتية في التوصل للمصالحة التاريخية بين البلدين، بعد قطيعة استمرت عقدين من الزمان.
وجاء الاجتماع الثلاثي في أبوظبي لتشدد الإمارات، في ختامه، على دعمها "اتفاقية السلام بين البلدين من منطلق الحرص على علاقات دولية صحيحة، في إطار حسن الجوار واحترام القوانين والمواثيق الدولية".
كما يؤكد نجاح الإمارات، الذي بات دورها محط تقدير عالمي، قدرتها على تقديم المزيد للعالم، والتأثير الإيجابي وإرساء الاستقرار والسلام في المحيطين الإقليمي والدولي.
وتكريما لجهودهما في إنهاء الصراع والخلافات بين بلديهما؛ منح رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، على هامش الزيارة، أفورقي وآبي أحمد "وسام زايد"، الذي يعد أعلى وسام تمنحه دولة الإمارات لملوك ورؤساء وقادة الدول.
وتعد العلاقات الإماراتية الإثيوبية متينة ومتجذرة، وتشهد تطورا ملحوظا في مختلف الأصعدة، وتوجت أواصر الصداقة والأخوة والمصالح المشتركة العلاقات بين البلدين، إضافة إلى الرغبة الصادقة لقيادات البلدين في التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك.
محطة السعودية
في 16 يوليو/تموز 2018 أيضا، وقع رئيس إريتريا ورئيس وزراء إثيوبيا اتفاقية سلام بين البلدين عرفت بـ"اتفاقية جدة للسلام"، وعقب ذلك، منح خادم الحرمين الشريفين الرئيس الإريتري ورئيس الوزراء الإثيوبي قلادة الملك عبدالعزيز.
وحضر مراسم التوقيع أنطونيو جوتيريس الأمين العام للأمم المتحدة، والشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي.
وقال أنطونيو جوتيريس إن اتفاق السلام بين إثيوبيا وإريتريا حدث تاريخي، مشيرا إلى أن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز لعب دورا مهما في توقيع اتفاق السلام الإثيوبي الإريتري، لافتا إلى أن هناك "رياح أمل تهب في أفريقيا".
وقال متابعون وسياسيون وقتها إن الصلح بين البلدين ضربة قاصمة من السعودية والإمارات للمشاريع الفوضوية بالمنطقة، مشيرين إلى أن هذا السلام سيمهد شرق أفريقيا ومنطقة القرن الأفريقي لإجهاض مخططات إيران وتركيا وقطر لتهديد الأمن القومي العربي وتهديد التجارة العالمية والعمل على زعزعة الاستقرار في منطقة الخليج.
وأنهت المملكة والإمارات عشرين عاما من الخلافات والقطيعة بين إثيوبيا وإريتريا، بعد رعايتهما عملية السلام بين أديس أبابا وأسمرا، لا سيما مع بوادر الإصلاح السياسي التي أطلقها آبي أحمد، والتفهم الإريتري لمساعي السلام والوئام لجارتها الأفريقية.
aXA6IDMuMTM1LjIwNS4yMzEg
جزيرة ام اند امز