«اغتيال العاروري».. هل ينصب نتنياهو الفخ؟
بدت عملية اغتيال صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بمعقل حزب الله اللبناني في بيروت دعوة من أجل التصعيد.
واتفق مراقبون وخبراء تحدثوا لـ"العين الإخبارية" على أن إسرائيل كانت تدرك أنها بصدد تجاوز خط أحمر في إطار قواعد الاشتباك المستقرة مع حزب الله منذ 2006.
وأعلنت حركة حماس أمس الثلاثاء مقتل 6 أشخاص بينهم قياديان بكتائب القسام، الجناح العسكري للحركة، رفقة صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي، في ضربة "إسرائيلية" بلبنان.
ورغم أن إسرائيل لم تعلن رسميا مسؤوليتها عن اغتيال العاروري فإن قادتها سبق أن تعهدوا باستهداف قادة حماس في الخارج.
صراع إقليمي
وفي قراءته لحادث اغتيال العاروري وتداعياته، قال اللواء محمد عبد الواحد خبير الأمن القومي المصري في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن إسرائيل تسعى إلى جر "حزب الله" إلى الحرب، وتوسيع العمليات العسكرية في الإقليم، شرط أن تدعمها الولايات المتحدة عسكريا.
ويعتقد مراقبون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المأزوم داخليا نصب فخا عبر عملية اغتيال العاروري فحزب الله بات أمام خيارين إما الذهاب إلى رد عسكري واسع النطاق قد يستدعي حربا مفتوحة، وإما البقاء تحت سقف قواعد الاشتباك وابتلاع كسرها إسرائيليا.
ورأى عبد الواحد أن إسرائيل تحاول أن تشتت انتباه الرأي العام العالمي، بعيدا عن إخفاقاتها في قطاع غزة، ونقل الصراع ليكون صراعا إقليميا، وتورط الولايات المتحدة.
وكانت الولايات المتحدة قد دفعت حاملة طائرات إلى شرق المتوسط قائلة إنها تستهدف ردع حزب الله عن التدخل في الصراع بين حماس وإسرائيل.
وفشل الجيش الإسرائيلي في تحقيق الأهداف المعلنة للحرب على غزة وأبرزها تقويض حركة حماس وإطلاق سراح الرهائن.
وأشار خبير الأمن القومي المصري إلى أن "الولايات المتحدة كانت حريصة منذ البداية على عدم الدخول في حرب إقليمية موسعة، وعدم استفزاز إيران، لكن إسرائيل تصر على ذلك، بما يهدد بالاقتراب من حالة فوضى إقليمية".
واعتبر عبدالواحد أن اغتيال العاروري بالضاحية الجنوبية ببيروت، هو اختراق للسيادة اللبنانية، متوقعا ردا من إيران عبر أذرعها المسلحة سواء حزب الله، أو الحوثي، أو الميليشيات في العراق وسوريا.
تطور نوعي
من جانبه، وصف الخبير الاستراتيجي اللبناني والعميد المتقاعد ريشار داغر، في حديث لـ"العين الإخبارية"، عملية اغتيال القيادي في حماس صالح العاروري عبر مسيرة إسرائيلية، بأنه "تطور نوعي" في مسار المواجهة بين إسرائيل وحزب الله.
لكن داغر رأى أن "ذلك لا يعني أننا أمام مشهد يؤدي إلى تطور الوضع بشكل أكبر من سقف المواجهة المتفق عليه بشكل غير مباشر للصراع بين القوى الثلاث التي تتولى السيطرة العملياتية والاستراتيجية للوضع في الشرق الأوسط، وهي إيران وإسرائيل والولايات المتحدة".
وأشار في هذا الصدد إلى أن السقف الاستراتيجي الذي تتقاطع عليه مواقف القوى الثلاث هو عدم توسيع رقعة الصراع خارج الأراضي الفلسطينية، وخارج غزة، أو تمددها، وأضاف قائلا: "لا أعتقد أن ذلك واردا في هذه المرحلة على الأقل".
ونبه الخبير الاستراتيجي اللبناني، في الوقت نفسه، إلى أن ذلك لا يعني أن اغتيال العاروري سوف يمر مرور الكرام دون رد، إلا أنه سيكون ردا مدروسا وتحت السقف الاستراتيجي الأعلى المتمثل بعدم توسيع رقعة الصراع خارج فلسطين.
ويتساءل: "أين سيكون هذا الرد؟ ومتى؟ وكيف؟ .. سيبقى ذلك رهنا بالظروف وبالفرص التي يمكن أن تتاح أمام وكلاء إيران بالمنطقة"، على حد تعبيره.
لن يمر دون عقاب
وأكد حزب الله في بيان الثلاثاء، أن الحادث الذي وقع في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، "اعتداء خطير على لبنان وشعبه وأمنه وسيادته ومقاومته، وتطورًا خطيرًا في مسار الحرب بين العدو ومحور المقاومة".
وإزاء ذلك، أكد الحزب أن الحادث "لن يمرّ أبدًا من دون رد وعقاب (..) وأنّ هذا اليوم المشهود له ما بعده من أيام".
وأعلنت مصادر إسرائيلية رفع حالة التأهب بشكل كبير على الحدود الإسرائيلية اللبنانية تحسبا لرد من حزب الله.
وأشارت المصادر الإسرائيلية إلى أن العاروري كان من المقرر أن يلتقي غدا مع الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله.
فيما أكدت الخارجية الإيرانية، في بيان، الثلاثاء، أن اغتيال صالح العاروري، "سيزيد دون شك دافع المقاومة لقتال إسرائيل".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني: "دماء العاروري ستشعل بلا شك طفرة جذوة المقاومة ودافعها لقتال المحتلين، ليس في فلسطين فحسب، وإنما في المنطقة أيضا وبين جميع الباحثين عن الحرية في العالم".
حرب استهداف القيادات
من جهته، رأى الدكتور بشير عبد الفتاح، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ومقره القاهرة، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، أن "حادث (اغتيال العاروري)، يعكس تحولا مهما بالاستراتيجية الإسرائيلية في التعامل مع حماس وحزب الله، عبر إطلاق حرب استهداف القيادات، لا سيما عقب إخفاق حربها في المواجهات المباشرة والتقليدية ضد حماس.
وأوضح أن "إسرائيل تسعى لتحقيق إنجاز ما تقدمه للشارع الإسرائيلي بديلا عن الإخفاقات في غزة".
وذهب رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، في بيان اليوم، أن "الانفجار الذي وقع في منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت جريمة إسرائيلية جديدة تهدف إلى إدخال لبنان في مرحلة جديدة من المواجهات بعد الاعتداءات اليومية المستمرة في الجنوب"، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء اللبنانية.
واستطرد: هذا الانفجار هو حكما توريط للبنان، ورد واضح على المساعي التي نقوم بها لإبعاد شبح الحرب الدائرة في غزة عن لبنان، محذرا من لجوء المستوى السياسي الإسرائيلي إلى تصدير إخفاقاته في غزة نحو الحدود الجنوبية لفرض وقائع وقواعد اشتباك جديدة".
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد تعهد بسحق حماس وقادتها بالداخل والخارج بعد هجومها في 7 أكتوبر/تشرين الأول في جنوب إسرائيل الذي قتلت فيه 1140 شخصا وأخذت 240 رهينة إلى غزة.
ودمرت القوات الإسرائيلية جزءا كبيرا من قطاع غزة في هجومها المستمر منذ ثلاثة أشهر، مشددا على أن "تحقيق النصر سيستغرق شهورا".