دمج التلاميذ الأجانب.. أزمة اجتماعية وتعليمية في النمسا
النمسا تضم 6300 طفل لاجئ لا يمضون اليوم الدراسي مع أقرانهم النمساويين في مدارسهم، بل يضطرون للانخراط في صفوف منفصلة
تنقسم الآراء في النمسا حول الصفوف الخاصة بالأطفال الأجانب الذين لا يتكلّمون اللغة الألمانية، إذ يرى فريق أنها تزيد من عزلة الوافدين الجدد، فيما يؤيد قطاع كبير وجود هذه الفصول.
وتضم البلاد 6300 طفل لاجئ لا يمضون اليوم الدراسي مع أقرانهم النمساويين في مدارسهم، بل يضطرون للانخراط في صفوف منفصلة لتعلّم اللغة الألمانية.
وكانت الصفوف الخاصة للأطفال الذين لا يتكلّمون الألمانية أحد المشاريع الأساسية لائتلاف المحافظين واليمين المتطرّف الذي تولّى السلطة من ديسمبر/كانون الأول 2017 حتى مايو/أيار الماضي.
وحالياً، تؤيد الحكومة النمساوية عبر الفريق الوزاري الجديد الذي يترأسه المستشار سيباستيان كورتز، تدابير تقضي بإدماج الأطفال اللاجئين.
ويقول وزير التعليم المحافظ، هاينز فاسمن، إن "هذه الإجراءات هي وسيلة لتفادي الإقصاء الكلي للأطفال غير القادرين على متابعة تعليمهم بسبب نقص المهارات اللغوية لديهم".
في مدرسة "فلبيجرجاسه"، في حي ميسور في العاصمة فيينا، تتنقل المعلمة كاترين بامينجر صباحاً بين الصفوف لأخذ أكثر من 20 تلميذاً، تتراوح أعمارهم بين 6 و10 سنوات، ويتوزّعون على مستويات تعليمية مختلفة في هذه المدرسة الابتدائية.
يومياً، تنقل المعلمة الأطفال، وأغلبهم من أصول أفغانية وبنغالية ومجرية وصربية، إلى صالة مزيّنة في الطابق الأرضي، ومن خلال النشاطات التعليمية المسلية تحاول جذب انتباههم لتعليمهم.
تقول المعلمة: "على مدار 3 ساعات، عليّ تعليم الأطفال قواعد اللغة لكي يتمكّنوا من فهم ماذا يُقال لهم ولإجادة الحديث".
أحد هؤلاء الأطفال فتى يمني يدعى عبدالرحمن يبلغ من العمر 8 سنوات، يضطر لمتابعة صفوف منفصلة لتعلّم اللغة الألمانية بعد رسوبه في اختبار اللغة.
يشرح عبدالرحمن، الذي وصل إلى النمسا في يوليو/تموز الماضي، بلغة ألمانية متعثرة: "أتعلم كتابة اسمي وكذلك الكلمات المناسبة".
ومع انتهاء الفترة الصباحية، يعود التلاميذ إلى صفوفهم الأصلية، إذ يمضون ساعة إلى ساعتين في تعلّم المواد الأخرى مثل التاريخ والرياضيات، إذ إن الحصص الدراسية تنتهي عند مطلع بعد الظهر في هذا البلد.
ولن يتمكّن الأطفال من مغادرة صفوف اللغة الألمانية نهائياً قبل خضوعهم لاختبار والنجاح فيه، وعلى الأرجح لن يحصل ذلك قبل فصلين دراسيين.
وواجهت النمسا تدفّق أكثر من 180 ألفاً و440 طالب لجوء منذ 5 سنوات بلغ ذروته مع أزمة الهجرة في 2015، وكانت بحاجة لإدارة الاندماج السريع للشباب اللاجئين.
كذلك، يجذب اقتصاد النمسا البالغ عدد سكانها 8.8 مليون نسمة، الكثير من العمّال من أوروبا الشرقية.
تقول مديرة المدرسة بيترا ريفاي شوارتز إن "المدرسين مرتاحون منذ بداية العام الدراسي، لأنهم غير مضطرين للاهتمام بوافدين جدد".
وتشير إلى أن اختلاط كل التلاميذ، بغض النظر عن مستواهم في اللغة الألمانية، لا يشكّل أي عائق أمام تعلّمهم، بل على العكس "سيتقدمون بسرعة في حال تفاعلوا مع تلاميذ نمساويين".
إلى ذلك، تضيف المعلمة كاترين بامينجر أن هؤلاء الأطفال القاصرين "تائهون ومشرذمون بين مجموعتين في بداية دراستهم".
وعندما اعتمدت الحكومة هذه الآلية، انهالت الانتقادات عليها من نقابة المعلّمين إلى المعارضة اليسارية.
وخلال النقاش البرلماني، رأى أستاذ الألسنية السابق في جامعة فيينا، هانز يورجن كروم، أن "هذه تدابير فصل وليس دمجاً".
ويرى البعض أن أهداف هذه المبادرة انتخابية بامتياز، كونها تردّ على مخاوف بعض أهالي التلاميذ من تراجع مستوى الصفوف التعليمية بسبب التلاميذ الأجانب، خاصة بعدما أوضح استطلاع للرأي في عام 2018 أن أكثر من 80% من الأشخاص المستطلعين يفضّلون الصفوف المنفصلة.