ثقافة
الأدب الإماراتي باللغة الروسية.. تواصل الروح رغم التباعد الجغرافي
مبدعون إماراتيون يتحدثون لـ"العين الإخبارية" عن ترجمة أعمالهم إلى اللغة الروسية، وتأثير ذلك على التبادل الثقافي والأدبي بين البلدين
على الرغم من البعد الجغرافي بين المنطقة العربية وروسيا فإن الذائقة الأدبية والفنية عبرت ذلك البعد، وقاربت بين ذواقة الأدب والفنون من المنطقتين، فنهل الأدباء والمثقفون العرب من الأدب الروسي وفنونه عبر حركة الترجمة التي نشطت كثيرا في كلا الاتجاهين، من العربية للروسية والعكس.
وطالما كَنّ الأدباء العرب الحب للشاعر الروسي الشهير ألكسندر بوشكين، ليس لروح الفروسية عنده بل لتأثره بالثقافتين العربية والإسلامية وتحديداً القرآن الكريم، حيث كتب قصيدتين شهيرتين هما "محاكاة القرآن" عام 1824 و"الرسول" عام 1826، كما سحرت ليالي ألف ليلة وليلة لب بوشكين وهام عشقاً بالقصائد التي كتبها الشاعر البريطاني اللورد بايرون عن الشرق.
وصلنا الأدب الروسي منذ ثلاثينيات القرن الماضي، من خلال ترجمة رواية مكسيم غوركي"الأم" التي جسدت الواقعية الاجتماعية، وتأثر كتاب معروفون أمثال القاص محمود طاهر لاشين، والروائي السعودي عبدالرحمن منيف بالأدب الروسي مباشرة، أما الأديب الروسي الشهير ليو تولستوي فظهر تأثره بالثقافة العربية، من خلال تأليفه كتابا أسماه "حكم النبي محمد"، رداً على جماعات المبشرين في قازان الذين صوروا الدين الإسلامي على غير حقيقته.
ظل الأدباء العرب يحلمون أن تصل رواياتهم إلى روسيا ليكتمل التلاقح الفكري بين اللغتين العربية والروسية، وهذا ما لم يتحقق بشكل كبير إلا بعد ما بادرت "هيئة الكتاب للترجمة" في الشارقة إلى ترجمة بعض الأعمال الأدبية من قصة ورواية وأدب أطفال وكتب اجتماعية أخرى إلى الروسية، وشاركت بها في معرض موسكو الدولي للكتاب في دورته الـ32 عندما تُوجّت الشارقة كأول ضيف عربي متميز.
حمل الوفد الذي زار هذا المعرض مؤخراً نحو 59 مؤلفاً مترجماً إلى اللغة الروسية لنخبة من الكتاب الإماراتيين والعرب، كهدية للقراء الروس.
اتساع قاعدة الجمهور
ناصر الظاهري.. تُرجمت قصصه إلى الروسية، وكانت علامات الفرح بادية على وجهه، وهو يعرض غلاف كتابه باللغة الروسية على زوار معرض موسكو للكتاب. يقول "إنها ليست المرة الأولى التي تُترجم فيها أعمالي إلى الروسية، إذ سبقت الترجمة الحالية لقصصي ترجمة أولى قام بها المترجم والمستشرق الروسي الكبير د.فلاديمير شاغال، ومعهد الاستشراق الروسي العريق في منتصف التسعينيات".
ويضيف "تعتبر الترجمة إلى الروسية في غاية الأهمية، لأن قراءها كثيرون، وهي سائدة كلغة ثقافة وأدب، ليس في روسيا فقط ولكن في كل منظومة الاتحاد السوفيتي السابق من جمهوريات آسيا الوسطى، والكتلة الشرقية من أوروبا، كما أن الشعب الروسي بارع ومهتم بالثقافة والآداب، ونحن طالما نهلنا من الأدب الروسي عن طريق الترجمة"، مبديا فخره واعتزازه وتقديره إلى جهود الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، المتنور والمثقف والريادي في العمل الثقافي والإنساني.
الذائقة الروسية
الشاعرة الإمارتية خلود المعلا فضلت أن تقدم إلى الترجمة الروسية مختارات من قصائدها إلى القارئ الروسي. تقول "(الطريق التي تأخذني) التي صدرت بالروسية عبارة عن قصائد مختارة تتضمن ٣٧ قصيدة اخترتها من دواويني الستة للمشاركة بها في مبادرة هيئة الكتاب للترجمة، وهي ترجمت حتى الآن لعدة لغات صدر منها مؤخرا النسخة الروسية التي عرضت في جناح هيئة الشارقة للكتاب في معرض موسكو".
وتتابع قائلة "أن تكون قصائدي مترجمة إلى الروسية، لغة تولستوي وبوشكين، فهذا مقلق على اعتبار أن القصائد لن تصل القارئ بمفرداتها الأصلية، وأن الترجمة كثيرا ما تغير بعض ملامح النص الأصلي، خصوصا حين يتعلق الموضوع بالقصيدة والشعر".
وترى المعلا أن القراء الروس يملكون ذوقاً خاصاً، فهم تربوا على تولستوي وغوغول وغيرهما من كبار المبدعين، فالإبداع يحتل منزلة كبرى في هذا البلد، لذا من الطبيعي أن تبدي قلقها من ترجمة أعمالها، إلا أن ذلك القلق يتبدد حين ترى زائرا روسيا يتصفح النسخة المترجمة ويأخذ وقته قبل أن يقدم على اقتنائها.
دافع للإبداع
"محكمة الحيوان" للباحث الإماراتي محمد بن جرش، أحد الكتب التي ترجمتها "هيئة الكتاب" بالشارقة إلى الروسية، وهو ينتمي إلى أدب الأطفال. يقول بن جرش "حلم أي كاتب أن يرى عمله الأدبي منشوراً بعد جهد وعناء، وتكتمل الفرحة عندما تهتم المؤسسات الثقافية بما ينتجه المبدع الإماراتي وتسلط الضوء عليه عبر القنوات الإعلامية المقروءة والمرئية، وتأتي ترجمة العمل الأدبي إلى الروسية كنوع من الدافع للكاتب كي يواصل إبداعه ويستمر في تطوير ذاته".
aXA6IDE4LjExNy43NS41MyA= جزيرة ام اند امز US