بدايةً، نحن كُلنا مسلمون ولله والحمد ونحب ديننا الإسلامي وتعاليمه وعقيدتنا السمحة، لكن المشكلة التي حدثت لأمتنا منذُ ظهور الجماعات الإسلامية والأحزاب السياسية والتي تنتهج السلوك السياسي بغطاء ديني في كافة الدول العربية
بدايةً، نحن كُلنا مسلمون ولله والحمد ونحب ديننا الإسلامي وتعاليمه وعقيدتنا السمحة، لكن المشكلة التي حدثت لأمتنا منذُ ظهور الجماعات الإسلامية والأحزاب السياسية والتي تنتهج السلوك السياسي بغطاء ديني في كافة الدول العربية، أثارت العديد من التساؤلات حول طبيعة هذه الحركات وكيف حوّلت دين التسامح إلى دين عُنف، ولماذا تطوّرت وما أسباب نجاحها وأساليبها في التجنيد، والجهود العربية في مواجهاتها ودلالات المراجعات التي قامت بها ، وهل هي هزيمة أم صحوة مفاجئة؟ وغيرها من التساؤلات التي أحاول أن أوضحها في هذا المقال حسب وجهة نظري.
كما لا يخفى على الجميع بأن هذه الجماعات هي جماعات تستقطب الشعوب وتناهض الأنظمة وتعمل ضد المصالح الكبرى للأمة، حيث إن هذه المصالح تحفظ للشعوب كرامتها ودينها وتماسكها وقوتها ودولتها ونظامها، لذلك عملت الجماعات ومنها جماعة الإخوان المسلمين منذ بداية ظهورها عام ١٩٢٨م بتأسيسها في مصر على أمل عودة الخلافة الإسلامية بعد ضعفها في تركيا، فالفكرة من الأساس هي تركية وتم زرعها في مصر بقيادات مصرية ومنهم حسن البنا مؤسسها ومرشدها ذلكم الحين.
التطرف والإقصاء والترهيب والتخوين والتخويف والتشكيك الذي تنتهجه هذه الجماعات بات غير مقبول، ويجب على الجميع الوقوف في وجه مخططاتهم ومواجهة سلوكهم الخطير والتحذير من طرقهم التي تورد المهالك
كما أن جماعة الإخوان المسلمين هي الرحم الأم لكل الجماعات الطامعة في السلطة باسم الدين، والمتابع لأفراد هذه الجماعة الإرهابية يلاحظ كيف أنهم لا يوجد لديهم فهم عميق ومتجذر عن التاريخ ومجريات الأحداث، حيث إنها جماعات هدم وليستْ جماعات بناء.. وهذا ما أثبته التاريخ منذُ ٨٦ سنة منذ إنشاء هذه الجماعة الأصولية الخطيرة، ففهمهم عاطفي غير قانوني وغير علمي خاصة فيما يتعلق بالشريعة وتطبيقاتها التنفيذية الصحيحة، حيث لبست عباءة الدين ورداء الإسلام وسماحة الدين وطيبة الشعوب وقلة وعي الشعوب في السياسة، وهذه الجماعات وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين هي في الأصل والأساس وقاعدتها وهدفها محاربة واستعداء الدين والشعوب والوصول لاحقاً للسلطة واستلام زمام الأمور حتى تحكم الشعوب عبر خداعهم بكفر الأنظمة للاستفراد في القرار، ومتى ما تمكنت هذه الجماعات من أي مجتمع حلّ فيه التخلف والخراب وانتشر الإجرام والإرهاب وضعف المجتمع وضعفت الدولة، ولا يخفى على المُطلع لتاريخ وسلوك والفكر السياسي لهذه الجماعات المعادية بأنها تُشجع كل ما هو غير قانوني وغير طبيعي ومعاكسة لكل الكون.
ولذلك فإن التطرف والإقصاء والترهيب والتخوين والتخويف والتشكيك الذي تنتهجه هذه الجماعات منذُ تلك السنين بات غير مقبول، ويجب على الجميع بأن لا يخضع لهم ولا لسلوكهم الخطير والمؤذي وغير العقلاني ولا المنطقي وأن يتم الحذر من طرقهم التي تورد المهالك، وهذه الجماعات مزيج وخليط ديني وفهم شرعي غير صحيح؛ بحيث إنها تلبس عباءة السلفي القديم فوق بدلة التنظيم الإخواني الحديث، فنتج عنه خلطة متفجرة مستعصية وخطيرة وغير معقولة ومخيفة وغير مقبولة للعقل والمنطق، وتوهم المنتمي لها بحيازة الدنيا والدين، والأصالة والمعاصرة والحداثة والتنوير، حيث إن المنهج الإخواني مزروع في الحقل السلفي.
وتعتبر حركة الإخوان المسلمون من بين أخبث الحركات الإسلاموية المنظمة وأخطرها على الإطلاق من ناحية الأيدولوجيات والثقافة والتوجيه الفكري والمعنوي والمالي والتطلعات للسلطة، والتي تم تأسيسها في العام ١٩٣٣م في باريس بما يُسمَّى بـ اتحاد المنظمات الإسلامية
(UOIF)، والتي تُعتبر فرعا من الاتحاد الأوروبي للمنظمات الإسلامية، ومقره لندن، وهو تاريخ المرحلة التي حَدَث فيها الصدام بين حركة النهضة الإخوانية والحكومة التونسية، مما اضطر الإخوان المسلمين إلى الهجرة الجماعية إلى دول أوروبا، وخاصة باريس ولندن وروما ومدريد .
لذلك تجدهم دائماً لديهم شعارات كثيرة وتكون تارةً بعبارة "عودة الخلافة" وتارة أُخرى بعبارة "الإسلام هو الحل" ويتم تنشئة الأجيال وإعدادهم لهذا التوجه وصولاً إلى مبتغاهم في قلب أنظمة الحُكم وهو الهدف الذي يرمون له كما حصل في ما يُسمى بـ "لربيع العربي" وهو بالأصل خريف وكارثة على الأمة، إذ هم ليسوا جماعات تدعو للدين ولا للشريعة وإنما هدفهم السياسة والسلطة. ولكنهم يوهمون المتلقي بأن هدفهم الدين ويرددون مصطلحات شرعية لإلهاب شعور الجماهير والشعوب واستقطابهم حتى يتمكنوا من العقل الباطن لهم والتأثير وتوجيههم وصناعة هالة إعلامية، يتم من خلالها التأثير على الشعوب لكي تكره الحكومات والأنظمة والواقع التي تعيش فيه وتنشر الجهل والشك والتراجع التنموي والعلمي والثقافي وتسطيح العلم ومحاربة المفكرين والمثقفين ونشر ثقافة الكآبة.
ولذلك كانت أبرز الظواهر اللافتة في العالم العربي في العقود الثلاثة الأخيرة الماضية هي نشوء وتطوّر ما يُعرف بظاهرة الإسلام السياسي والسرورية التي تعرف بمسمى "الصحوة" في المملكة العربية السعودية والتي تعبّر عنها حركات الإسلام الحركي أو السياسي، وانتشارها وكذلك لجوؤها إلى العنف في كثير من الدول العربية مما أدخلها في صدام مع الأنظمة العربية، لكن في السنوات الأخيرة بدأ دور حركات الإسلام السياسي في التراجع خاصة مع قيام بعضها بإجراء مراجعات ظاهرية فقط وغير حقيقية لأفكارها خاصةً في قضية العنف وتكفير المجتمع والدولة والنظام الحاكم، ولكن لم يتخلوا عن هذا الفكر نهائياً، وحتى الآن فالأثر واضح وجلّي على المجتمع وتوجهاته إلا من رحم الله، حيث تم كشفهم والتحذير منهم بعد الأخطار التي تسببوا فيها .
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة