الواضح أن قطر لم تكن تعي أو تُدرك مَواطن الضعف الذي اعتراها والوهنْ الذي أصابها إلى أن جاءتها قاصمة الظهر في قطع الجميع علاقاته بها
رافقت تسريبات السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة نتائج عكسية لقطر، وأصبح لِزاماً قطع العلاقات معها وتنفيذ ما هو مفروض تنفيذه مُذ إعلانها التمرّد والعصيان وتنكّرها للحمة الخليجية وحرصها على إظهار دور الإرهاب في سياستها، وبذلك تكون قد انحسرت قوى الشر وعادت لعالمها الفوضوي يتيمة، وكانت جميع التحليلات السياسية رُسمت بتعقّل لنهاية قطر أو بالأحرى لبداية نهاياتها، لأن الصدمات المتأخرة والتي ستتفاجأ بها ستجعل من رأس النعامة يُعانق باطن الأرض، فلم تكن السياسة القطرية في تمردها مُبتكرة لقواها التي خارت للحضيض موقع ثقة، فمن عادة الدول الكبرى القوية اتباع سياسة الاستشارة أو على الأقل ادعاء ذلك فمن باب أولى أن تكون هناك حوارات مُستلطفة للجهات الرسمية لكننا لم نجد الردود الإيجابية، بل على العكس تضخمت الأمور وازدادت تعقيداً إلى أن انزلقت في فوهة البركان الذي وضعت نفسها فيه بسبب عنجهيتها المتغطرسة وجاءت بُخبث تُطالب المزيد من التصديق لأكاذيبها الزائفة.
إن دولة الإمارات وبسياستها الداخلية والخارجية تسمو بقرارات صائبة وسليمة لم تتعرّض قط لأي هجوم سافر مثلما تعرضت له من قِبل قطر، وتصريحاتها السافرة التي جعلت منها أُضحوكة عصرها، والواضح أن قطر لم تكن تعي أو تُدرك مَواطن الضعف الذي اعتراها والوهنْ الذي أصابها إلى أن جاءتها قاصمة الظهر في قطع الجميع علاقاته بها، وأصبحت الصورة أكثر قتامة بالنسبة لها.
ما حدث من قطع العلاقات لدولة قطر بمثابة الظلام وقت الظهيرة لدى حكومتها، فما أحدثته من طاؤوسية في الأفعال يجعلها تتعثر في قراراتها وتتخّبط ولم تترك مساحة للتنّفس حتى ألجتمها الدول وأخرستها علانية بإنهاء العلاقات.
الواضح أن قطر لم تكن تعي أو تُدرك مَواطن الضعف الذي اعتراها والوهنْ الذي أصابها إلى أن جاءتها قاصمة الظهر في قطع الجميع علاقاته بها
من الواضح أن الدول التي قطعت العلاقات مع حكومة قطر هي من الدول التي عانت من ويلاتها، وبذلك تمّ صلب كل أعضاء الإرهاب وبترها، جاءت تصريحات تميم واتجهت خطوة للأمام لزرع الفتن بين دول الخليج ببعضها ثم انهارت في لحظة تسارع الردود بما لاحت للجميع الحقيقة المُستترة ودقّ ناقوس الخطر يُنذر بوجود خائن على أرض الخليج والجزيرة ومن شأنه الهيمنة الإيرانية عليه، لكن سرعان ما أُزيلت هذه الدعائم السياسية والتي ارتكزت سياسة قطر عليها وقامت ببثّ الأخبار والصور بُطرق بُدائية وأكثر قتامة، وأرادت فرض نفوذها وسيطرتها بما لا يتناسب مع عُري الحقائق التي كُشفت، لهدف تفكيك الصف العربي.
إن إعلان قطع العلاقات بمثابة تتويج تتصالح فيه الدول بعضها ببعض ولا تُسعّر بالفتنة فيما بينها، وهذا الاتفاق بشأن القطع نموذج للحمة العربية المُتآخية وسط علاقتها ببعض، تُعزّزها القوى الناعمة للتنظيم الناجح في رسم سياسات الدول، وما آلت إليه قطر هو بسبب دعمها الإرهاب وخرقها القوانين الدولية في محاربة الإرهاب، وكانت أهدافها السياسية واضحة للعَيان دون مُواربة لإخفاء الحقيقة المُستترة،إذ كانت إستراتيجية إيران الولوج لقلب الوطن العربي في الخليج واليمن بوجود قوى مساعدة ولمعرفة طبيعة هذه العلاقة تمّ التعاون فيما بينهما في ضرب قوى الخليج، وقوة الخليج العربي تتزايد باستخدامها الحذر ويستتب الأمن من عدالة القضايا المطروحة بحزم وقوة وذكاء، ولو عادت لقطر الذاكرة ستجد أنها كانت تسعى للدمار بيدها فعندما طالبتها الدول بالعُدول والتراجع عمّا هي عليه من خيانات ووضع يدها بيد إيران قامت بالتحديق في عيون العالم مُتفاخرة بما تفعل، وكأن أمن وسلامة الخليج لا يعنيها في شيء، وهذا نداء يُنذر بتخبطها في عثراتها وأن نهاية كل خائن وغادر، وما حدث أفضى للجميع الصورة السياسية التي كانت قطر تنتهجها في إفراطها بالحرب مع الإرهاب والدعم المادي، وضمّها لهذه القوة الإرهابية وتقوية شوكتها في الساحة الخليجية والعربية وراوغت بما يكفي للتنصّل عن مسؤوليتها تجاه التلاحم والتعاون العربي، وها هي تتجرّع السُمّ الذي دستّه في دسائسها في اليمن فأرواح شهدائنا لن تذهب هدرا، وكل قوة تُخالف مبادئ الإنسانية مصيرها الزوال مهما طال الزمن بها أو قصر.
فقرار القطع لم ولن يكون الحُكم النهائي لقضية قطر، بل هناك تبعات شائكة تندرج تحتها مُسميّات ذات صلة باختراقات القوانين الدولية وكثافة الخيانات المُدبرة لتسهيل أعمال الإرهاب والحصول على الفرص السهلة في الوقوف بجانب الجماعات المتطرفة، فلم يتخّذ صُنّاع القرار هذا الحظر إلا بعد أن طفح الكيل وفاحت رائحة الخيانة ومالت بالخداع كفّة المؤامرات للقضاء على أمن الخليج والوطن العربي، وحانت لحظة تعديل الأوضاع بإعادة قوى ميزان الحق والعدالة لترجيحها وإسقاط الباطل والضلال.
في نهاية الأمر ما قُرّر هو سياسة جماعية تبعاً للمصالح العامة وليست مصالح خاصة، ووفقاً للقرارات المُسبق إعلانها والتي تتعلق بنشر الأمن القومي والسلام المنشود بعيداً عن الأفكار المُتطرّفة والجماعات الإرهابية، ولا يسعنا إلاّ أن نقول سمعاً وطاعة لولاة أُمورنا فيما يُقرورن دون التشكيك في جدوى أي قرار أو التخاذل في تنفيذه.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة