رئاسة لبنان تترقب المجهول.. وطرح اسم قائد الجيش
تصاعدت تحركات واتصالات قوى سياسية وكتل نيابية بموازاة جولات مكوكية لعدد من المرشحين للعمل على كسر حالة الجمود الرئاسي.
يأتي ذلك مع استمرار اعتصام عدد من نواب المعارضة داخل قاعة مجلس النواب ودخوله يومه التاسع، للدفع بعقد جلسات مفتوحة لانتخاب الرئيس.
تحركات القوى السياسية تأتي في ظل غياب دعوات رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى عقد جلسة انتخاب رئيس للبلاد، كما جرت العادة كل يوم خميس، ووسط أزمة اقتصادية ومعيشية خانقة مع تدهور كبير في سعر العملة المحلية، ويترافق ذلك مع انقسام حاد في الجسم القضائي على خلفية قضية انفجار مرفأ بيروت.
ولم يتمكن لبنان من عبور فترة الشغور الرئاسي بعد 11 جلسة برلمانية لانتخاب خلف للرئيس المنتهية ولايته ميشال عون الذي رحل عن منصبه بنهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
مفاجأة جنبلاط
وإزاء حالة الجمود ومن أجل فتح فجوة في الجدار الرئاسي السميك، يشهد الاستحقاق جولات مكوكية من قوى سياسية بارزة، علاوة على تحركات للمرشحين للرئاسة والمحتملين على أكثر من جبهة.
وخلال اليومين الماضيين، بادر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط باتجاه كافة القوى السياسية، في محاولة لإيجاد مساحة مشتركة تفادياً للأسوأ.
وعقب لقاء وفد حزب الله منذ أيام تحدثت وسائل إعلام محلية عن لقاء جمع مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، كما اجتمع قبل يومين مع رئيس حزب "الكتائب" النائب سامي الجميل.
وأطل جنبلاط عقب تلك اللقاءات ليعلن موقفا مفاجئا، إذ تحدث عن أن قائد الجيش جوزيف عون، من بين 3 أسماء تحمل تأييده للرئاسة، رغم تصويت كتلته النيابية للنائب ميشال معوض خلال جلسات مجلس النواب الماضية التي عقدت على مدار الشهور الماضية.
"تسوية وطنية"
ونقلت وسائل إعلام محلية عن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي قوله، إنه يقود اتصالات مكثفة مع مختلف القوى السياسية لحل أزمة الانسداد السياسي في انتخابات الرئاسة، موضحا أنه طرح ثلاثة أسماء ليتم التوافق على أحدها للدفع به في الانتخابات بالمجلس النيابي.
وأكد جنبلاط أن الأسماء تشمل قائد الجيش اللبناني الحالي جوزيف عون، ووزير المالية الأسبق جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي وصلاح حنين السياسي والنائب السابق، مؤكدا أنه مستعد لطرح أسماء أخرى من أجل التوافق.
وفي تعقيبه، قال النائب بلال عبدالله عضو تكتل اللقاء الديمقراطي، في حديث لـ"العين الإخبارية" إن "اللقاء يقدم مبادرات حوار ومخارج للأزمة التي تهدد بتحلل البلد"، مضيفا "ننتظر مبادرات وتجاوب وجهوزية الآخرين للتسوية الوطنية". ولم يبادر الخارج حتى الآن بطرح مبادرات جدية وحقيقية لأزمة انتخاب رئيس للبنان.
وبسؤاله عن إمكانية أن يصبح قائد الجيش حلا لأزمة الاستحقاق الرئاسي، أجاب عضو اللقاء الديمقراطي "هذا يعود للقوى السياسية مجتمعة والكتل النيابية، لأن إخراج الخيار بحاجة إلى 86 صوتا نصاب الجلسة".
أفق مسدود
وبشأن تخلي "اللقاء الديمقراطي" عن دعم معوض، أوضح أمين سر كتلة اللقاء الديمقراطي النائب هادي أبوالحسن في حديث إذاعي، اليوم، أن "الهدف من التحرك الذي يقوم به رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي لم يكن إطلاق الرصاصة على ترشيح ميشال معوض"، لافتا إلى أن "لقاء جنبلاط حزب الله كان بداية لكسر الجمود في الملف الرئاسي".
وأوضح أننا "لم نقل أننا خرجنا من ميشال معوض بل قلنا وصلنا إلى أفق مسدود، لذا فلنوسع المروحة ونطرح أسماء مقبولة علّنا نحدث خرقاً بجدار الأزمة".
وأشار إلى أن "الفريق الآخر يعتبر معوض مرشح تحد، وطرحنا 3 أسماء لم يعط حزب الله رأيه فيها بشكل واضح بعد واستشفينا من اللقاء أن مرشحه لا يزال سليمان فرنجية من دون أن يعلن عن ذلك رسمياً".
فرنجية وباسيل
وعلى خط الصرح البطريركي في بكركي، استقبل البطريرك بشارة الراعي قبل يومين رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، وقبله بيوم التقى رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.
وفي رسائله للداخل والخارج الإقليمي، قال فرنجية الذي يحظى بدعم حزب الله، عقب لقاء البطريرك: "أريد أن أكون توافقيا، ونحن أساسيون في مشروع الطائف، وجئت لأستنير برأي البطريرك، من حقي الدستوري أن أترشح لرئاسة الجمهورية".
وفي محاولة لحرق أوراق خصومه للرئاسة، قال رئيس المردة: إن "جبران باسيل لديه أسبابه لرفضي، فالأمور أكبر من قدرته الاستيعابية، وأنا لست ضد قائد الجيش جوزيف عون، ولكن ما مشروعه السياسي؟"، وفقا لتصريحات فرنجيه التي نقلتها وسائل إعلام محلية.
وأردف "إذا وصل النائب ميشال معوض للرئاسة سنتعاون معه، ولكن هذا لا يعني أننا سننتخبه، وسأل: هل معوض مرشح توافقي؟".
كما شدد "فرنجية" على أنه "ليس مرشحا تحدياً، وليس مرشح حزب الله، وأنه لم يعلن أبدا ترشيحه إلا عندما يحصل على الأصوات الكافية لانتخابه رئيسا للجمهورية".
في المقابل، سعى جبران باسيل إلى قطع الطريق أمام "فرنجية"، قائلا من بكركي عقب لقائه مع البطريرك الراعي: إن رئيس تيار المردة يستمد قوته من الثنائي الشيعي، وليس من الكتل المسيحية الكبيرة على غرار التيار الوطني الحر، أو حزب القوات اللبنانية والكتائب، فضلا عن نواب مسيحيين تغييريين ومستقلين قد لا يؤيدون فرنجية، بحسب ما أوردته صحف محلية.
القوات: لن ننتخب رئيسا لا يشبهنا
على خط آخر، بدأ حزب "القوات اللبنانية"، الذي يدعم حتى اللحظة ميشال معوض، اتصالات مكثفة مع الكتل والنواب المستقلين لتجهيز عريضة نيابية تطالب رئيس المجلس نبيه بري بعقد جلسات مفتوحة لانتخاب رئيس الجمهورية.
وقال النائب غسان حاصباني عضو تكتل الجمهورية القوية، في حديث سابق لـ"العين الإخبارية": "سنستكمل خلال الفترة المقبلة توقيعات أعضاء المجلس على عريضة تطالب بعقد جلسات مفتوحة لانتخاب الرئيس، التي سيتم تقديمها في وقت لاحق لرئيس المجلس".
في غضون ذلك، أكد النائب ملحم الرياشي، عضو تكتل الجمهورية القوية، في تصريحات صحفية اليوم "ملف رئاسة الجمهورية معقد ولكن في الوقت نفسه بدأت الأمور تسلك مسار الانحسار باتجاه أسماء معينة قد تكون الحل لمعضلة الرئاسة"، مشيرا إلى أن "معركة الأسماء لا حسم فيها بعد، ولكن الأكيد أننا لن ننتخب رئيسا لا يشبهنا ولن نعمل بعكس قناعاتنا".
وبدا من الجلسات السابقة لانتخاب رئيس الجمهورية بمجلس النواب انقسام نيابي واضح يتوزع بين نحو 44 صوتا لرئيس حركة الاستقلال النائب المرشح ميشال معوض، و44 للورقة البيضاء، فيما لم يحدد النواب الآخرون ومن بينهم المستقلون ونواب قوى التغيير، موقفا واضحا من الاستحقاق الرئاسي.