قصة صفقة.. باجيو يرسخ عداوة فيورنتينا ليوفنتوس
حكايات انتقال اللاعبين بين الأندية تمتلئ بالعديد من القصص المثيرة، علماً بأن سوق التعاقدات أصبح من العلامات الرئيسية في كرة القدم
تعج حكايات صفقات انتقال اللاعبين بين الأندية بالعديد من القصص الغريبة والمثيرة، علما أن سوق التعاقدات أصبح من العلامات الرئيسية في كرة القدم الحديثة.
"العين الرياضية" تستعرض في التقرير التالي، أحد أكثر الصفقات إثارة في تاريخ الكرة الإيطالية، بالنظر إلى السيناريو الذي صاحبها، وهنا الحديث عن المهاجم روبرتو باجيو وانتقاله من فيورنتينا إلى يوفنتوس.
خلفيات العداوة
على الرغم من أن يوفنتوس بفضل نجاحاته وسيطرته على البطولات المحلية، اجتذب مشجعين كثرا ليس فقط من مدينته "تورينو" الواقعة في شمال غرب إيطاليا، ولكن أيضا من أماكن متفرقة، لكن سكان مدينة "فلورنسا" الموجودة في الجزء الشمالي من وسط إيطاليا، قرروا الوفاء لفريق المدينة وهنا الحديث عن فيورنتينا.
المواجهات بين الفريقين ومنذ أول لقاء في الدوري الإيطالي عام 1928، والذي حسمه اليوفي 1-0، استمرت في إطار التنافس الرياضي، حتى جاء موسم 1981-1982، والذي استعاد فيه "الفيولا" أيام العز، وذلك بعد عام واحد فقط على شرائه من قبل رجل الأعمال الشهير حينها، فلافيو بونتيلو.
فيورنتينا، كان هو المنافس الأول ليوفنتوس على لقب الدوري، حتى إن الفريقين وصلا للجولة الأخيرة من المسابقة، وكل فريق يتصارع ولديه 44 نقطة، وهنا تمنت جماهير "فلورنسا" تحقيق اللقب للمرة الثالثة في تاريخ النادي بعدما توج فيورنتينا به عامي 1956 و1969.
في الجولة الأخيرة، فيورنتينا على موعد مع مواجهة كالياري المهدد بالهبوط، وبحاجة إلى حصد نقطة للاستمرار بالدرجة الأولى، فيما كانت مهمة يوفنتوس سهلة، حيث سيلعب ضد كاتانزارو الموجود بالمركز السابع، والذي يلعب بدون أي ضغوط.
بدأت المواجهتان في نفس التوقيت، وإيطاليا كلها تترقب النتائج لمعرفة هوية بطل الكالتشيو، ليحدث ما عرف ما تسميه بعد ذلك جماهير فيورنتينا بواقعة اللقب المسروق.
حكم مواجهة "الفيولا" ضد كالياري يرفض احتساب هدف للفريق، فيما حقق يوفنتوس الانتصار على كاتانزارو بركلة جزاء، شكك كثير في صحتها، ليحسم "البيانكونيري" اللقب للمرة الـ20 في تاريخه.
عقب تتويج اليوفي بهذا اللقب، انفجر الغضب في "فلورنسا"، حتى إن جيانكارلو أنتوجوني صانع ألعاب فيورنتينا بذلك الوقت أطلق تصريحه الشهير: "يوفنتوس سرق اللقب"، وهي العبارة التي قررت الجماهير الاستفادة منها وصياغتها بطريقة مختلفة خلال المواجهات التالية ضد اليوفي، وهي: " أن نكون ثانيا أفضل من أن نكون سارقين".
هذا الموسم كان بمثابة شرارة عداوة فيورنتينا ليوفنتوس، وهو ما ظهر في عام 1990، الذي وصلت فيه الكراهية من جماهير "فلورنسا" لليوفي لأقصى مداها، حيث كانت البداية بفوز يوفنتوس بكأس الاتحاد الأوروبي على حساب "الفيولا" في النهائي بنتيجة 3-1 ذهابا والتعادل سلبيا في الإياب.
مباراة الذهاب شهدت هدفا أشعل شغبا بين جماهير الفريقين في الوقت الذي كانت فيه النتيجة 1-1، وذلك حين سجل بيرلوجي كازياجي هدفا ليوفنتوس اعتبرته جماهير فيورنتينا غير صحيح بسبب ما رأته من قيام لاعب "البيانكونيري" بدفع أحد لاعبي فريق "فلورنسا"، قبل تسجيله الهدف مباشرة.
باجيو يشعل فلورنسا
كل هذه كانت مقدمات في انتظار عاصفة كبرى بطلها روبترو باجيو، والذي كان معشوق جماهير فيورنتينا بعد انتقاله إليه عام 1985 من فيتشنزا مقابل 1.5 مليون دولار.
صحيح أن باجيو لم يقد فيورنتينا لأي لقب، واكتفى بتسجيل 55 هدفا في 136 مباراة مع الفريق، ولكنه كان بنظر الجماهير رمز لهم ولمدينتهم، ومن ثم فإن فكرة انتقاله إلى ما يعتبرونه سارقا لبطولاتهم، غير واردة في أذهانهم.
ولكن ما كان غير وارد في الأذهان يبدو أنه سيحدث، إذ واجهت فلافيو بونتيلو مالك النادي أزمة كبيرة للغاية في صيف 1990، وأصبح مجبرا على التخلي عن جواهر الفريق وفي مقدمتهم باجيو.
في نفس الوقت، كان يوفنتوس يبحث عن خليفة للرقم 10، بعد اعتزال الفرنسي ميشيل بلاتيني عام 1987، وظل يبحث عن ذلك اللاعب لمدة قاربت على الثلاث سنوات.
وحين علمت إدارة اليوفي بوجود باجيو في سوق الانتقالات، قررت استغلال وضعية ناديه، متجاهلة تبعات التعاقد مع لاعب من فريق تكره جماهيره ذكر اسم يوفنتوس.
وبالفعل، قدم يوفنتوس عرضا ماليا كبيرا وصل لـ14 مليون دولار، لتتم الصفقة، ويحصل "البيانكونيري" على توقيع باجيو، ويصبح حينها أغلى لاعب كرة قدم في العالم.
أشعل انتقال باجيو إلى يوفنتوس شوارع مدينة "فلورنسا" وقامت جماهير "الفيولا" بمظاهرات، وصلت إلى مراحل شغب عنيفة، بعدما حاصرت مقر النادي وقامت بإلقاء الطوب وزجاجات المولوتوف على المباني، حتى إن بونتيلو مالك الفريق قرر الهروب والاحتماء بملعب "أرتيميو فرانكي" الذي يستضيف مباريات فيورنتينا.
تسببت أحداث الشغب التي أعقبت انتقال باجيو إلى يوفنتوس في إصابة 50 شخصا، فضلا عن إلقاء الشرطة الإيطالية القبض على 9، وأصبح باجيو في وجهة نظر جماهير فيورنتينا "الخائن".
باجيو، خرج لوسائل الإعلام، وحاول تبرئة نفسه أمام جماهير فيورنتينا، مؤكدا أن النادي يعد جزءا من قلبه، لكنه أجبر على تلك الصفقة، بسبب ظروف النادي المالية.
لم تقتنع جماهير فيورنتينا، بتلك المبررات، ورسخت صفقة باجيو، كراهية جماهير النادي ليوفنتوس، وتوعد أنصار "فلورنسا" اللاعب في أول عودة له لملعب "أرتيميو فرانكي" بقميص يوفنتوس.
أول ظهور لباجيو مع يوفنتوس ضد فيورنتينا، في ملعب الأخير، كان في 7 أبريل/نيسان 1991، ونال اللاعب استقبالا عدائيا للغاية، وظل ذلك الأمر حتى حدثت واقعة في اللقاء الذي خسره اليوفي 0-1، جعلت الهجوم يتحول إلى تحية وتعاطف.
البداية كانت برفض باجيو تنفيذ ركلة جزاء احتسبت ليوفنتوس، حيث تحجج حينها بأن جيانماتيو ماريجيني حارس فيورنتينا، يعرفه جيدا وسيتمكن من التصدي لركلة الجزاء، ومن ثم تقدم لويجي دي أجوستيني لها ليهدرها، ويكون ذلك سببا رئيسيا في خسارة "السيدة العجوز" للمباراة.
استمرت حالة العداء الشديدة لباجيو، ليقرر الجهاز الفني ليوفنتوس بقيادة لويجي ميفريدي استبدال اللاعب، وهنا قام أحد جماهير فيورنتينا بإلقاء وشاح يحمل ألوان الفريق، ليلتقطه باجيو ويقبله ويلوح لرابطة أولتراس النادي.
تلك الواقعة، حولت حالة العداء ضد باجيو في الملعب إلى تعاطف وتقدير، لكن أنصار يوفنتوس رفضوا تصرف اللاعب، ليدخل معهم لفترة من الوقت في خلاف بسبب ما أقدم عليه.
يعد يوفنتوس، هو أكثر فريق سجل معه باجيو أهدافا في مسيرته، حيث بلغت 116 هدفا في 200 مباراة، وحقق مع الفريق 3 ألقاب وهي الدوري الإيطالي وكأس إيطاليا وكأس الاتحاد الأوروبي.
رحل باجيو عن يوفنتوس في صيف 1995 صوب ميلان ومنه إلى بولونيا ثم إنتر وأخيرا بريشيا الذي اعتزل اللعب معه في 2014، لكنه بالتأكيد رسخ العداوة المستمرة إلى الآن بين اليوفي وفيورنتينا.
aXA6IDE4LjExOS4xMTMuNzkg جزيرة ام اند امز