قوافل المحتجين تزحف إلى بغداد.. القصاص من "كاتم الأصوات"
منذ ساعات الصباح، يعج وسط العاصمة بغداد على وقع قوافل احتجاجية من كل حدب وصوب، وهتافات تطالب بالقصاص من "كاتم الأصوات".
وتوزعت قوافل المحتجين القادمة إلى العاصمة، عند ساحات الفردوس والنسور والتحرير، حاملة صوراً لمتظاهرين اغتالتهم "كواتم الموت"، ومطالبين السلطات الأمنية بالكشف عن الجناة.
وشهدت مداخل المنصات الاحتجاجية في بغداد، انتشاراً أمنياً مكثفاً تمثل في إغلاق بعض المداخل الرئيسية، ونصب نقاط تفتيش لمنع حدوث أية خروقات قد تطال المتظاهرين.
قوافل حجيج
وأظهرت مقاطع فيديو مصورة، تناولتها مواقع التواصل الاجتماعي، مركبات قادمة من محافظات الجنوب والوسط، تقل متظاهرين في طريقهم للدخول إلى العاصمة، وسط هتافات وصحيات غاضبة تنديداً بعمليات الاغتيال وعدم السيطرة على السلاح المنفلت.
وكانت تنسيقيات الحراك، قد أعلنت بعيد أيام من وقوع عمليتي اغتيال الشهر الجاري، التحضير إلى مظاهرات مركزية واسعة عند العاصمة بغداد، حملت وسم "من قتلني؟"، في إشارة لجرائم الاغتيالات والملاحقات المستمرة لناشطي الاحتجاجات من قبل مليشيات يقول ناشطون وأهالي ضحايا إنها مقربة من إيران.
وفيما كان ناشطو بغداد يستقبلون المحتجين القادمين إلى العاصمة من جانبها الغربي والشمالي عند ساحة النسور، كانتا التحرير والفردوس تشهدان تدفقاً لمتظاهرين آخرين قد وصلوا من محافظات الوسط والجنوب.
وظهر التنظيم واضحاً في ضبط حركة تلك المظاهرات، وتقاربت المطالب في الساحات الثلاث بكشف المليشيات التي تقف وراء تصفية المحتجين، والتشديد على فرض القانون وإغلاق منافذ الفساد.
يقول المتظاهر محمد حسين، الذي جاء قادما إلى بغداد من كربلاء، إنه "جاء ومعه المئات من زملاء الاحتجاجات عبر مركبات متنوعة ومتفرقة لغرض المشاركة في حراك اليوم".
ويشير حسين، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، إلى أن "ذلك الحراك يأتي بعد تصاعد عمليات التصفية الجسدية التي استهدفت عدداً من الناشطين في كربلاء والديوانية وبغداد، دون أن تحقق السلطات الأمنية أي تطور لافت يكشف الجناة أو يكبح جماح رغبتهم الإجرامية بقتل المتظاهرين".
ويرفع حسين الذي اختار ساحة التحرير مكاناً للتظاهر، يافطة حملت صورة الناشط الكربلائي إيهاب الوزني، الذي اغتالته كواتم الموت، وذُيلت بعبارة (لماذا تقتلني؟)".
وسجلت ساحة التحرير، الحضور الأكثر في أعداد المتظاهرين مقارنة بتجمع النسور والفردوس.
إجراءات أمنية مشددة
فيما بدت حالة من الحذر الشديد على عناصر الأمن المكلفين بحماية تلك التظاهرات.
الناشط المدني سامر الركابي، الذي قضى نحو 7 ساعات في الطريق حتى وصوله ساحة الفردوس، قال إن "هنالك إجراءات أمنية مشددة عرقلت وصوله عند الوقت المقدر والطبيعي للمسافة التي تستغرقها الرحلة من محافظة ذي قار إلى بغداد".
وفي حديث لـ"العين الإخبارية"، يرى الركابي، أن مظاهرات اليوم "سيكون لها الأثر الذي يوازي احتجاجات أكتوبر التي انطلقت قبل أكثر من عام، وإن لم تكن بأقوى منها لكونها تأتي بعد اكتساب خبرات تنظيمية وميدانية في إدامة زخم الاحتجاجات والقدرة على ضبط ايقاعها الجماهيري".
وعن التوزيع الجغرافي للمظاهرات، أوضح حسين الغرابي عضو تجمع "البيت الوطني العراقي"، أن "توزيع الثقل الاحتجاجي عند ساحات النسور والفردوس والتحرير، يراد منه إبقاء الاحتجاجات مستمرة في حال تعذر استمرارها أو تعطلها جراء ظروف طارئة متوقعة عند إحدى تلك الأماكن".
وتدفع تنسيقيات تلك التظاهرات إلى استمرار الحراك والإبقاء على زخمه في بغداد، للضغط على الحكومة والسلطات المعنية باستعجال التحقيقات وكشف هوية المتورطين بدماء المتظاهرات.
ويؤكد منتظر هاشم، الذي ينشط عن ساحة التحرير أن "الاحتجاجات ستبقى ولن نغادر الساحات حتى تحقيق مطالبنا".
"المندسون" في الميدان
يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه خلية الإعلام الأمني ، اعتقال 4 أشخاص وصفتهم بـ"المندسين"، يحملون "أسلحة جارحة"، قرب ساحة التحرير.
وذكرت الخلية في بيان، حصلت "العين الإخبارية"، على نسخة منه، أن "قوات حفظ القانون تمكنت من إلقاء القبض على أربعة أفراد مندسين، قرب ساحة التحرير، في الساعة الـ11 من صباح اليوم الثلاثاء، يحملون في حقائبهم أسلحة جارحة حاولوا اختراق الخطوط الأمامية وإحداث نوع من حالة الشغب والفوضى أثناء التظاهرات".
وفي بيان ثان، قالت الخلية إن القوات الأمنية العراقية مستمرة بحماية المتظاهرين والحفاظ على النظام العام وحركة المرور بانسيابية عالية جدا.
وتخشى القوات الأمنية العراقية عودة سيناريو ما حدث من مشاهد عنيفة ودامية في تظاهرات أكتوبر/تشرين الأول عام 2019، والتي رح ضحيتها أكثر من 600 قتيل وآلاف الجرحى.
وتُتهم جهات تدين بالولاء لإيران بتنفيذ حملات اغتيال واعتقال وملاحقة بحق متظاهري أكتوبر، والتي دفعت حكومة عبد المهدي إلى تقديم استقالتها والذهاب نحو الانتخابات المبكرة.
ورغم المطالب الجماهيرية التي تحققت جراء تلك التظاهرات، إلا أن عمليات الاغتيال والتهديد بالقتل والتصفية الجسدية بقيت تلاحق منسقي تلك الاحتجاجات.
وكان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أعلن في وقت سابق، قرب الكشف عن نتائج التحقيقات التي تجريها لجان مختصة بذلك الأمر، عازياً تأخر إعلانها إلى توخي الدقة والمهنية في ملابسات تلك الأحداث.