جوهرية بل وتعبر عن الثقافة السياسية الإماراتية، تلك الخطوة التي أقدمت عليها الدولة والمتمثلة في تدشين حملة "أوقفوا الإساءات"..
الحملة التي تستهدف القضاء على الأصوات والأقلام التي بدأت تزحف بقوة على الفضاء الإلكتروني وتقوم بمحاولات خسيسة للتشويش على التوجهات التعاونية والروابط الأخوية بين دول وقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وإثارات النعرات بين الشعوب الخليجية.
فقد أعلن الشيخ عبدالله آل حامد رئيس المكتب الوطني للإعلام، تدشين هذه الحملة في توقيت شديد الأهمية، بالنسبة للمنطقة الخليجية والعربية، حيث تفاقمت ظاهرة "التلوث الإلكتروني" بشكل يستلزم، بل يحتم من جميع أبناء المنطقة التصدي لتلك المحاولات لإفساد الأجواء وتعكير صفو العلاقات بين دول الخليج، أو كما وصف الأمر الشيخ عبدالله آل حامد في مساحة حوار "قلم رصاص" على منصة "إكس" (تويتر سابقاً) مساء يوم الأحد: "الاصطياد في الماء العكر".
وبالملاحظة فإن تركيز الذباب الإلكتروني هو تشويه العلاقة بصفة خاصة بين دولتين تعدان الأكبر والأشد تأثيراً وحضوراً في النطاق الخليجي ومن أهم وأقوى الدول العربية ودول المنطقة، وهما دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.
ولسنا في حاجة إلى التذكير بما يقوم به البعض من أصحاب النوايا السيئة والأجندات الموجهة وما يحملون من أفكار، ممن يسمون عن حق وصدق "الذباب الإلكتروني" من إلحاح وترديد لمقولات فاسدة وأفكار هدامة لا طائل من ورائها سوى تشويه الحقائق وزرع الفتنة وغرس بذور الاختلاف وتغذية الانقسام.
ورغم أن الدول الخليجية عموماً وكل من الإمارات والسعودية خصوصاً، على وعي تام وإدراك بحقيقة هذه التوجهات السوداوية، فإن هذه الأصوات القبيحة بدورها لا تلتزم خطاً واحداً وتسعى إلى التلون وتغيير مظهرها كما لو كانت أصواتاً أخرى أو متعددة ومتنوعة. لكن الحقيقة أنها تظل دائماً تشكيلة سيئة من "الحشرات" الإلكترونية، سواءً كانت ذبابا أو عقارب أو عناكب أو غير ذلك من الحشرات التي لا تفيد أبداً وإنما فقط تضر وتؤذي.
ورغم أن الوعي الفردي والمجتمعي وصل إلى مراحل متقدمة ومستويات عالية في الإمارات وكذلك في السعودية وأيضاً في بقية دول الخليج، فإن المتخصصين في الإعلام والاتصال الجماهيري، يعلمون جيداً أن الإلحاح والإصرار على توصيل نفس الرسائل بأشكال متنوعة وعبر مسارات متعددة، كفيل بالتشويش على الجمهور المتلقي وربما التأثير في قناعاته، إن لم يكن نحو عكسها بشكل كامل، فعلى الأقل بزعزعة يقينه واعتقاده المتماسك فيها.
وأمام موجة التقدم التكنولوجي المتسارع والانفجار المعلوماتي والتقني الكبير، خصوصاً بعد ظهور وتطور الذكاء الاصطناعي الخطير بما يقدمه من ميزات ومن تحديات، لا يمكن للشعوب الواعية والحكومات الذكية السكوت على عمليات التخريب الممنهج وتلغيم العلاقات ووشائج الأخوة التاريخية فيما بينها.
وتتمتع دولة الإمارات بميزة نسبية عالية عند التحرك لمواجهة محاولات التخريب الناعم التي يقوم بها الذباب الإلكتروني وغيره من الحشرات الإلكترونية منها: ما يعرف عنها حبها للخير لكل الأشقاء الخليجيين والعرب على مدى تاريخها السياسي، وما تمتلكه من الأدوات والإمكانات المادية والفنية اللازمة لإنجاح هذه الحملة. بل ولديها من الخبرة والتمكن تقنياً وبشرياً ما يمنحها قدرة كبيرة وكفاءة غير مسبوقة في هذا العمل.
ومن أبرز الشواهد على ذلك، ما أعلنه الشيخ عبد الله آل حامد، من وجود شعار أو "هاشتاغ" أساسي ورئيسي لتلك الحملة، وهو "حظر بدون تعليق" لحث المغردين ومستخدمي منصات التواصل الاجتماعي، على توخي الحذر في التعامل مع التغريدات الملغومة والمنشورات المسمومة. وتحديداً بتجاهلها تماماً والامتناع عن التفاعل معها ولو بتعليق أياً كان مضمونه، لما يعنيه ذلك من تضييق دائرة انتشار وترديد تلك الأباطيل. وينطلق معاليه في ذلك من معرفة عميقة بالجوانب التقنية وخوارزميات عمل تلك المنصات.
مثل هذه المبادرات التي تعمل لصالح الدول الخليجية والعربية والتي تسجل لدولة الإمارات كبادرة خليجية جديدة لمسيرة العمل الخليجي، إنما تعبر عن تطلعات المواطنين العاديين، الذين يرفضون ويلفظون "طنين" ذلك الذباب الإلكتروني تلقائياً وبحس وطني وخليجي أصيل. حيث قد يندفع هؤلاء المواطنون الذين يستخدمون منصات التواصل إلى الرد والتعليق لتفنيد أكاذيب وافتراءات تلك الحشرات. وتكون نتيجة ذلك الحماس المخلص الذي لا يسترشد بنصائح المتخصصين، ترويج وترديد ما يدعيه الخبثاء والمخربون الإلكترونيون.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة