الحسابات المصرفية لأسرى فلسطين.. إغلاق قسري بسطوة إسرائيل
بنوك فلسطينية استجابت لضغوط إسرائيل وصفرت حسابات الأسرى لكن مسؤولا حكوميا قال إن الخطوة مبررة والبديل جاهز
أثار قرار بنوك عاملة في الأراضي الفلسطينية، إغلاق الحسابات المصرفية، للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، بسبب ضغوط إسرائيلية؛ موجة من الغضب العارم، ومطالبات بإلزام البنوك بتصحيح موقفها.
وفوجئ عدد من أهالي الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بتصفير الحسابات المصرفية لأبنائهم، فيما تلقى آخرون اتصالات من بعض البنوك العاملة في الأراضي الفلسطينية، تبلغهم بمراجعة البنك لسحب الأرصدة وإغلاق الحسابات.
رسالة تحذير إسرائيلية
القضية بدأت أواخر الشهر الماضي، برسالة وجهتها سلطات الاحتلال للبنوك الفلسطينية تحذرها فيها من مغبة الاستمرار في صرف رواتب الأسرى في السجون الإسرائيلية.
ووفق القناة التلفزيونية الإسرائيلية، فإن التحذير جاء على خلفية قانون جديد وقعه القائد العسكري لجيش الاحتلال في الضفة الغربية، والذي يعتبر بموجبه رواتب الأسرى أموالا محظورة تجب مصادرتها، وسيدخل هذا القانون الجديد حيز التنفيذ في شهر مايو الجاري.
أما التطبيق الفعلي؛ للقرار، فقد بدأته بعض البنوك العاملة في الأراضي الفلسطينية، بعد تحويل الحكومة الفلسطينية رواتب شهر مايو للبنوك.
معاناة ذوي الأسرى
وقالت بهية النتشة، زوجة الأسير ماهر الهشلمون المحكوم بالسجن المؤبد عدة مرات في السجون الإسرائيلية: إنها فوجئت باتصال من البنك لسحب الرصيد في حساب زوجها، لوجود قرار بإغلاق حسابات الأسرى.
ووصفت بهية ما حدث بـ"الموقف السيئ"، مبدية تخوفها لما يمكن أن يحدث، مشيرة إلى أنها تعتمد على الراتب لتلبية احتياجات أسرتها.
أما والدة الأسير ضياء الأغا والناشطة في قضايا الأسرى، فقد نددت بقرار إغلاق الحسابات المصرفية للأسرى.
وقالت والدة الأغا لـ"العين الإخبارية": إن رواتب الأسرى حق لهم، بعد نضالهم وحرمانهم من الحرية لسنوات طويلة، وهي تستخدم لإعالتهم وإعالة أسرهم"، مشيرة إلى أن جزء من الراتب يحول لابنها الذي يعتبر من قدامى الأسرى لتأمين احتياجاته داخل السجن، فيما يصرف الباقي على الأسرة.
وأكدت ضرورة أن تتحلى البنوك بموقف وطني وترفض الضغوط والتهديدات الإسرائيلية، مطالبة بمقاطعة هذه البنوك حال رضخت للتهديد الإسرائيلي.
وقف احترازي
وقال قدري أبو بكر، رئيس هيئة شؤون الأسرى (حكومية) لـ"العين الإخبارية" أن هناك من 4 إلى 5 بنوك أغلقت حسابات الأسرى، مشيرًا إلى أنها تستحوذ على حوالي 50% من حسابات الأسرى والأسرى المحررين، فيما الـ50% في بنك لم يغلق أي حساب.
وأوضح أن البنوك اتخذت الخطوة خشية من إقدام إسرائيل على قرصنة الحسابات والسطو عليها، أو فرض عقوبات عليها حال لم تنفذ القرار العسكري الإسرائيلي الذي يدخل حيز التنفيذ يوم السبت 9 مايو.
وبحسب القرار الإسرائيلي الجديد؛ فإن الأموال التي تدفعها الحكومة الفلسطينية للأسرى كرواتب تشكل عملا محظورا فيما يتعلق بأموال من تصفهم بالإرهابيين.
وأشار المسؤول الفلسطيني إلى أن البنوك أوقفت احترازيا الحسابات خشية تداعيات القرار الإسرائيلي؛ لأن هناك سابقة إسرائيلية بالاعتداء على بنوك برام الله والسطو على أموال أسرى وعائلات شهداء وجرحى.
ووفق أبو بكر؛ هناك 12 ألف أسير وأسير محرر يتلقون مكافآت مالية من الهيئة.
وتصل فاتورة المكافآت المالية الشهرية للأسرى وأهالي الشهداء والجرحى إلى حوالي 15 مليون دولار شهريا تقدمها السلطة الفلسطينية.
وقال أبو بكر: إن إسرائيل أصلا تقتطع قيمة المبلغ المخصص لتلك الفئات من أموال المقاصة منذ فترة طويلة، واصفا ذلك بأنه "قرصنة إسرائيلية مرفوضة".
وأضاف "نحن سنوصل للأسرى والمحررين مكافآتهم كاملة ولن ترهبنا بلطجة الاحتلال".
لجنة حكومية
ومن جهتها، أعلنت الحكومة الفلسطينية رفضها الخضوع للضغوطات الإسرائيلية، وأعلنت تشكيل لجنة لدراسة التهديدات الإسرائيلية.
وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة إبراهيم ملحم: إن رئيس الوزراء محمد اشتية أوعز بتشكيل لجنة برئاسة محافظ سلطة النقد، تضم وزير شؤون الأسرى، وجمعية البنوك، وممثل عن وزارة المالية، لدراسة التهديدات الإسرائيلية ضد البنوك التي تقدم خدماتها لذوي الأسرى والشهداء، ورفع التوصيات اللازمة لمواجهتها.
وأضاف إن الحكومة تؤكد رفضها الخضوع للضغوطات الإسرائيلية، وأنها ستظل وفية للأسرى والشهداء، ومحافظة على حقوقهم مهما بلغت الضغوطات، مؤكدة أن الحل لهذه الأزمة بالنسبة للبنوك هو حل جماعي وليس حلا فرديا.
هذا ما تهدف إليه إسرائيل!
ومن جانبها، اعتبرت مؤسسات الأسرى في بيان لها أن إسرائيل تسعى من وراء قرارها لتحقيق هدفين استراتيجيين أولهما: وصم النضال والكفاح الفلسطيني بالإرهاب، وثانيهما: محاولة إثبات أن السيادة الوحيدة القائمة على الأرض الفلسطينية هي سيادة الاحتلال.
وقالت في بيان لها: إن المستهدف ليس الأسرى وعائلاتهم، وإنما المنظومة الوطنية والحكومية والإدارية والقانونية في فلسطين، وهي خطوة تسبق خطوة أخرى لاحقة تقضي بضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية لدولة الاحتلال، الأمر الذي يعني إنهاءً فعلياً وعملياً لكافة الاتفاقات المبرمة مع دولة الاحتلال.
ودعت سلطة النقد الفلسطينية والحكومة إلى إصدار تعليمات للبنوك بعدم إغلاق حسابات أسر الأسرى تحت أي ذريعة كانت إذ أن هذه البنوك تعمل وفقا لقانون المصارف الفلسطيني، وليس استنادا لقرارات الحاكم العسكري الإسرائيلي ويجب أن تعلم البنوك أنها شريكة في المغنم والمغرم وليس المغنم فقط.
aXA6IDE4LjE5MS44MS40NiA= جزيرة ام اند امز