المحطة الثانية في براكة تعاود التشغيل التجاري بعد إعادة التزود بالوقود
أنتجت المحطة الثانية من محطات براكة للطاقة النووية السلمية بمنطقة الظفرة بأبوظبي 10,402 غيغاواط/الساعة من الكهرباء الصديقة للبيئة.
وذلك منذ بدء تشغيلها على نحو تجاري في مارس/آذار من العام الماضي، وحدّت من أكثر من 5000 كيلو طن من الانبعاثات الكربونية، وهو ما يغطي نسبة كبيرة من الاحتياجات من الكهرباء في كل من إمارة أبوظبي ودولة الإمارات ككل، ويعزز عملية خفض البصمة الكربونية لقطاع الطاقة على نحو واسع، إلى جانب تسريع مسيرة الدولة للوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050.
وبعد 324 يوماً من التشغيل التجاري المتواصل، أكملت الفرق المختصة في محطات براكة بنجاح عملية إعادة تزويد مفاعل المحطة الثانية بالوقود وعمليات صيانة مختلفة في الوقت المحدد وكما هو مقرر ومخطط سلفاً، حيث تتم هذه العملية كل 12 أو 24 شهراً طبقاً للمحطة. وتضمنت هذه العملية وقف عمل المفاعل، وتنفيذ أكثر من 8000 عملية صيانة مخطط لها مسبقاً، واستبدال حوالي ثلث حزم الوقود في قلب المفاعل، مع فحص الوقود المتبقي لضمان عمليات تشغيلية وفق أعلى المعايير.
وبعد إتمام هذه العملية تمت إعادة تشغيل المحطة الثانية بشكل تجاري لتعمل بكامل طاقتها لمدة عام آخر على الأقل بدون انبعاثات كربونية. وخلال إجراء هذه العملية في المحطة الثانية، واصلت المحطتان الأولى والثالثة إنتاج الكهرباء تجارياً وبشكل اعتيادي، لضمان توفير الكهرباء الصديقة للبيئة للمنازل وقطاعات الأعمال في الدولة.
واستفادت فرق العمل المتخصصة في براكة من إتمام عملية إعادة التزود بالوقود والصيانة في المحطة الأولى العام الماضي، وامتلكت خبرات تشغيلية مهمة لإتمام هذه العملية في المحطة الثانية على أكمل وجه، حيث تواصل هذه الفرق التي تقودها الكفاءات الإماراتية التعلم والبناء على الخبرات المكتسبة من إجراء عملية إعادة التزود بالوقود والصيانة على نحو آمن ووفق أعلى مستويات الكفاءة واليسر، إلى جانب تطوير خبرات كبيرة وفريدة من نوعها.
وفور تشغيلها بالكامل، ستنتج محطات براكة الأربع ما يصل إلى 5600 ميغاواط من الكهرباء الصديقة للبيئة على مدار الساعة، أي ما يعادل 40% تقريباً من ذروة الطلب على الكهرباء في الدولة والتي تبلغ نحو 15 ألف ميغاواط خلال أشهر الصيف الحارة، وهو ما يؤكد على الأهمية القصوى للطاقة النووية في تلبية ذروة الطلب على الطاقة وتوفير الكهرباء الوفيرة والموثوقة. ومع التشغيل التجاري لثلاث من محطاتها الأربع، تنتج محطات براكة أكثر من 80% من الكهرباء الخالية من الانبعاثات الكربونية في إمارة أبوظبي.
وفور تشغيل محطاتها الأربع، ستوفر محطات براكة ما يصل إلى 25% من احتياجات دولة الإمارات من الكهرباء، وإنتاج ما يكفي من الكهرباء االصديقة للبيئة لإنارة ما يصل إلى 574 ألف منزل، إلى جانب المساهمة في تحقيق أهداف استراتيجية الدولة التي تهدف لأن تصبح من مصدري الغاز الطبيعي المسال بحلول عام 2030، وذلك من خلال استبدال استهلاك الغاز المحلي في إنتاج الكهرباء بالطاقة النووية، حيث ستوفر محطات براكة ما يصل إلى 4 مليارات دولار من الغاز الطبيعي سنوياً، والتي كانت ستسخدم في إنتاج الكهرباء.
ويبرز ذلك أهمية وضرورة النهج العلمي والمدروس الذي اتبعته دولة الإمارات العربية المتحدة، والذي مكّنها من تسريع خفض البصمة الكربونية لقطاع الطاقة لديها في وقت لا تزال العديد من الدول تحاول تحديد كيفية الوصول الى الحياد المناخي من دون إطفاء المصابيح.
ويتناسب التوقيت الذي وضعته دولة الإمارات تماماً مع تحذيرات الخبراء المتتالية من تفاقم مخاطر ظاهرة التغير المناخي، وضرورة اعتماد الطاقة النووية كحل أساسي لهذه المعضلة. وفي هذا الإطار، حددت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (آي بي سي سي) عدة مسارات للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري المسببة للتغير المناخي عبر الإبقاء على مستوى زيادة درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية في العقود المقبلة، وتتوقع الهيئة أنه بحلول منتصف القرن، ستأتي غالبية الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة والطاقة النووية 1. بالإضافة إلى ذلك، تفيد الوكالة الدولية للطاقة بأنه لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، يحتاج العالم إلى مضاعفة القدرة الإنتاجية للطاقة النووية الحالية من حوالي 400 غيغاواط إلى أكثر من 800 غيغاواط.
ومع استعداد دولة الإمارات لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة للمناخCOP28 في دبي في نوفمبر المقبل، تعد محطات براكة نموذجاً مرجعياً وواقعياً للحلول الهادفة لمواجهة التغير المناخي، حيث تم تطوير المحطات في إطار استراتيجية طويلة المدى تعتمد على الحقائق والبيانات والتي بدأت نتائجها الإيجابية تبرز للعيان حالياً. وعند تشغيل محطاتها الأربع بالكامل ستحد محطات براكة من ملايين الأطنان من الانبعاثات الكربونية سنوياً، بينما تشكل منصة للبحث والتطوير الخاصة بتقنيات الطاقة الصديقة للبيئة الأخرى، مثل الهيدروجين، ودعم نمو اقتصاد خالٍ من الانبعاثات الكربونية.
وتعد محطات براكة ركيزة أساسية لتطوير التقنيات الجديدة اللازمة لعملية الانتقال لمصادر الطاقة الصديقة للبيئة، بما في ذلك تطوير نماذج المفاعلات المعيارية المصغرة، ومفاعلات الجيل التالي والبخار والهيدروجين والأمونيا، إلى جانب الحرارة، والتي تعد جميعها ضرورية لخفض البصمة الكربونية للقطاعات التي يصعب فيها ذلك، مثل الشحن والطيران والصناعات الثقيلة.
كما أدى القرار الذي اتخذته دولة الإمارات منذ ما يزيد عن عقد من الزمان بتطوير أول محطاتها للطاقة النووية إلى زيادة السعة الإنتاجية السنوية بمقدار 1400 ميغاواط من الكهرباء على مدار الساعة ومن دون أي انبعاثات كربونية وهو ما يعد إنجازاً بالغ الأهمية للدولة فيما يخص ضمان أمن الطاقة واستدامتها معاً.