كاريس بشار في مسلسل "مسافة أمان".. الوجه أصدق أنباء من الكلام
"سراب" تعيش حياة مثقلة بوحدتها، تفتقد دفء الرجل إلى جانبها في زمن موحش، بينما تتوزع أيامها بين انتظار "لم الشمل" والوقوف وحدها.
يفيض وجه الفنانة كاريس بشار في مسلسل "مسافة أمان" بالتعبير، تكشف حركة عضلاته عن حكاية شخصيتها "سراب" وكل ما يعتمل في عقلها وقلبها، فيما تقول أنفاسها ما هو أبلغ من الكلام.
تعيش "سراب" حياة مثقلة بوحدتها، تفتقد دفء الرجل إلى جانبها في زمن موحش، بينما تتوزع أيامها بين انتظار "لم الشمل" مع زوجها في أوروبا، وبين الوقوف لوحدها، لتكون الأب والأم، في مواجهة مكابدات الحياة اليومية تحت نير الحرب.
حكاية "سراب" على هذا النحو، تجعلها تعيش حياتين، واحدة لعوالمها الداخلية التي تعج بالمشاعر والانفعالات الشخصية ويمتاز بناؤها الدرامي ببنية مونودرامية، وأخرى خارجية هي التي تطل عبرها على الناس حولها، وبالتالي كان على الفنانة كاريس بشار محاكاة جوهر شخصية "سراب" التمثيلية أكثر من مظهرها؛ الأمر الذي تطلب منها بالضرورة التحدث بلغة الوجه العاطفية، وهي المهارة التي لا يختلف اثنان على أن كاريس بشار تجيدها بشكل واضح وأصيل كجزء من مهاراتها في اللعب المشهدي بكل ما ينطوي عليه هذا الأخير من فعل صامت للممثل.
لا تردد "كاريس بشار" في "مسافة أمان" حوارات "سراب" كما حفظتها من نص الكاتبة "إيمان السعيد"، وإنما تتصرف بها، اعتمادا على عضلات وجهها، في هارموني بليغ للعواطف المتناقضة فيها، يشبه البوح الداخلي، فتوجز المسافة بين الجسد والروح حين ترخي جسدها على درج بيتها الجديد، بعد أن سقط جزء من أثاثه من بين يديها، ومثقلة بالقهر تبكي، ثم تضحك.. حتى يختلط الحزن بالفرح في وجهها، ويمتزجان باليأس والضجر.
وبينما تشكو "سراب" لجارتها "نهاد "حالها، تدير عضلات وجه "كاريس" دفة الكلام، وتصير ريشة رسام تبدع تلوينات خاصة ومختلفة لمشاعرها وتغير مزاجها.
وحين تشعر "سراب" بضعف مشاعرها أمام زوج جارتها "حسام" تسارع للاتصال بزوجها جلال، وعبر لقطة قريبة، تواجه كاريس بشار كاميرا المخرج "الليث حجو"، تُقطّع الكلام، تسبقه بصمت، قبل أن تقول: "جلال.. بدي إياك بدير بالك عليّ".
لوهلة ينطق الحزن في عينها، ترتجف شفتاها المطبقتان، وسرعان ما تفيض ملامح الحزن على كامل وجهها.. في اليوم التالي ستراقب "سراب" الزوج "حسام" وهو يواسي زوجته "نهاد".. وستتذكر أنها تفتقد الدفء ذاته بين الزوجين، تحزن لوحدتها.. تبتسم للزوجين.. قبل أن يعود الحزن ليثقل بسمتها.
في كل مرة كانت الفنانة كاريس بشار تحمل مشاعر شخصيتها التمثيلية "سراب" إلى درجة عالية من الصدق الفني، وتعبر عنها على نحو مدهش، مركزة على ما كان المخرج الروسي "قسطنطين ستانسلافسكي" يدعو للتركيز عليه في تنظيره لعملية إعداد الممثل، حين أراد "أن يكون جسد الممثل مثل البارومتر يستجيب للتبدلات الروحية كلها، وينسج بشكل فني رائع، الحياة الداخلية للشخصية".