حدث في 25 رمضان.. معركة عين جالوت تنهي أسطورة المغول
يوافق يوم 25 رمضان بداية معركة عين جالوت التي خاضها قطز مع 50 ألف جندي ضد المغول لمنع سيطرتهم على مصر وإحكام قبضتهم على العالم الإسلامي
تعد معركة عين جالوت في25 رمضان عام 658هـ- 1260م من أهم المعارك في التاريخ الإسلامي، حيث استطاع الجيش المصري بقيادة سلطان مصر "سيف الدين قطز" إنهاء خطر المغول على العالم الإسلامي، الذي استمر أكثر من أربعين عاما، ودحر جيشهم الذى وصف بأنه لايقهر، بعد قيامهم بإسقاط بغداد والخلافة العباسية عام 656هـ- 1258م، وقتل الخليفة العباسي المستعصم بالله، بالإضافة إلى استيلائهم على بلاد الجزيرة في عام657هـ 1259م، واحتلالهم بلاد الشام عام 658هـ- 1260م، وكذلك العديد من المدن الفلسطينية، وعلى رأسها بيت المقدس بعد أعمال القتل والنهب والسلب وترويع السكان الآمنين.
من هم المغول؟
ترجع أصول قبائل المغول إلى هضبة منغوليا في صحراء غوبي الواقعة على أطراف الصّين من جهة الشمال، و ينقسم المغول إلى 6 قبائل رئيسيّة متفرقة هم "القيات" في جبال قراقورم، و"الأويرات" في المنطقة الواقعة بين بحيرة بايكال ونهر أونن، و"النّايمان" وهي من قبائل الأتراك، و"الكراييت" وهي أقوى القبائل المغولية، و"الماركييت" في جنوب بحيرة البايكال والواحات الشّرقية من صحراء غوبي، وكان التتار أو المغول يعتنقون العديد من الأديان منها عبادة الشمس، والمسيحية، والبوذية، والإسلام.
تم توحيد هذه القبائل على يد القائد العسكري"تيموجي" الذى لقب نفسه بلقب "جنكيز خان" أي ملك الملوك، وتكوين إمبراطورية ضخمة مترامية الأطراف تمتد من سيبيريا وبحر البلطيق شمالاً إلى حدود الجزيرة العربيّة الشّماليّة، وبلاد الشّام وفلسطين جنوباً، ومن الجزر اليابانيّة والمحيط الهادئ من الشّرق إلى وسط القارّة الأوروبيّة من الغرب، وقام بتقسيم إمبراطوريته بين أبنائه.
أحوال العالم الإسلامي ماقبل عين جالوت:
استطاع المغول عام 1206م توسيع إمبراطوريتهم، و تخريب الدولة الخوارزميّة والقضاء على جيوشها وسلطانها وسكانها، ثم اتجهوا إلى الشرق الإسلامي، وقاموا باحتلال "بخارى"، و"سمرقند"، و"الشّيشان"، ثم توسعوا ليحتلوا بلاد الشام، واستطاع القائد"هولاكو"حفيد" جنكيز خان" دخول بغداد، وإنهاء الخلافة العباسية وقتل الخليفة المستعصم بالله عام 1258م، ثم استولوا على مدينتي حلب ودمشق، بالإضافة إلى استيلائهم على بلاد الجزيرة في عام 657هـ 1259م منها "حران"، و"الرُّها"، و"ديار بكر"، ثم تجاوزوا الفرات، ونزلوا على"حلب"، و"دمشق" واستولوا عليها عام 658هـ - 1260م، وقاموا بتخريبها وأعملوا السلب والنهب فيها، واتجهوا بعد ذلك إلى "نابلس"، و"الكرك"، و"بيت المقدس"، و"غزة".
بسقوط بغداد واحتلال بلاد الشام وبيت المقدس وغزة، لم يتبق أمام المغول غير مصر ليحكموا السيطرة على كافة أنحاء العالم الإسلامي، ولقد كانت مصر في هذه الفترة تعاني من اضطرابات وخلافات سياسية بين المماليك البحرية والمماليك البرجية، وكان يحكم مصر الملك الطفل"المنصور علي" ابن الملك "المعز أيبك" و"شجرة الدر"، فقام قطز بخلع المنصور، وتولي"سيف الدّين قطز"مقاليد حكم مصر عام657 هـ- 1259م، وقام بتوحيد المماليك في ظل قيادة موحدة، وقتها كانت أخبار تقدم المغول في كل بلاد العالم الإسلامي وتخريبهم للبلاد وقتل العباد وترويع الآمنين تصل إلى مصر.
هدد المغول مصر في رسالة أرسلها "هولاكو" قائدهم إلى القائد قطز تطلب منه تسليم مصر سلما بدون حرب إليهم، وتوعد بالقتل وغزو مصر في حالة رفض الطلب، قابل قطز الرسالة بالرفض وقام بقتل رسل المغول وتعليقهم على "باب زويلة "متحديا غطرسة المغول، وقام بإعلان الجهاد وتعبئة الجيش لملاقاة المغول.
في هذه الفترة، توفي الخان الأعظم "منكو" قبل معركة عين جالوت، واشتدت المنافسة بين أبنائه لوراثة إمبراطورية المغول فقام هولاكو بالرجوع إلى الصين ومعه الجزء الأكبر من الجيش، وترك بلاد الشام لحسم أمر خلافة الملك هناك، وظلت فرقة من الجيش تحت قيادة نائبه" كتبغا" تقدر من 10-20 ألف جندي لملاقاة المماليك.
معركة عين جالوت:
أعد القائد والملك" قطز" جيشا عظيما مكونا من 50 ألف جندي وفقا لكتاب "مصر قاهرة المغول" للدكتور محمد فتحي الشاعر، وقام بالتوجه في الـ25 من شهر رمضان عام 658هـ - 1260م إلى"عين جالوت" بالقرب من بيسان ونابلس بفلسطين، وجاء القائد "ركن الدين بيبرس" من الشام بجيشه ليساند قطز في حربه ضد المغول، ودارت معركة عنيفة بين الجيوش الإسلامية وبين المغول، استطاع فيها قطز إحراز نصر ساحق على جيش المغول وقام بأسر قائدهم وقتله.
لعب بيبرس دورا عظيما في بداية المعركة، حيث قام بتدمير الحرس الأمامي المغولي في غزة بقيادة "بيدرا"، وبمساعدة جنود من الشام والخوارزمية، وكانت مقدمة للانتصار على المغول، وتوحيد مصر والشام فيما بعد. كان للانتصار الساحق على المغول في معركة عين جالوت ثأر عظيم لتخريب بلاد المسلمين في بلاد الشام والعراق وفلسطين، وتحطيم أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وكان له أكبر الأثر في توحيد مصر وفلسطين والشام في دولة واحدة تحت قيادة المماليك لمدة تتجاوز الـ250 عاما حتى سقوط دولتهم على يد العثمانيين في عام 1517م.