«خليج الخنازير».. انقلاب أمريكي «فاشل» بكوبا كاد يتحول لحرب نووية
كثيرا ما نسمع عن "عملية خليج الخنازير"، فمن أين جاءت هذه التسمية؟ وكيف أثرت على الولايات المتحدة؟
عملية خليج الخنازير هي عملية عسكرية فاشلة نفذتها واشنطن 1961، للإطاحة بالنظام الشيوعي في كوبا، الذي يقوده فيدل كاسترو مستخدمة مرتزقة كوبيين، فتطورت لأزمة دولية بين أمريكا والاتحاد السوفياتي استمرت أسبوعين ثم حُلت سلميا.
- تستخدمه إسرائيل في حرب غزة.. تعرف إلى «بروتوكول هانيبال»
- "الرعب النووي".. بوتين يعيد أشباح "خليج الخنازير" في أوكرانيا
السياق والغزو
في عام 1958، قاد فيدل كاسترو ثورة شيوعية في جزيرة كوبا، التي تبعد 145 كليومترا من ساحل ولاية فلوريدا، وسرعان ما لفتت تصرفات كاسترو انتباه الحكومة الأمريكية.
وبعد وقت قصير من توليه السلطة اتخذ كاسترو قرارات جعلته على خلاف متزايد مع الولايات المتحدة، وعقب قيام الزعيم الشيوعي بتأميم الممتلكات الأمريكية في الجزيرة، شعر الكثيرون في واشنطن العاصمة أن الوقت قد حان للإطاحة بكاسترو.
ونظرا للنجاحات الأخيرة التي حققتها وكالة المخابرات المركزية في أماكن أخرى، مثل الإطاحة بالحكومة اليسارية في إيران، واستبدالها بحكومة ملكية محافظة موالية لأمريكا بقيادة الشاه في عام 1953، وتغيير النظام السياسي في بنما، تم إطلاق خطة لتغيير النظام بدعم من وكالة المخابرات المركزية في كوبا.
وفي أبريل/نيسان 1961، تم إرسال جيش من المنفيين الكوبيين في أمريكا، بعد تدريبهم وتسليحهم في معسكرات وكالة المخابرات المركزية، وهي العملية التي عُرفت بـ"عملية زاباتا" أو "غزو خليج الخنازير"، نسبة إلى خليج يقع جنوبي كوبا ويسميه الكوبيون أيضا "بلايا خيرون".
عملية خليج الخنازير
في نوفمبر/تشرين الثاني 1961 بدأت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه" تجميع قوات المعارضة الكوبية (المؤلفة من نحو 1400 جندي) داخل معسكرات في غواتيمالا ونيكاراغوا، وتولت تدريبهم على عمليات الإنزال الجوي وحرب العصابات، ووضعت خطة لتسليحهم بالمعدات اللازمة.
وفي يناير/كانون الثاني 1961 تسلم الرئيس الأمريكي جون كينيدي مقاليد الحكم في البلاد خلفا لأيزنهاور، فأعطى في فبراير/شباط أوامره بتنفيذ عملية "غزو خليج الخنازير" ميدانيا.
وفي 15 أبريل/نيسان 1961 بدأ تنفيذ العملية بحملة قصف جوي شنتها طائرات أمربكية الصنع يقودها متمردون كوبيون واستهدفت القواعد الجوية الكوبية، تبعها هجوم بري في 17 أبريل/نيسان.
قوبل الهجوم البري بمقاومة عنيفة من القوات المسلحة الكوبية التي كانت تفوق عدديا قوات المتمردين، وفي 19 أبريل/نيسان 1961 انتهت العملية بفشل ذريع وأصبحت القوات الغازية، التي كانت تنقصها الذخائر وأخطأ بعضها مواقع إنزاله الصحيحة، ما بين قتلى (أكثر من 110) وأسرى (نحو 1100)، كما فقدت العديد من طائراتها.
وكان من الأسباب الكبرى في فشل الغزو، بجانب تسرب معلومات عنه قبل بدئه وسوء الأحوال الجوية، إخفاق واشنطن في وضع خطة ميدانية ملائمة وفي توفير المعلومات الاستخبارية اللازمة، إضافة إلى امتناعها عن تقديم غطاء جوي مباشر ودعم لوجستي وسياسي للمتمردين، لئلا يبدو الأمر وكأنه تدخل مباشر منها في الشأن الداخلي الكوبي.
على الرغم من تمكن بعض المشاركين في العملية من السباحة مرة أخرى إلى البحر وطلب الإنقاذ من مدمرات البحرية الأمريكية المنتظرة، فإن جيش كاسترو أسر نحو ثلاثة أرباعهم. وكان فشل غزو خليج الخنازير بمثابة انتصار سياسي لفيدل كاسترو، الذي عزز موقفه كزعيم لكوبا.
تداعيات العملية وأزمة الصواريخ
في نهاية المطاف، توصل الاتحاد السوفياتي وكوبا إلى اتفاق في يوليو/تموز 1962 لوضع صواريخ نووية سوفياتية في كوبا، بدعوى ردع أي غزو أمريكي، وسرعان ما لاحظت الولايات المتحدة الحشد العسكري وأصدرت تحذيراً عاماً ضد وضع أسلحة هجومية على الجزيرة في الرابع من سبتمبر/أيلول.
وبعد شهر، التقطت طائرات الاستطلاع الجوي صوراً واضحة للصواريخ السوفياتية في كوبا، الأمر الذي أدى إلى اندلاع أزمة الصواريخ الكوبية سيئة السمعة.
وحتى بعد تراجع الأزمة، مع قيام السوفيات بإزالة صواريخهم مقابل الوعود الأمريكية بعدم مهاجمة كوبا أو محاولة اغتيال كاسترو، قدم الاتحاد السوفياتي مساعدات كبيرة لكوبا حتى انهيارها في عام 1991.