مكتبات بيروت تعاني "إقفالا قسريا".. والإمارات تُعيد الأمل
يتولى مكتب الشارقة العاصمة العالمية للكتاب 2019، ترميم المكتبات المتضررة في بيروت، حيث استهدفت مبادرة الشيخة بدور القاسمي، ٣ مكتبات.
لم ترحم الكارثة التي ضربت العاصمة اللبنانية بيروت في 4 أغسطس/آب الماضي المكتبات العامة، حيث ألحقت بها أضراراً جسيمة، ما دفع هذه الفضاءات الثقافية إلى الإقفال القسري، وبدأت المكتبات تلملم جروحها وتحاول النهوض من جديد لتستعيد دورها كمساحات للقاء والحوار والثقافة والتفاعل الإيجابي والوصول الحر إلى المعرفة، بمساعدة من دولة الإمارات العربية المتحدة.
ومع مباشرة السلطات اللبنانية الجهود والعمل الشاق لإصلاح المباني المتضررة، تحاول المكتبات العامة والأكاديمية والمدرسية في المدينة مواصلة خدمات تقديم التوعية والدعم المجتمعيين، مستندة إلى دعم من الأيادي الخيرة والبيضاء وفي مقدمها المبادرة التي أطلقتها الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، نائب رئيس الاتحاد الدولى للناشرين، ورئيس اللجنة الاستشارية للشارقة العاصمة العالمية للكتاب للعام 2019، والداعية إلى ترميم وتطوير عدد من المكتبات التي تضررت جراء انفجار مرفأ بيروت.
ودعت "القاسمي" رموز ومؤسسات الحراك الثقافي والإنساني في المنطقة العربية والعالم إلى دعم جهود إصلاح الوجه الثقافي للعاصمة اللبنانية، وتخصيص جانب من مبادراتهم لإنقاذ مكتبات، ومعارض فنية، وبيوت موسيقى، وجمعيات توقفت أعمالها إثر الانفجار.
ويؤكد علي الصباغ، المدير التنفيذي لجمعية "السبيل" في حديث لـ"العين الاخبارية" أنه "مع مبادرة الشيخة بدور اليوم، نعد قراءنا ورواد المكتبات لدينا، بأننا سنعيدها أفضل مما كانت".
ويشير "الصباغ" إلى أنه "بالإضافة إلى مباشرتنا العمل على استعادة نشاطنا الثقافي وتأمين متطلبات المطالعة مجدداً، ورفع نسبة الإقبال، فإننا نعد الطلاب في المراحل التعليمية كافة بتزويدهم بخدمات إضافية خصوصاً المتعلقة بمواكبة جائحة فيروس كورونا".
ومن ضمن هذه الأولويات، يوضح "الصباغ" أن هناك مجال التعليم عن بعد "online learning"، كبيئة مساندة للطالب، لا سيما أولئك الذين يفتقرون إلى الإنترنت في منازلهم ولا يملكون الحاسب المحمول (laptop).
مبادرة إعادة الأمل
يتولى "مكتب الشارقة العاصمة العالمية للكتاب 2019" مهام ترميم وتطوير المكتبات المتضررة، حيث استهدفت مبادرة الشيخة بدور القاسمي، ثلاث مكتبات عامة تديرها "جمعية السبيل"، وتشمل ترميم وتأهيل مكتبة "مونو"، وتحسين بيئتها الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى تحديث التجهيزات فى مكتبتي "الباشورة والجعيتاوي"، إلى جانب تقديم الدعم المؤسساتي لـ"جمعية السبيل" التي تأسست فى العام 1997، وتعد واحدة من المؤسسات غير الحكومية الناشطة فى دعم المكتبات العامة فى لبنان لتكون مجانية.
ويشدد "الصباغ" على تمسكه بالأمل الكبير بعودة الحياة إلى المكتبات التي تديرها الجمعية، "طالما أن هناك أيادٍ حريصة على استمراية القطاع كمبادرة الشيخة بدور، التي تؤمن بلبنان كبلد منارة للثقافة والقراءة والأدب والعيش المشترك والشعر والسلام"، مشيرا إلى تلقي الجمعية الدعم من العديد من المتبرعين من داخل لبنان وخارجه.
وتوجهت الشيخة القاسمي في إعلانها للمبادرة برسالة تضامن للمجتمع اللبناني أكدت فيها أن ما يعيشونه ليس ظرفاً صعباً عليهم وحدهم، وإنما هنالك الملايين من العرب يشعرون بما يعانون منه، ويقفون بكل ما يستطيعون إلى جانبهم.
وعموما تنقسم المكتبات في لبنان إلى نوعين: مكتبات البيع، ولديها صعوبات مالية ما دفع الكثير منها إلى الإغلاق بسبب ارتفاع أسعار الكتب، وتراجع قدرة الناس الشرائية وتراجع عدد القراء، ومكتبات عامة، وهي تعاني من قلة الدعم والتمويل، وعلى الرغم من أن بعضها لا يزال يركز على الجانب الثقافي وتفعيل نشاطاته وتحويل المكتبة إلى مركز مجتمعي لا تزال هذه المكتبات تفتقر إلى الدعم المالي.
المكتبات منكوبة
يقدر رئيس نقابة أصحاب المكتبات في لبنان، جورج تابت، العدد الإجمالي للمكتبات المتضررة جراء انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/آب الماضي بحوالي 20 مكتبة، موزعة في مناطق الأشرفية والجميزة ووسط بيروت والمناطق المحيطة به وصولا إلى منطقة الحمراء.
ويقول "تابت" في تصريحات لـ"العين الإخبارية": "المكتبات تلك كلها منكوبة، نحن اليوم نقوم بدراسة حول احتياجات هذه المكتبات الطارئة، لكن لم نتلق الأجوبة النهائية من أصحابها والقائمين عليها حتى الآن، فالأضرار طالت المحتويات والتجهيزات المكتبية والكهربائية والزجاج والألمنيوم، إلى حد لا يسمح لروادها ومحبي المطالعة بزيارتها".
وإذ يحمد الله على أن أحدا من الموظفين أو العاملين فيها لم يلحق به الأذى، يوضح أنه في ظل الظروف الصعبة المتأتية من فترة الحجر التي فرضها فيروس كورونا على اللبنانيين، ودخولنا فترة فتح المدارس أبوابها، "اضطر أصحاب هذه المكتبات إلى التوقف عن العمل كلياً".
وينقل "تابت" عن أصحاب المكاتب المتضررة تأكيدهم أنهم "لا يملكون المال للقيام بالترميم وتأمين التجهيزات الضرورية لاستئناف العمل وهم اليوم في حيرة من أمرهم".
المكتبات العامة تستقبل آلاف القراء
وتستقبل المكتبات العامة آلاف الرواد سنوياً، على الرغم من كل التراجع الذي لحق بصفوف محبي المطالعة والقراء في لبنان، ويقول علي الصباغ، المدير التنفيذي لجمعية "السبيل"، إن الأرقام المتعلقة بالمكتبات الثلاث التي تديرها الجمعية، تدعو إلى التفاؤل في ظل الحزن الذي يخيم على اللبنانيين حالياً.
ويوضح "الصباغ": "لدينا 3 مكتبات في بيروت، يزورنا 30 ألف قارئ سنوياً، ونقوم بإعارة 20 ألف كتاب بشكل مجاني سنوياً، وننظم 150 نشاط ثقافي في لبنان ويشارك في نشاطاتنا الثقافية المتنوعة 3000 شخص سنوياً".