ذكرى «فاجعة» مرفأ بيروت.. عدالة «تائهة» وتحقيقات «مُعرقَلة»
وسط أزمات سياسيّة واقتصاديّة وأمنيّة متزاحمة تصل إلى حدّ اشتعال حرب موسّعة في البلاد، يُحيي لبنان اليوم الذكرى الرابعة لانفجار مرفأ بيروت، فيما لا يزال أهالي الضحايا يبحثون عن "عدالة تائهة".
وما بين التفاؤل والتشاؤم، والتريّث والتصعيد، يعيش أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت منذ 4 سنوات إلى اليوم، بانتظار عدالةٍ قد تُثلج قلوبهم التي أشعلتها نيران فقد الأحبة، في الرابع من أغسطس/آب 2020، جرّاء انفجار هائل أودى بحياة 230 شخصًا وأصاب أكثر من 5 آلاف بجروح.
ولا تزال التحقيقات القضائية في هذا الملف متعثّرًة، بل ومجمّدة بشكل كامل منذ عامين ونصف العام، فيما تشير المصادر والأهالي إلى ضلوع "حزب الله" في عرقلة هذا الملف وعدم كشف الحقيقة، معربين عن أملهم باستكمال التحقيقات لكنهم اعتبروا أن العدالة حتى وإن تحققت «ستكون منقوصة».
تحقيق «مجمد»
وفي هذا الإطار، أشار الصحفي القضائي والسياسي يوسف دياب لـ"العين الإخباريّة"، إلى أنّ "التحقيق في ملف انفجار مرفأ بيروت مجمّد بفعل التدخلات السياسيّة والدعاوى التي وصل عددها إلى 43 دعوى مقامة ضدّ المحقق العدلي القاضي طارق البيطار من قبل السياسيّين المدّعى عليهم في هذا الملف".
جاء ذلك بسبب "الخلاف الذي كان قائمًا بينه وبين مدّعي عام التمييز السابق القاضي غسان عويدات، الذي أطلق سراح جميع الموقوفين في هذا الملف".
دياب أوضح أنّه "منذ سنتين ونصف السنة وحتى الآن، لم يتحرّك التحقيق قيد أنملة، وفيما كان هناك رهان على التعاون بين النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار والقاضي البيطار، تجدّد التصادم بين الطرفين إثر معلومات عن إصرار الحجار على إخراج السياسيين والقضاة من الملفّ، الأمر الذي رفضه البيطار، مما أدّى إلى تبدّد التفاؤل الذي كان موجودًا في هذا الإطار".
كما كشف الصحفي القضائي لـ"العين الإخباريّة" عن أنّ المعلومات تُشير إلى أنّه بعد ذكرى الرابع من أغسطس/آب، "يُرجّح أن يكون هناك تحرّك للقاضي البيطار لاستئناف التحقيقات وتحديد جلسات وتحديد جلسات يستدعي إليها المدّعى عليهم الذين لم يتمّ استجوابهم، واتخاذ الإجراءات اللازمة بحقّهم".
وعن إمكانية تحقيق العدالة في هذا الملف، رأى دياب أنّ "العدالة إن تحققت ستكون منقوصة، لأنّه من الواضح أنه لا تعاون اليوم مع القاضي البيطار، وبالتالي حال استكمل تحقيقاته بشكل منفرد وأصدر قرارًا ظنيًا من دون استجواب بعض السياسيّين، فسيكون هذا القرار موضع طعن من قبل المدّعى عليهم".
وتابع: "كما سيعتبره البعض غير قانوني، لذلك فإنّ العدالة هنا ستكون منقوصة"، غير أنّه استكمل موضحًا أنّ "الرهان يبقى على المجلس العدلي لناحية أن يأخذ بهذا القرار الاتهامي أو لا يأخذ به".
تأثير الحرب المحتملة
كذلك تطرّق الصحفي القضائي إلى تأثير الحرب القائمة في الجنوب والمخاوف من توسّعها، على مسار التحقيقات، موضحًا أنّ القضيتين منفصلتين، والحرب لا علاقة لها بالمسار القضائي.
وأشار إلى أنّ "حزب الله" غير مدّعى عليه في هذه القضية، إلّا أنّه يبدو أنّه مُصرّ على حماية المنظومة التي يتحالف معها، واستبعاد أي ملاحقة أو شبهات حولها في ملف المرفأ.
وأكمل: "هنا يكمن الدور الذي يضطلع به الحزب من ناحية محاولة تعطيل العدالة أو إخراج السياسيّين من هذا الملف، كي لا يكونوا ملاحقين، أو كي لا تكون ملاحقتهم مدخلًا لملاحقة قوى أو شخصيات أخرى".
وأوضح أن "حزب الله غير متورّط غير متورّط في قضية المرفأ لكنّه متورّط في تعطيل التحقيق".
أمّا وليام نون، شقيق الضحية جو نون، فأكّد لـ "العين الإخباريّة" في هذا السياق أيضًا، أنّه "على الرغم من أجواء الحرب التي يعيشها لبنان، فمن المفترض أن يكون المسار القضائي منفصلًا عن هذه الأوضاع، وأن يستمر القضاء العدلي بعمله في كلّ الأحوال".
غير أنّه أشار في الوقت نفسه إلى أنّ "حزب الله هو من أكثر الذي يضغطون لعرقلة هذا الملف وعدم كشف الحقيقة، لكنّنا نجهل الأسباب الذي تدفعه إلى ذلك، في ظلّ عدم وجود أيّ متّهمين ينتمون إليه".
ماذا يتوقع أهالي الضحايا؟
نون أوضح أنّ "أهالي ضحايا مرفأ بيروت لم يتوقّعوا أن يحصلوا على القرار الظني منذ أول سنتين، في ظلّ وضع البلد الذي نعيش فيه، لكن اليوم في الذكرى الرابعة للانفجار فإنّ الأمور طالت كثيرًا، لكنّنا متأمّلون من الجو الذي نسمعه حول قرب إصدار القرار الظني بعد الذكرى، متمنيًا أن تصحّ هذه الأنباء".
وقرار الظن هو عبارة عن القرار الذي يصدره المدعي العام بعد دراسة كبيرة، بحق شخص بعينه أو بحق مجموعة من الأفراد، في الجنح وفي الجنايات، أما قرار الاتهام فلا يصدر إلا في الجنايات فقط، ويسبق قرار الظن صدور قرار الاتهام، فبعد أن يصدر المدعي العام قرار الظن في الجنايات يرفع ملف الدعوى التحقيقية إلى النائب العام.
وعمّا ينتظره أهالي الضحايا بعد الرابع من أغسطس/آب، وشدّد وليام نون لـ "العين الإخباريّة"، على أنّ "ما يهمّنا هو صدور قرار ظني فعليّ وقانونيّ".
وأكد أنّ "الشعب اللبناني من خلال مشاركته في الذكرى، لا يكون إلى جانب الأهالي فقط، لأنّ هذه القضية غير محصورة بأهالي الضحايا، بل هي تهمّ جميع اللبنانيّين بالتساوي"، متمنيًا أن يكون الحشد كبيرًا لدعم تحقيق العدالة في هذا اليوم.
يشار إلى أنّ الانفجار الذي حصل على إثر حريق في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، والذي كان يحتوي على 2750 طنًا من مادة نترات الأمونيوم، أُطلق عليه أيضًا مصطلح "بيروتشيما" تشبيهًا بما جرى لمدينة هيروشيما من جراء الانفجار النووي، وأدّى إلى تدمير ثلث مباني العاصمة بيروت.
aXA6IDMuMTUuMTg2LjU2IA== جزيرة ام اند امز