جدار الموت في ألمانيا يتحول إلى جنة خضراء
أنواع نادرة من الطيور انتشرت في الموقع، مثل القليعي الأحمر والصرد الأحمر الظهر، ما لفت انتباه محبّي الطبيعة في الشرق.
كان أولاف أوليينك يحرس منذ 30 عاماً الحدود بعد شطري ألمانيا لمنع هروب المواطنين من الشرق إلى الغرب، وهو لا يزال يجوب الموقع نفسه، لكن اليوم لحماية الثروة النباتية والحيوانية.
تلك الحدود الممتدة على 1393 كيلومتراً بين شطري ألمانيا، حيث كانت تنتشر الأسلاك الشائكة والملغّمة تحت حراسة مشدّدة من قبل جنود لا يتوانون عن إطلاق النار على مَن يخالف أوامرهم تحوّلت اليوم بجزء كبير منها إلى موقع طبيعي قيد الازدهار.
وتنتشر في هذا المكان حالياً حشرات نادرة من نوعها وثعالب ماء من أوراسيا وقطط برّية، ويستوطنها في المجموع أكثر من 1200 صنف مهدّد بالانقراض.
وقال أوليينك على مسافة بضعة أمتار من برج كان يتولّى منه الحراسة وقت خدمته العسكرية التي لم يطلق خلالها أي رصاصة: "تحوّلت المنطقة من موقع موت إلى فسحة حياة".
وحُفِرت حفرة على امتداد الحدود كي لا تتّجه السيارات بأقصى سرعتها إلى الغرب، وأنشئ شريط وقائي عرضه نحو 500 متر.
ورُسِمت حدود منطقة أخرى تمتدّ على 5 كيلومترات اقتصر النفاذ إليها على من يعدّون أولياء للنظام، ونصبت أسلاك شائكة قبل الاستعاضة عنها بشبك معدني وأنظمة إنذار إلكترونية.
وفي المجموع، لقي 327 شخصاً حتفهم عند الحدود بين شطري ألمانيا، بحسب دراسة رسمية، لكن الجمعيات تعتبر أن هذه الحصيلة هي دون المجموع الفعلي.
ومع الوقت، تحوّل هذا الشريط الذي كان يمتدّ من الحدود التشيكية إلى بحر البلطيق، إلى منطقة محرّمة تنمو فيها الطبيعة.
وأوضح ديتر لويبولد الذي يتعاون، كما أوليينك، مع مجموعة "بوند" القائمة على مشروع "الحزام الأخضر"، إنّ "المنطقة تحولت إلى فسحة كبيرة ذات نوعية للثروة النباتية والحيوانية".
وكان علماء الطيور في ألمانيا الغربية أوّل من قدّر القيمة البيئية للموقع الحدودي، إذ قال كاي فروبل، أحد مؤسسي هذا المشروع: "منذ السبعينيات، كنّا نرصد بمناظيرنا الحزام الأخضر لما يكتسيه من قيمة استثنائية".
وانتشرت أنواع نادرة من الطيور في الموقع، مثل القليعي الأحمر والصرد الأحمر الظهر، ما لفت انتباه محبّي الطبيعة في الشرق من أمثال أوليينك.
وبعد شهر من سقوط جدار برلين في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 1989، "اعتمد قرار لحماية الحزام الأخضر خلال اجتماع بين علماء البيئة من شطري ألمانيا" بحسب لويبولد.
وتمكّنت مجموعة "بوند" من إقناع السلطات بتكليفها إدارة الأراضي التي لم يطالب بها أصحابها بعد إعادة توحيد البلد، أي قرابة نصف المنطقة الحدودية.
واشترت "بوند" قطع أراضٍ من أصحابها، منفقة ما مجموعه 5 ملايين يورو للاستحواذ على 900 هكتار بهدف حماية الطبيعة على امتداد الحدود السابقة.
وأثار هذا المشروع اهتمام كوريا الجنوبية التي أرسلت وفوداً إلى الموقع على أمل استنساخ التجربة في المنطقة المنزوعة السلاح التي تفصل بين الكوريتين.