زخم كبير شهدته زيارة جلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد، سلطان عُمان، للمملكة العربية السعودية الشقيقة، أمس.
وذلك في دلالة واضحة على عمق العلاقات التاريخية والرغبة الصادقة، لا أقول في تطويرها، بل في الانتقال بها إلى عهد جديد من مجالات دبلوماسية وسياسية واقتصادية عديدة.
استُقبل السلطان، أمس، بحفاوة بالغة من قبل خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي عهده، سمو الأمير محمد بن سلمان، وأطلق مجلس التنسيق السعودي العُماني، لتبدأ بذلك مرحلة تعاون ثنائي بين البلدين بشكل أعمق.
إن موقع المملكة والسلطنة الاستراتيجي والثقل الإقليمي وعدد سكان البلدين، والفرص الكبيرة التي يمكن أن يقدمها كلاهما إلى الآخر، منطلقات لتلك المرحلة الجديدة من التعاون الثنائي بينهما، والذي لا ينفصل بلا شك عن كيان مجلس التعاون الخليجي، رغم رغبة البعض في أن يستغل ويفسر حسب مزاجه ليثبت وجهات نظر "غريبة" وسطحية.
لقد عمل قادة مجلس التعاون الخليجي مبكراً على توحيد جهودهم، وتعزيز استقرار بلدانهم، وعملوا على ازدهارها واحترام مواطنيهم، فكان قيام مجلس التعاون ضرورة حتمية للشعوب الخليجية ووحدة حاضرهم ومستقبلهم، والتقاء مصالحهم وتحدياتهم، رغم اختلاف رؤاهم في كيفية التعامل مع تلك التحديات.
وقد مر مجلس التعاون بهزات إقليمية تجاوزها بكل قوة بسبب متانة العلاقة التي امتزجت بالأخلاق والمروءة العربية، تلك الخصوصية التي لا يفهم كثيرون تأثيرها ومداها في شعوب الخليج العربي، فقد أثبت "التعاون الخليجي" أنه عصي على الانحناء كما يتمنى المتربصون به، تتباين رؤانا نعم، لكننا لا نفترق ولا نختلف وسرعان ما نبهر العالم بتعاوننا، لأن رهاننا خليجي، ولأننا ندرك أهمية أن نبقى موحدين في مواجهة تحديات العالم، فما يربطنا ليست تلك الحدود السياسية والجغرافية فحسب، بل ذلك السر والإيمان العميق بوحدة التاريخ والحاضر والمستقبل، رابطنا دم واحد وفكر واحد.
ومن اللقطات الباعثة على الثقة والفرحة، تلك السعادة التي أبداها الشعبان الشقيقان بهذه الزيارة، التي تعبر عن صدق العلاقة بين شعوب منطقة الخليج عموما، والتي لا يمكن أن تبتعد أو تهتز، فهم جميعا من أصل واحد وإلى مصير واحد، مثل هذه الزيارات توضح وتبين حقيقة الشعور المتأصل في نفس كل فرد خليجي.
ختاماً.. هناك تفاؤل بمستقبل خليجي أقوى، وتفاهم أكثر ثباتاً بين الدول الست ذات القيادات المؤمنة بالاستقرار والحريصة على مستقبل أبنائها، وأعتقد أن المستقبل يحمل في طياته تطورات هامة لمجلس التعاون والتنمية والتقدم والاقتصاد والحراك الثقافي والرفاه المالي، وما يحدث اليوم هو نتاج العمل الطويل، والقادم أجمل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة