كل تعزيز للعلاقات الخليجية-الخليجية هو خبر مهم للمنطقة ككل.
وتعزيز العلاقات السعودية-العُمانية يعد خبراً مهماً وحدثاً بارزاً ولافتاً على الأصعدة الخليجية والإقليمية كافة.
وهذه المرة نحن أمام زيارة مختلفة ولها عناوين عريضة، أولها أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، سيستقبل ضيفه السلطان هيثم بن طارق، سلطان عُمان، في أول استقبال للعاهل السعودي لزائر للسعودية منذ جائحة "كورونا".
وزيارة السلطان هيثم بن طارق إلى السعودية هي أول زيارة رسمية للسلطان في أولى محطاته الخارجية، بعد تسلمه الحكم في سلطنة عُمان، وبالتالي نحن أمام أوليات لها مؤشراتها على تعميق العلاقة بين البلدين السعودية وعُمان.
ولا شك أن تعميق العلاقات بين البلدين الطموحين أمر مهم، حيث المملكة المتوثبة إصلاحاً، وتقدماً للمستقبل، والسلطنة المتوثبة أيضاً للإصلاح والانفتاح، وفي ظل ظروف معقدة تمر بها المنطقة، وعلى أصعدة عدة.
هناك ما يهم المواطن مباشرة، في السعودية وعُمان، من حيث الإصلاح، والاستثمار، وتدشين المشاريع، وهناك ما يهم المنطقة ككل من استحقاقات سياسية في المحيط، والإقليم، من اليمن إلى إيران، ومن العراق إلى سوريا.
ودور السعودية في كل ذلك هو ترسيخ الاستقرار، وتفادي الأزمات السياسية، خصوصاً مع فتح جبهة أفغانستان مجدداً بالانسحاب الأمريكي وتمدد "طالبان"، وهو ما سيعيد خلط أوراق كثر من حولنا.
وكذلك فإن لسلطنة عُمان دوراً مهماً في تعزيز الاستقرار بالمنطقة، وفي جُل القضايا الملتهبة، كما لها أدوار معروفة في التوسط، والتنسيق الهادئ، ولذا فإن هذه الزيارة هي مؤشر مهم على أن عجلة ترسيخ الاستقرار في المنطقة ستسير إلى منحى مهم.
وكما أسلفنا فإن الاستحقاقات السياسية في المنطقة، وأبرزها الملف النووي الإيراني، وكذلك الأزمة في اليمن، وتدعيم عملية السلام، واستقرار العراق، وتعزيز دور مجلس التعاون الخليجي... كلها مطالب ملحة.
وبالتالي، فإنه لا يمكن النظر لزيارة السلطان هيثم بن طارق، سلطان عُمان، على أنها زيارة بروتوكولية، أو زيارة مجاملة، بل هي زيارة تجديد للعلاقات السعودية-العُمانية ونقلة في مستوى التعاون بين البلدين، ونقلة مهمة إقليمياً.
وبالطبع، فإن هذه الزيارة، ومدلولاتها التي أشرنا إليها، تصب في مصلحة مجلس التعاون ككل، ومؤشر على أن منطقتنا تملك زمام المبادرة دائماً، وستكون لها آثار إيجابية لترسيخ لغة الحوار في المنطقة.
وكل متأمل لواقع منطقتنا يعي أنها في أمسّ الحاجة إلى هذه الحوارات، ومهما كانت أحقية المطالب، والاستحقاقات، لا سيما أن العالم لا يزال تحت وطأة جائحة "كورونا"، والأضرار الاقتصادي.
وكذلك التقلبات الحالية في السياسات الأمريكية، من الملف النووي، إلى الانسحاب من أفغانستان، والموقف الأمريكي الضبابي تجاه المليشيات الإيرانية في المنطقة، من العراق إلى لبنان مروراً بسوريا.
وكل ذلك يتطلب حواراً خليجياً-خليجياً، وتعاوناً تاماً، ولذا فإن زيارة السلطان هيثم بن طارق، سلطان عُمان، إلى السعودية اليوم الأحد، هي زيارة مهمة بكل المقاييس، وتاريخية، ويسعد بها كل مدرك لأهمية مجلس التعاون الخليجي، وأهمية استقرار منطقتنا، وحماية مصالحها. وعليه، نحن أمام صفحة جديدة في علاقات المملكة والسلطنة، وصفحة مهمة خليجياً وعربياً.
نقلا عن الشرق الأوسط
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة