الأيام الماضية شهدت تحولا في الشرق الأوسط، إذ ظهر مشروع الشام الجديد بين مصر والأردن والعراق، للم الشمل العربي والتعاون وتبادل المنفعة.
هذا المصطلح -الشام الجديد- بداية لرسم ملامح شرق أوسط يقوم على حل خلافات دول المنطقة، وكذا التعاون الاقتصادي في مجالات مختلفة تؤدي في النهاية إلى التنمية المستدامة والقضاء على الفقر والإرهاب.
مشروع الشام الجديد نواة لبداية تعاون عربي أوسع، ربما يشهد انضمام دول عربية أخرى لتحقيق منفعة سياسية ومادية، في ظل تحديات اقتصادية تواجه عددا من الدول العربية، التي زادت معاناتها مع جائحة كورونا.
وبلا شك، فإن المشروع تطبيق لمصطلح الأمن القومي العربي، الذي دائما ما يتحدث عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ويطلق فيه تعبيره "مسافة السكة"، والذي يمتد ليشمل العرب جميعا، والذين يرون في مصر بوابة الاستقرار والأمن للعالم العربي.
مصطلح الشام الجديد انطلق على لسان رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، خلال زيارته إلى الولايات المتحدة في أغسطس الماضي، كأن الرجل أراد أن يوجه رسالة سياسية واضحة إلى الإدارة الأمريكية وإيران، مفادها أن العراق اليوم يعود إلى الحضن العربي لينهي سيطرة إيران عليه، وأيضا الاستحواذ الأمريكي على أراضيه.
العراق بالفعل يحتاج إلى هذا الطرح الاقتصادي في المقام الأول، لأنه يضع خريطة جيوسياسية جديدة، بل إنه يمكن أن يكون "اتحادا جديدا على النسق الأوروبي"، كما وصفه "الكاظمي"، وقد يلغي منظومة الجامعة العربية، التي يرى البعض أنها بحاجة إلى إصلاحات على مدى طويل، بالإضافة إلى أنها بحاجة إلى التجديد في أفكارها ومشروعاتها.
"الشام الجديد" يمكن أن يكون بداية حقيقية لتوحيد الصف العربي، ومواجهة أخطار وأطماع دول إقليمية، وأيضا يمكنه أن يمثل تعاونا وتكاملا اقتصاديا حقيقيا بعيدا عن اتفاقيات التعاون الاقتصادي، التي تمت في إطار الجامعة العربية، والتي يتم تجميدها بعد اجتماعات القمم العربية على مدار السنوات الماضية ولا نرى تنفيذا حقيقيا لها على الأرض.
تفاصيل اقتصادية كثيرة بمشروع الشام الجديد سوف تعود بالنفع على العراق والأردن ومصر، ولعل زيارة "السيسي"، كأول رئيس مصري يزور العراق منذ 30 عاما، هي أكبر دعم للعراق في هذه المرحلة، كما أنها رسالة إلى إيران بأن أمن العراق هو أمن قومي عربي، وأن مصر تدعم استقرار العراق سياسيا واقتصاديا وأمنيا واستخباراتيا، وأن مصر لن تترك العراق غارقا في الوحل الإيراني.
دول الخليج بدورها سوف تكون داعمة لهذا المشروع الجديد، ولعلها سوف تكون جزءا منه قريبا، خاصة أنه يتفق مع مواقفها الداعمة للدول الثلاث صاحبة مشروع الشام الجديد.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة