مراسم استقبال مهيبة أقامتها الجمهورية العراقية للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وللعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، أثناء حضورهما لمؤتمر قمة بغداد.
ذاك المؤتمر الذي جمع الزعماء العرب الثلاثة، عبدالفتاح السيسي وعبدالله بن الحسين ومصطفى الكاظمي، وتميّزت الزيارة بأنها الأولى لرئيس مصري إلى العراق بعد انقطاع امتد 30 عاماً.
كانت هذه القمة الرابعة بعد سلسلة اجتماعات متعاقبة هدفها تأسيس مشروع تعاون استراتيجي كبير وطموح، وحلف جيوسياسي طرح فكرته رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي باسم "الشام الجديد"، والذي سيضم كلا من العراق والأردن ومصر، وبغض النظر عن التسمية ودلالاتها، فإن المشروع يتعلق بتجربة عربية جديدة تبدو واعدة وتستحق أن نتوقف عندها. هذه الدول الثلاث، التي ترتبط جغرافياً، عندما تتقارب سياسياً واقتصادياً ستبدو أكثر قوة ورسوخاً خاصة أن الإرادة السياسية لدى هذه الدول جادّة في تحويل هذا المشروع المستقبلي من الفكرة إلى الواقع العملي.
مشروع "الشام الجديد" يبدو في معطياته الأولية تحالفاً له مكاسب استراتيجية لجميع دوله.
العراق، البلد المنتج للنفط، سيزوّد مصر والأردن بالنفط عبر أنابيب تمتد من مدينة البصرة إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط في شمال مصر، مروراً بميناء العقبة جنوب الأردن، ويسمح له ذلك بتصدير نفطه إلى أوروبا بأسعار منافسة.
كما يطمح المشروع إلى تبادل الخبرات والطاقات البشرية، وفتح الأسواق العراقية أمام الصناعات المصرية والأردنية، وتبادل المنافع الاقتصادية والاستثمارية بين هذه الدول.
نتائج قمة بغداد تشير إلى أن مشروع "الشام الجديد" ليس نواة لمشاريع اقتصادية واستثمارية بين بغداد وعمّان والقاهرة فحسب، بل قد يرسم خريطة جيوسياسية في المنطقة، فمثلاً مجلس التنسيق السعودي العراقي يشكّل ركيزة جاهزة لدعم "الشام الجديد"، ودول الخليج، التي لديها قاعدة صناعية وخدمية ذات مستوى رفيع مثل دولة الإمارات، تشكّل الامتداد الطبيعي لهذا المشروع الذي تتوافق مواقف دوله السياسية مع مواقف دول الخليج إلى حدّ كبير.
هذا المشروع التكاملي الوليد، الذي سمي على اسم بلاد الشام، لن يكون مجرد خطة طموحة للتكامل التنموي والاستثماري فحسب، بل من شأنه، إن كُتب له النجاح والاستمرار، أن يعيد العراق بشكل هادئ وحاسم إلى دوره العربي ومكانته العربية التي يستحقها.
وبالتأكيد، فإن النظام الإيراني ومليشياته الإرهابية في المنطقة سوف تحارب هذا المشروع بكل قوة كما تفعل دائما مع أي تقارب بين العراق وأي دولة عربية.
كلنا نتمنى نجاح هذه التجربة العربية الجديدة نظراً إلى أهميتها الاستراتيجية الكبيرة، ومن المهم التعلّم من التجارب العربية السابقة التي نجحت واستمرت مثل مجلس التعاون الخليجي، وأيضاً معرفة أسباب فشل تجربة سابقة مماثلة والعمل على تجنبها، بما يضمن لهذا التحالف النجاح والاستمرار.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة