الدولة التي تخطئ قراءة التاريخ تصبح مثل السفيه والجاهل والصبي الصغير تحتاج وصاية عاقلٍ ورعاية راشدٍ، والمجتمع الدولي هو الوصي على سفاه الدول وجهلها
الدولة التي تخطئ قراءة التاريخ تصبح مثل السفيه والجاهل والصبي الصغير تحتاج وصاية عاقلٍ ورعاية راشدٍ، والمجتمع الدولي هو الوصي على سفاه الدول وجهلها، هذا أحد الأدوار الموكلة للمؤسسات الدولية وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.
دور الدول الأربع المقاطعة لدولة قطر، السعودية والإمارات ومصر والبحرين، هو التنبيه على سياسات السفه وحماقات الغرور السياسي، بالمعلومة والوثيقة قبل القراءة والتحليل، وهدفها هو كف أذى هذه الدولة أن يطال مصالحها وشعوبها.
الدعم الإيراني لقطر أمرٌ مفروغٌ منه، وإيران تعيش واحدةً من أسوأ مراحلها بعد خسارتها لحليفها أوباما داعم إيران و"الإخوان المسلمين"، ولكن تدخّل تركيا في الأزمة مع قطر وإعلانها إنشاء قاعدةٍ عسكريةٍ تركيةٍ في قطر هو تصعيدٌ كبيرٌ، وتفريطٌ في مصالح تركيا مع الدول المقاطعة
اختلال موازين القوى الدولية واحدٌ من ثوابت تقلبات التاريخ، وغالباً ما تكون محاولات إعادة توازن القوى صعبةً وتحتاج لصرامةٍ وحزمٍ أكثر مما جرى من قبل في عملية الاختلال، ونحن نشهد مرحلةً مشابهةً لإعادة التوازن، على المستويين الدولي والإقليمي، وقطر هي إحدى البدايات المهمة.
إعادة توازن القوى يغير المعادلات الخاطئة ويعيدها لمسارها الصحيح، لتستقيم الأمور على الشكل الذي يحكي الواقع، ويعبر عن الحجم الحقيقي للقوى المتنازعة، يجري هذا مع قطر اليوم وسيكون لمن يدعمها من الدول نصيبه في المستقبل، ولكن لكسب أي معركةٍ سياسيةٍ فالأفضل حصرها في خصمٍ محددٍ وعدم التشتت، وتحقيق المطلوب على مراحل.
مرحلة تحجيم دعم قطر للإرهاب وإيقاف تمويلها له بدأ يؤتي أكله في اليمن وفي ليبيا فقد أصبحت نجاحات التحالف العربي لدعم الشرعية هناك واضحةً وجليةً، وأصبحت ميليشيا الحوثي وأتباع المخلوع صالح يخسرون المناطق واحدةً تلو الأخرى، كما بات النجاح حليف الليبيين ضد جماعات الإرهاب المدعومة قطرياً، فتم طرد الجماعات الإرهابية من بنغازي، وبدون الدعم القطري ستتساقط جماعاتٌ إرهابيةٌ في كل مكانٍ، فقطع التمويل يقضي على الإرهاب.
تدرك الدول الأربع المقاطعة لقطر أنها تسير في طريقٍ لا رجعة عنه، وأن ضمان النتائج يأتي بالتعامل مع الأزمة وفق أجندة هذه الدول وتوقيتها ولا يعتمد بأي حالٍ على ردود الأفعال القطرية أو التشويش الذي يمارسه بعض حلفائها الإقليميين مع تحضيرٍ يجب أن يراعي مرحلة ما بعد قطر.
ما بعد قطر يتمثل في استراتيجيةٍ ذات خطواتٍ عمليةٍ، تعي حجم المواجهة، وحجم القرارات التي سيتم اتخاذها، وحجم المواجهة الكبرى التي سيتم بناؤها، وكما كتب كاتب هذه السطور من قبل، فإن العدو التالي بعد قطر يجب عليه أن يتحمل تبعات قراراته وسياساته ورؤيته قبل وأثناء الأزمة القطرية، وهو يتمثل في أي طرفٍ لم يزل يتلاعب سياسياً ليحصل على أفضل الشروط، وهو يعيش حالةً من عدم الاتزان في المنطقة.
الدعم الإيراني لقطر أمرٌ مفروغٌ منه، وإيران تعيش واحدةً من أسوأ مراحلها بعد خسارتها لحليفها أوباما داعم إيران و"الإخوان المسلمين"، ولكن تدخّل تركيا في الأزمة مع قطر وإعلانها عن إنشاء قاعدةٍ عسكريةٍ تركيةٍ في قطر هو تصعيدٌ كبيرٌ من قبل تركيا، وتفريطٌ في مصالح تركيا مع الدول المقاطعة، وانحيازٌ سافرٌ لا يبين عن نوايا طيبةٍ لدى صانع القرار التركي تجاه الدول المقاطعة.
لدى تركيا الكثير من المشكلات السياسية داخلياً وإقليمياً ودولياً، وهي بحاجةٍ لخلق مزيدٍ من الحلفاء لا الأعداء في المنطقة والعالم، وليس من مصلحتها بحالٍ أن تظهر للمجتمع الدولي كداعمٍ للإرهاب دولاً وجماعاتٍ.
أخيراً، وكتعليقٍ سريعٍ فإن من خطل الرأي أن يعمى صانع القرار القطري عن حقيقة الأزمة السياسية القائمة مع جيرانه الأقربين، ويلجأ لخبرةٍ تخونه في الاعتماد على وسائل الإعلام لحمايته فهي وسائل ذهب بريقها، وانفضحت أهدافها وبان عوارها، وعلى رأسها قناة "الإخوان المسلمين" وتنظيم "القاعدة" وتنظيم "داعش"، قناة "الجزيرة"، هذا فضلاً عن مواقع الإنترنت التابعة لقطر بأنواعها وأشكالها، فما بالك بحسابات التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي!
*نقلاً عن "الاتحاد"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة