المشروع الذي تتصدى له الدول الأربع اليوم هو مشروع إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط الجديد، فهي لا تستهدف قطر ولا تستهدف التنظيمات الإرهابية كأهداف، إنما تستهدفها كوسائل لتحقيق الأهداف
أليس العالم كله بما فيها الدول العظمى يحارب الإرهاب؟ ألم يطالبنا المجتمع الدولي كدول مسلمة بمحاربة التطرف والإرهاب؟ أليس الطبيعي أن يقف العالم كله معنا لمواجهة ممولي وداعمي وحاضني الإرهاب؟ أليس واضحاً وضوح الشمس ضلوع قطر بدعم وإيواء وتمويل رؤوس كثيرة ضالعة في عمليات إرهابية؟ ما الذي يحدث إذن؟
لنعيد فرز الأوراق ورقة ورقة حتى لا تنجح قطر ومن يحاول إنقاذها بخلطها وإبعادنا عن أهدافنا، لأننا في وضع بحاجة فيه إلى تعريف المعرف وشرح المسلمات.
دعونا نتذكر أن التنظيمات الإرهابية هي من أسقط نظام القذافي وزين العابدين وحسني مبارك وهي من صعد لسدة الحكم بعد سقوط تلك الأنظمة، وهي من كان من يهدف لإسقاط الدول الخليجية وهي من دخل على خط الثورة السورية وأفسدها، هذه ورقة أولى، الصلة بين من هو موجود في تونس وليبيا ومصر وتركيا وسوريا والعراق والعوامية والبحرين مع دولة قطر صلة ثابتة لا لبس فيها، فأهدافهم إذن واحدة هذه ورقة ثانية، كيف لنا أن نحارب تلك التنظيمات دون أن نتصدى للمفرخة والحاضنة إذن؟
يتضح إذن أن خروج التنظيمات الإرهابية عن السيطرة وعن السيناريو وعن ارتجالها وحدها خطوات لم ترسم لها كوصولها للأراضي الأوروبية هو فقط المسموح لنا أن نحاربه، أي مطلوب منا أن نقضي على الأدوات الضارة بالمشروع والإبقاء على المفرخة؟
المشروع الذي تتصدى له الدول الأربع اليوم هو مشروع إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط الجديد، فهي لا تستهدف قطر ولا تستهدف التنظيمات الإرهابية كأهداف، إنما تستهدفها كوسائل لتحقيق الأهداف
المشروع الذي تتصدى له الدول الأربع اليوم هو مشروع إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط الجديد، فهي لا تستهدف قطر ولا تستهدف التنظيمات الإرهابية كأهداف، إنما تستهدفها كوسائل لتحقيق الأهداف.
هل المطلوب قطع بعض أدوات المشروع والإبقاء على بعضها الآخر؟ هل الصلة غير واضحة بين من هم في قطر ومن هم ضالعون في العلميات الإرهابية في كل مناطق الصراع بما فيها الضالعون في العمليات الإرهابية التي ارتكبت في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، أو حتى تلك التي ارتكبت في الأراضي العربية وكان ضحيتها أميركيين كالسفير الأميركي الذي قتل في ليبيا؟
الصلة واضحة وضوح الشمس لنا ولبعض الدوائر في الدول الأوروبية والأميركية، ولكن فتح ملفات تلك العمليات سيفتح أبواب جهنم على من هم ضالعون في مشروع إعادة رسم المنطقة ومن يقف وراء جميع أدواته قطر وغير قطر.
من هم الضالعون في هذا المشروع؟ الضالعون أطراف معلومة وآخرون وراء الستار، المعلومون قطر وجميع من تحتضنهم وتمولهم من تنظيمات ورموز، أما غير المعلومين فهم من يحاولون إنقاذ قطر اليوم، لأنهم يريدون إنقاذ ممول مشروعهم وحاضنته وخازنة أسراره، واحتمال كبير أن قطر لا تدري بأكثر من حدود دورها.
الإرهاب أو التنظيمات الإرهابية بجميع أجنحتها المسلحة والقوى الناعمة (الجناح الديني والسياسي والحقوقي والإعلامي) أدوات لمشروع توزعت مهامه بين قطر وإيران وتركيا وإسرائيل ودوائر بريطانية ودوائر أميركية.
هكذا تتضح الصورة ويتضح معنى ومغزى تحركات قطر مع الأطراف الدولية، وتحركات بعض الدوائر في الدول الأوروبية والأميركية لإنقاذ قطر من السقوط حتى لا تفتح كل الملفات، وربما - نقول ربما - إن اقتنعت تلك الدوائر أن قطر لن تصمد أمام إصرار الدول الأربع على مواصلة سياستها فستضحي تلك الدوائر برموز من قطر كي يغلق هذا الملف، ولا يفتح على مصراعيه وتقدَم لنا قطر جديدة، لتغلق بهذا السيناريو آخر أدوات المشروع الخطير.. على الأقل إلى حين تسمح الظروف بإحيائه من جديد، وهذا ما يفسر تسارع انحسار مناطق نفوذ التنظيمات المسلحة في مناطق الصراع خلال شهر واحد فقط، لأن هؤلاء لا قطر فحسب يريد لملمة الأوراق وغلق الملف.
ذلك الفرز يدعونا لإعادة تموضعنا وتشكيل استراتيجية جديدة ترتكز على التحرك الدولي، بالضغط على تلك «الدوائر» الأجنبية التي تحاول إنقاذ قطر، بالذهاب للرأي العام الدولي مباشرة دون وساطات حكومية، لإجبار تلك «الدوائر» على مواجهة مسؤوليتها أمام مواطنيها، بالربط بين محاولة إنقاذ قطر، وبين إنقاذ من قتل مواطنين بريطانيين وأميركيين، لنجعل تلك الدوائر هي من يحاول إنقاذ سمعته ونفسه، كلما ربطت بين ضحايا الإرهاب هناك وبين من يقبعون في قطر، فإنك تضع أي طرف يحاول إنقاذ قطر في موقف محرج.
استراتيجيتنا يجب أن ترتكز على نقل مهمة غلق بؤر الإرهاب في قطر، مهمة تلك الدوائر لا مهمتنا، لنضع أهدافنا واستراتيجيتنا أمام الرأي العام الدولي لا أمام الحكومات فقط، لنربط من نتصدى لهم من تنظيمات ورموز إرهابية في قطر مع من أوصل الإرهاب للأراضي البريطانية والفرنسية والأوروبية والأميركية، وأوقع ضحايا أميركية وبريطانية وأوروبية، لنخاطب ذوي وأسر ضحايا ذلك الوحش الذي أطلقته تلك الدوائر بمشاركة قطر، لنجعلهم هم يجبرون تلك الدوائر على أن تغلق ملف هذا المشروع، فما في فخ الإرهاب أكبر من العصفور القطري.
نقلا عن الشرق الأوسط
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة