قمة بايدن وشي.. أجواء ودية على أرضية التوترات
عندما دخل الرئيسان الأمريكي جو بايدن، والصيني شي جين بينغ، إلى القمة الافتراضية الأولى بينهما، لم يكن الرجلان بحاجة إلى مقدمة.
فأجواء التوتر التي كانت تخيم على العلاقة بين البلدين، بدت مع انطلاق القمة التي طال انتظارها وكأنها فصل درامي انتهى مع تحية ودية من قبل الرئيسين.
ومن غرفة روزفلت بالبيت الأبيض، ظهر بايدن وإلى جانبه وزير خارجيته أنتوني بلينكن وعدد قليل من مساعديه، مستهلا القمة: "لقد أمضينا وقتا طويلا جدا في التحدث مع بعضنا البعض، وآمل أن نتمكن من إجراء محادثة صريحة الليلة أيضا".
وبابتسامة مسننة، بدا بايدن مغرما بالاستشهاد بعشرات الساعات وآلاف الأميال التي سجلها مع شي عندما كان كلاهما يعمل نائبا للرئيس في بلديهما، بل إنه "أمضى وقتا مع الرئيس الصيني أكثر من أي زعيم آخر".
وكان بايدن يفضل مقابلة نظيره الصيني شخصيا، لكن الأخير لم يغادر بلاده منذ بداية جائحة فيروس كورونا، إلى أن طرح البيت الأبيض فكرة الاجتماع الافتراضي باعتباره أفضل شيء للسماح للزعيمين بإجراء محادثة صريحة حول مجموعة واسعة من التوترات في العلاقة.
"الصديق القديم"
أما شي، الذي ظهر ومن حوله، مدير الحزب الشيوعي دينغ شويشيانغ وعدد من المستشارين، فلم يكن أقل من بايدن في الاستطراء حين استقبله بـ"الصديق القديم"، مستخدما تعبيرا صينيا "lao peng you" يظهر مستوى من الألفة والثقة.
تعبيرٌ يقول وانغ هوياو، رئيس مركز الصين والعولمة، في تصريحات صحفية، إن استخدامه "يظهر النوايا الحسنة الحقيقية".
وبشرح تقريبي، أوضح البروفيسور شي ينهونغ ، خبير العلاقات الدولية في جامعة رينمين في الصين "عندما يطلق الصينيون على شخص ما صديقا قديما ، فإننا نعني أننا عرفناه منذ فترة طويلة".
"لكن الصديق القديم لا يعني بالضرورة أنه لا يزال صديقا حقيقيا". وفق ما يرى شي ينهونغ.
وفي الطرف الآخر، رأى دانييل راسل، كبير الدبلوماسيين الأمريكيين لشؤون آسيا في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، أن هذا جزء من سعي كل زعيم إلى "أرضية سردية عالية" في الافتتاح.
أجواء ودية على أرضية التوترات
غير أن الأجواء الودية التي طغت على مستهل القمة بين زعيمي أكبر اقتصادين في العالم، لم يكتب لها أن تدوم طويلا، فكلا الطرفين أمسك بشباكه وبدأ يلقيها في بحر التوترات.
فالرئيس الأمريكي أعرب عن "مخاوفه" تجاه حقوق الإنسان في الصين، مطلقا تحذيرا بشأن تايوان التي لطالما شكّلت عمودا في أساس الأزمة بين البلدين.
وأكد أنه "يعارض بشدة" كل محاولة "أحادية لتغيير الوضع الراهن أو الإخلال بالسلام والاستقرار في مضيق تايوان"، وفق بيان صادر عن البيت الأبيض في أعقاب القمة.
بدوره، حذّر الرئيس الصيني نظيره الأمريكي، من أن السعي لتحقيق استقلال تايوان هو "لعب بالنار"، قائلا بحسب إعلام محلي في بلاده إن السلطات في تايبيه "حاولت مرات عدة الاعتماد على الولايات المتحدة لتحقيق الاستقلال والبعض في واشنطن يحاول استخدام تايوان للسيطرة على الصين".
وفي الجزئية الأخيرة، اعتبر الرئيس الصيني أن "هذا الاتجاه خطير جدا وهو كاللعب بالنار، ومن يلعب بالنار سيحترق".
وتايوان البالغ عدد سكانها نحو 23 مليون نسمة، تعتبرها الصين جزء لا يتجزأ من أراضيها، وتعهدت بإعادة ضم الجزيرة يوما ما، بالقوة إذا لزم الأمر.
وللعقلانية مكان
وما بين الود والعتاب والتحذير، احتفظ الرئيسان الأمريكي والصيني بمساحة من العقلانية، وهو ما ظهر حين أخبر بايدن، شي، عبر مترجم، خلال الاجتماع، "يبدو لي أن مسؤوليتنا كقادة للصين والولايات المتحدة هي ضمان ألا تنحرف المنافسة بين بلدينا إلى صراع ، سواء كان مقصودا أو غير مقصود. فقط مجرد منافسة مباشرة".
داعيا إلى "إنشاء بعض حواجز الحماية، حتى لا تنحرف المنافسة بين البلدين إلى صراع ، ولنكن واضحين وصادقين عندما نختلف ونعمل معا حيث تتقاطع اهتماماتنا".
بدوره، شدد الرئيس الصيني على أن العلاقات السليمة والمستقرة. مع الولايات المتحدة ضرورية لدفع التنمية في البلدين وحماية بيئة دولية سلمية ومستقرة ، بما في ذلك إيجاد استجابات فعالة للتحديات العالمية مثل تغير المناخ وجائحة كورونا.
وقال إنه يتعين على الصين والولايات المتحدة احترام بعضهما البعض، والتعايش في سلام، والسعي إلى التعاون المربح للجانبين، معربا عن استعداده للعمل مع الرئيس بايدن لبناء توافق واتخاذ خطوات فعالة لدفع العلاقات الصينية الأمريكية إلى الأمام في اتجاه إيجابي.
aXA6IDMuMTQ5LjIzNC41MCA= جزيرة ام اند امز