عواقب قانون "بايدن" للمناخ.. حرب تجارية بين أمريكا وأوروبا
بدأ الوقت ينفد أمام الاتحاد الأوروبي لحل الخلاف مع أمريكا، بشأن برنامج الدعم الضخم الذي من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ مطلع 2023.
حيث تدرس الكتلة سلسلة من الإجراءات لضمان استمرار قدرة الشركات الأوروبية على المنافسة.
وتحاول المفوضية الأوروبية إيجاد طريقة للتأكد من أن شركات الاتحاد الأوروبي ليست في وضع غير موات من الإعانات التي سيقدمها قانون خفض التضخم الذي أصدره الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى الشركات الأمريكية، كما أوردت وكالة بلومبرج للأنباء.
مكافحة الإغراق من بين تحركات أوروبية
وتتضمن بعض الخيارات المتاحة لدى مسؤولي الاتحاد الأوروبي إجراءات مكافحة الإغراق، وأداة جديدة للتعامل مع التشوهات الناجمة عن الإعانات التي يقدمها البلدان غير الأعضاء بالاتحاد الأوروبي للشركات التي تعمل داخل السوق الموحدة.
ومن المتوقع أن تعمل الذراع التنفيذية للتكتل الموحد على تقييم طريقة تقليل المعوقات البيروقراطية للشركات المستفيدة من حوافز الاتحاد الأوروبي الحالية.
لكن الاتحاد الأوروبي متردد إلى الآن في اتخاذ إجراءات ملموسة، بما فيها وضع برنامج دعم خاص به، لأنه قلق من التداعيات غير المباشرة السلبية في كافة أنحاء العالم، تتخذ الدول الأعضاء أيضاً موقفاً مناهضاً لإشعال حرب تجارية مع حليفها عبر الأطلسي رغم اعتبار حزمة المساعدات خرقًا لقواعد منظمة التجارة العالمية.
وقالت وزيرة التجارة الخارجية الهولندية ليسجي شرينماخر، الجمعة 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وهي في طريقها لحضور اجتماع مع زملائها بالاتحاد الأوروبي في بروكسل: "أريد تفادي نشوب حرب تجارية بأي طريقة، ولا يوجد طرف سيستفيد من أي حرب تجارية".
بوادر حرب تجارية أوروبية-أمريكية
ويقول صناع السياسة لدى الاتحاد الأوروبي إن القانون الأمريكي يُعدّ خرقاً لقواعد منظمة التجارة العالمية الخاصة بحظر تقديم الدعم والتمييز. ويحتج التكتل الأوروبي بأن الإعفاءات الضريبية وفقاً للتشريع تمثل عقاباً لصناع السيارات الأوروبيين، لأنها تضطرهم للحصول على المواد الخام للبطاريات الكهربائية من الدول التي لديها اتفاقية للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة.
فيما قال متحدث باسم المفوضية إن القانون الأمريكي يوضح مدى أهمية أن يتعاون الاتحاد الأوروبي وواشنطن من أجل تنسيق المقاربات الخاصة بقضايا التكنولوجيا والاقتصاد والتجارة العالمية الأساسية. وأضاف المتحدث أن الجهود المبذولة تتطور بثبات وستتواصل.
وقد ناقش وزراء التجارة في الاتحاد الأوروبي الخطة الأمريكية أمس الجمعة قبل انطلاق المحادثات رفيعة المستوى المقررة بواشنطن الشهر المقبل بين المفوضية وإدارة "بايدن"، لكن طغت النتائج الهزيلة للمحادثات الرامية للتصدي للمخاوف الأوروبية بشأن القانون الأمريكي على تقدم المناقشات بمجلس التجارة والتكنولوجيا.
ولا تتوقع المفوضية أن تُعدل الولايات المتحدة النقاط الأساسية للقانون لأنها تُعتبر جزءاً رئيسياً من برنامج أعمال "بايدن". عوضاً عن ذلك، يدرس فريق العمل، الذي تكون للتصدي للمخاوف الأوروبية، قرارات محددة لبعض المطالب الخاصة للتكتل الموحد.
ويطمح المسؤولون إلى إنجاز بعض النتائج المهمة مع حلول وقت انعقاد اجتماع مجلس التجارة والتكنولوجيا في 5 ديسمبر/كانون الأول المقبل، لكن فريق الاتحاد الأوروبي متشائم بصورة متنامية؛ إذ لا يوجد شعور بالعجلة لدى الولايات المتحدة عقب انعقاد 3 اجتماعات، وبدلاً من ذلك، تشدد واشنطن على وجود الفرص المتاحة للشركات الأوروبية من خلال حزمة المساعدات الخضراء.
خيارات.. وتسوية
وأوضح فالديس دومبروفسكيس، نائب رئيس المفوضية الأوروبية لشؤون التجارة، أن اجتماع ديسمبر/كانون الأول المقبل سيكون "وقتاً ملائماً لتقييم الموقف" ثم اتخاذ قرار حيال الإجراءات التالية.
أوبلغت المفوضية الأوروبية البلدان الأعضاء فعلاً بأن فريق العمل سيواصل جهوده في أعقاب اجتماع ديسمبر/كانون الأول المقبل، حتى يتضح لفريق الاتحاد الأوروبي كيف تنوي الولايات المتحدة تنفيذ برنامج الإعانات بداية من مطلع يناير المقبل، مع بدء سريان مفعول القانون.
وتريد المفوضية الأوروبية الإبقاء على كافة الخيارات الممكنة متاحة، بما فيها رفع دعوى قضائية أمام منظمة التجارة العالمية، رغم إصرار التكتل في غضون الأيام الماضية على أن الحوار يُعتبر أفضل وسيلة للتوصل لحل.
وربما تستغرق القضية أعواماً عديدة لشق طريقها عبر نظام تسوية المنازعات المكبل للكيان التجاري. وحتى في حال تحقيق الاتحاد الأوروبي النصر في النزاع باهظ التكلفة والمُهدر للوقت، تستطيع الولايات المتحدة استغلال حق النقض (الفيتو) ضد النتيجة عن طريق استئناف القرار أمام هيئة الاستئناف المصابة بالشلل، والخاصة بمنظمة التجارة العالمية.
وأيضًا، ربما يقنع الإخفاق في تسوية القضية الدول الأوروبية بوضع برنامج مماثل للإعانات المحلية الهائلة الخاص بأميركا، والتي يمكن أن تغوص سريعاً في حرب تجارية عبر المحيط الأطلسي تشبه معركة دعم شركتي "إيرباص" و"بوينغ" التي استمرت عدة عقود.
وتطالب الدول الأعضاء بنفس المعاملة التي تحظى بها كندا والمكسيك وفقاً لقانون الولايات المتحدة. وحذر أوليفييه بيخت، الوزير الفرنسي المنتدب للتجارة الخارجية من أنه إذا لم يحدث ذلك، "فسيتوجب علينا بالطبع التفكير في اتخاذ تدابير أخرى قد تكون قمعية، أو تدعم بوضوح شركاتنا هنا على أراضي أوروبا".