يرى أكثر من ثلاثة أرباع الناخبين المسجلين أن أمريكا تتحرك في الاتجاه الخاطئ.
وهو شعور بالتشاؤم سائد ويمتد إلى كل ركن من أركان البلاد، وسط تزايد رفض الديمقراطيين ترشح بايدن للانتخابات الرئاسية عام 2024.
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" في 11 يونيو الماضي استطلاع رأي استندت فيه إلى أحاديث مع 50 مسؤولا ديمقراطيا أعرب جميعهم فيها عن خوفهم العميق من حالة الشيخوخة التي يُعاني منها الرئيس الأمريكي.
وكشف الاستطلاع ذاته عن تحدٍّ جديد يُهدد الرئيس بايدن بسبب رغبة غالبية الحزب الديمقراطي في اختيار رئيس جديد بانتخابات الرئاسة 2024.. ووفقا للاستطلاع يرغب 64% من الناخبين الديمقراطيين في ترشح قائد آخر يحمل لواء الحزب في انتخابات الرئاسة المقبلة.. وفي المقابل، يرغب 33% فقط من الناخبين من الحزب الديمقراطي في ترشح بايدن لانتخابات 2024.
وتشير تلك النتائج إلى مخاوف شريحة واسعة من كبار قادة الحزب الديمقراطي، الذين عبّروا عن شكوكهم في قدرة بايدن على إنقاذ الحزب من الهزيمة في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، والمقررة نوفمبر المقبل، ويعتقدون أيضا أنه لا يمكن وضع احتمالات كبيرة لفوزه في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
تُمثل استطلاعات الرأي العامل الأساسي، الذي يمكن من خلاله الاعتماد على نتائجه للتعبير عن مدى رفض الديمقراطيين لترشح بايدن للانتخابات الرئاسية مرة أخرى.. فقد كشف استطلاع للرأي أجرته جامعة هارفارد مؤخرا، ونشرته صحيفة "ذا هيل"، أن 71% من الأمريكيين لا يعتقدون أن بايدن يجب أن يترشح لولاية ثانية، مقارنة بـ29% يؤيدون ترشحه لولاية ثانية.
ومن بين المجموعة التي تعتقد أن بايدن لا ينبغي أن يترشح، قال 45% إنه لا يجب أن يترشح مرة أخرى لأنه "رئيس سيئ"، في حين قال نحو الثلث إنه "كبير في السن"، وقال رُبعهم تقريبا لأنه "وقت التغيير".
كما كشف استطلاع للرأي العام أجرته خدمة الأبحاث بجامعة كوينيبياك، في الفترة 14-18 يوليو الماضي، أن ما يقرب من 71% من المشاركين في الاستطلاع يُعارضون ترشح الديمقراطي بايدن للرئاسة مرة أخرى في عام 2024.
ومن بين أنصار الحزب الديمقراطي يؤيد 54% هذا الرأي، في حين أن 64% لا يؤيدون مشاركة الجمهوري دونالد ترامب في السباق الرئاسي المقبل.
وكشف الاستطلاع أيضا عن انخفاض التأييد الشعبي لبايدن إلى 36%، وهو أدنى مستوى له منذ 19 شهرًا في "البيت الأبيض"، في حين أن 59% من الأمريكيين عبّروا عن عدم رضاهم عن عمل الرئيس بايدن.
وقد بدأت القيادات الديمقراطية تعلن -رسميا- رفضها ترشح بايدن مرة أخرى، فقد أشار ستيف سيمونيديس، عضو اللجنة الوطنية الديمقراطية في مدينة ميامي، إلى أن القول بأن الولايات المتحدة تسير على الطريق الصحيح "يبتعد بشكل صارخ عن الواقع". مضيفا أنه "يجب على الرئيس أن يعلن بعد الانتخابات النصفية مباشرة، نيته عدم السعي لإعادة انتخابه".
وبعد الانتكاسات والعثرات العديدة التي ارتكبتها إدارة بايدن، أصبح الحديث يدور بين الديمقراطيين عن أن الرئيس بايدن يجب أن يتنحّى للسماح لسياسي أصغر وأكثر ذكاءً يقود الحزب في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2024.
على الصعيد الاقتصادي، وعلى مدار الأشهر الماضية، شهدت معدلات التضخم ارتفاعا غير مسبوق في الولايات المتحدة، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الوقود، بالتزامن مع استمرار وباء "كوفيد-19"، وسلسلة عمليات إطلاق النار الجماعي، بالإضافة إلى تعثر أجندة الرئيس بايدن، ورفض بعض الديمقراطيين في مجلس الشيوخ العمل على الدفع بأجندة الرئيس في مشروع "إعادة البناء بشكل أفضل"، بالإضافة إلى فشل بايدن في صنع علاقات خارجية جيدة ودعم المكانة الأمريكية عالميا للحفاظ على المصالح الأمريكية، هذا إلى جانب الفشل الواضح في حسم الملف النووي الإيراني، والوصول إلى صيغة تخدم المصالح الأمريكية وحماية حلفائها من هذا التهديد الخطير، ويرافق ذلك كله الأزمة الروسية-الأوكرانية التي أظهرت ضعف إدارة بايدن بشكل كبير.
لقد شعر الديمقراطيون بالإحباط من إدارة بايدن بينما تتصاعد التحديات التي تواجه الولايات المتحدة وتُظهر القاعدة الشعبية للحزب الديمقراطي حماسة منخفضة، فيما تزايد قلق الديمقراطيين في اجتماعات النقابات، والغرف الخلفية لمبنى الكابيتول هيل، وفي التجمعات الحزبية من الساحل الشرقي للبلاد إلى الساحل الغربي، وتفاقمت الإحباطات.
وعلاوة على ذلك، سيؤدي عدم قيام بايدن بتوحيد صفوف الديمقراطيين إلى عدم قدرته على السيطرة على الجناح التقدمي لحزبه، ما قد يُعيق تكتلات التصويت المتأرجحة الحاسمة، بما في ذلك اللاتينيون.
يتضح مما سبق أن حظوظ بايدن لدى الديمقراطيين تتضاءل يوما بعد يوم، لأن الديمقراطيين يخططون للبقاء في "البيت الأبيض" بأي طريقة كانت وسط الخوف من وجود منافس جمهوري قوي يغير مسار السياسة الأمريكية مرة أخرى، كما فعل ترامب.
وأخيرا، في ضوء ما أعلنه الرئيس بايدن لشبكة "إيه بي سي نيوز"، في ديسمبر الماضي، بأنه يعتزم الترشح لإعادة انتخابه في عام 2024، ورفض الديمقراطيين فكرة ترشحه، يمكن الإشارة إلى أن هناك عوامل عدة ستحدد المستقبل السياسي لبايدن، وهي مدى استغلاله الفترة المقبلة لصالح دعم أجندته السياسية، ومدى القدرة الصحية له على الاستمرار، ومعدل موافقة الأمريكيين على أدائه كرئيس، بالإضافة إلى موقف الديمقراطيين من نتائج انتخابات التجديد النصفي المقبلة للكونجرس، ونتائج تحقيقات 6 يناير في اقتحام مبنى الكابيتول على الفرص السياسية للرئيس السابق ترامب.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة