في سباق السلطة، لا شيء يُترك للصدفة، فهناك خطط تُرسم في العلن، وأخرى في الكواليس. فما الذي كان يجري خلف الأبواب المغلقة داخل الحزب الديمقراطي الأمريكي؟
في الكواليس التي كشف عنها كتاب "داخل أعنف معركة على البيت الأبيض"، لجوناثان ألين وأمي بارنز، "كانت هناك خطط طارئة سرية لأكثر من عام قبل يوم الانتخابات الأمريكية، تحسبا لوفاة الرئيس (آنذاك) جو بايدن في المنصب أو استبعاده من ترشيح الحزب". وفقا لما طالعته "العين الإخبارية" في صحيفة "الغارديان".
ويشير الكتاب الذي نشرت صحيفة "الغاديان" البريطانية مقتطفات منه، إلى كيف أعدّ مسؤولو الحزب "قائمة قضاة" لتنصيب كامالا هاريس رئيسة في حال الطوارئ".
وبينما كان البيت الأبيض ومسؤولو الحزب وإعلاميون مثل مذيع "إم إس إن بي سي" جو سكاربورو، يتحدثون علنا أن بايدن "لائق للرئاسة"، كان مستشارو نائبة الرئيس، وقتها، كامالا هاريس "يخططون خلف الكواليس لسيناريو وفاة بايدن المفاجئة"، وفقا لما ورد في الكتاب.
كما انخرط مسؤولو اللجنة الوطنية الديمقراطية في استعدادات مماثلة، بحسب ألين وبارنز.
ولطالما كانت مسألة عمر بايدن ولياقته البدنية مشكلة للديمقراطيين، وقد بلغت ذروتها في 27 يونيو/حزيران، عندما قدّم الرئيس أداء وُصف بـ"الكارثي" على خشبة المسرح أمام المرشح الجمهوري حينها دونالد ترامب في أتلانتا.
التفاصيل والسيناريوهات
"في محادثات سرية بدأت في عام 2023، درس مسؤولو اللجنة سيناريوهات انسحاب بايدن، وفقا لشخصين مطلعين"، وفق ما ذكره المؤلفان.
كان الهدف من ذلك هو ضمان استعداد الحزب لكل الاحتمالات التي تمثلت في التالي:
- إذا أطلق بايدن حملته ثم تنحى قبل الانتخابات التمهيدية.
- إذا فاز في عدة انتخابات تمهيدية ثم لم يستطع الاستمرار.
- إذا حصل على عدد كافٍ من المندوبين للفوز بالترشيح لكنه انسحب قبل فوزه بتصويت في المؤتمر.
- إذا ترك شاغرا في أعلى قائمة المرشحين بعد فوزه بالترشيح.
وفي نهاية المطاف، انسحب بايدن، البالغ من العمر 82 عاما، من السباق الرئاسي لعام 2024 في 21 يوليو/تموز، وسط ثورة من الحزب بعد "الأداء الكارثي" في مناظرة 27 يونيو ضد دونالد ترامب - والتي كافح خلالها لإكمال أفكاره بالكامل والإجابة على الأسئلة.
وبحسب ألين وبارنز، فقد كان كبار الديمقراطيين قلقين لأشهر من أنه لن يجتاز الحملة المرهقة حتى النهاية.
"أكد أحد المسؤولين المشاركين في المحادثات السرية على الخوف من أن بايدن لن يصل إلى يوم الانتخابات كمرشح للحزب: "هذا يوضح ما كان علينا فعله للاستعداد للظروف الفريدة التي واجهناها، والتي كانت رئيسا يبلغ من العمر أكثر من 80 عاما وكان يترشح"، كما يزعم الكتاب.
"قائمة الموت"
داخل البيت الأبيض، كان أحد الشخصيات الرئيسية في التخطيط للطوارئ هو جمال سيمونز، مدير الاتصالات السابق لهاريس، الذي أعدّ حتى "قائمة طوارئ" بالقضاة الذين يمكن استدعاؤهم بسرعة لأداء اليمين الدستورية لهاريس، إذا لزم الأمر.
ورغم أنه "لم يخبر نائبة الرئيس عن قائمة الطوارئ قبل مغادرته"، إلا أن سيمونز أصر على أن يتم "إخطاره فورا إذا حدث شيء لبايدن، لأنه كان قد أعد استراتيجية اتصالات كاملة"، وفقا لما ذكره ألين وبارنز.
لاحقا، بعد فوز ترامب في الانتخابات، لفت سيمونز الأنظار على المستوى الوطني عندما اقترح علنا أن يتنحى بايدن عن منصبه قبل التنصيب، حتى تتمكن هاريس من دخول التاريخ كأول رئيسة للولايات المتحدة.
وفي تصريح لشبكة "سي إن إن" الأمريكية، في ذلك الوقت، قال سيمونز: "كان جو بايدن رئيسا رائعا، وقد أوفى بالعديد من الوعود التي قطعها. هناك وعد أخير يمكنه الوفاء به: أن يكون شخصية انتقالية".
وأضاف: "يمكنه الاستقالة من الرئاسة في غضون 30 يوما، ليجعل كامالا هاريس رئيسة للولايات المتحدة".
لكن بايدن لم يفعل ذلك. إذ كان الرئيس الـ46 يعتزم البقاء في السباق حتى بعد فشل المناظرة الرئاسية، لكن أداؤه أمام جمهور عالمي أجبره على إعادة التفكير. بحسب صحيفة "نيويورك بوست".
وكتب ألين وبارنز: "لخّص أحد المخضرمين في الحملات الانتخابية مشاعر الديمقراطيين الذين كانوا يخشون أن يعلقوا مع هاريس، لكنهم مع ذلك أرادوا خروج بايدن: على الأقل لديها نبض’".
شرائط ملونة في نيوجيرسي
بعد يومين من المناظرة، استضاف حاكم نيوجيرسي فيل ميرفي حفل استقبال للمتبرعين حضره بايدن. وخلال الحدث، احتاج الرئيس إلى شرائط ملونة على الأرض كدليل له أثناء السير"، وفق ما ورد في الكتاب.
وذكر المؤلفان أن بايدن "لم يكن يبدو بحالة جيدة" و"لم يكن صوته ينبض بالحيوية".
في الوقت نفسه، حثّ كبار الشخصيات الديمقراطية بايدن سرا على التفكير في الانسحاب، حيث سأله رئيسه السابق باراك أوباما مباشرة: "ما هو مسارك؟"
فكر بايدن للحظة، ثم رد مستهزئا: "ما هي خطتك اللعينة؟"
يُذكر أن ألين وبارنز سبق أن ألّفا كتبا حول فوز ترامب في 2016 وهزيمته في 2020، ومن المقرر نشر كتابهما الجديد في 1 أبريل/نيسان القادم.
ولم يصدر عن هاريس أو الحزب الديمقراطي أي تعليق حتى اللحظة على ما جاء في هذا الكتاب.