أمريكا والشرق الأوسط.. هل تهدد الحرب إرث بايدن؟
يقف الشرق الأوسط على أعتاب حرب شاملة، وفي حين يتعين على إيران وإسرائيل الاختيار بين الحرب والسلام فإن دور الرئيس الأمريكي جو بايدن حاسم.
ولمنع وصول الصراع لنقطة لا يمكن السيطرة عليه بعدها، يجب على الرئيس الأمريكي جو بايدن إظهار المزيد من السلطة وأن يكون أقل سلبية مما فعل على مدار العام الماضي وذلك وفقا لتحليل لموقع "ريسبونسيبل ستايت كرافت".
ومع اتساع نطاق الصراع تجاوزت المواجهة بلاد الشام واليمن لتصبح حربا مباشرة بين إسرائيل وإيران، ومن المؤكد أن الولايات المتحدة ستنجرف إليها، وهو الأمر الذي سيرحب به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باعتباره جزءا من خطته الاستراتيجية، بحسب التحليل الذي كتبه الكاتب روبرت هانتر.
والمؤسف أن المناقشة داخل فريق بايدن لا تدور حول ما إذا كان ينبغي لإسرائيل الرد على الهجوم الصاروخي الإيراني أم لا، بل تدور حول أين وكيف ترد وبالتالي، فإن الوسائل لكسر حلقة العنف المتصاعد غير واضحة.
وطوال العام الماضي، كانت الولايات المتحدة تقاتل بالوكالة في إطار "دعمها المفتوح للحرب الإسرائيلية متعددة الجبهات"، حيث تعتمد تل أبيب بشكل مطلق على الأسلحة الأمريكية وغيرها من أشكال الدعم التي تحصل عليه بقيود قليلة للغاية، بالإضافة إلى الدور الأمريكي المباشر في اعتراض الصواريخ الإيرانية لمرتين.
وفي حين كانت واشنطن من أنصار خفض التصعيد في غزة ولبنان، فإن ذلك كان يتم من خلال استمالة المتحاربين بدلا من العمل على فرض وقف إطلاق نار.
وفيما يتعلق بإيران، ترحب الولايات المتحدة وإسرائيل بـ"تغيير النظام وتسعى تل أبيب لتفكيك إيران وهو ما عملت عليه على مدار سنوات لكن يتعين على فريق بايدن أن يفهم أن الفوضى الناجمة عن هذا التصعيد ستصيب مختلف أنحاء المنطقة وخارجها"، بحسب التحليل ذاته.
ووفق التحليل، دائما ما كانت المصلحة الاستراتيجية الأكثر أهمية لواشنطن تتمثل في "إحباط أو منع تطوير إيران للأسلحة النووية وهو الجهد الذي عمل نتنياهو لسنوات على تقويضه".
وفي 2015، أبرمت الولايات المتحدة والدول الكبرى اتفاقا نوويا مع إيران نجح في تقليص برنامجها النووي وتجميده ولكن نتنياهو حارب هذا الاتفاق بشدة مثلما فعل في خطابه أمام الكونغرس في العام نفسه والذي عارض خلاله أي اتفاق يسمح لإيران بالاحتفاظ ببرنامج نووي مدني.
وفي ظل جهود نتنياهو، انسحب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق في 2018، ومع تولي بايدن السلطة في 2021 كان بإمكانه العودة إليه لكنه بدلا من ذلك انخرط في عملية مطولة للتفاوض على اتفاق "أفضل" مع إيران.
ومن المفارقات أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أكد في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي استعداد طهران العودة للاتفاق، لكن فريق بايدن تجاهله.
"فشل" في غزة
وفيما يتعلق بغزة، أكد بايدن منذ فترة طويلة الحاجة إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، لكنه فشل في وضع القوة الأمريكية وراء هذا الطلب.
حتى عندما أظهرت حماس بعض المرونة، فرض نتنياهو مطالب جديدة وعندما فشلت الدبلوماسية الأمريكية لم يفعل بايدن شيئا لربط أو وقف إمدادات الأسلحة لإسرائيل ولو بشكل مؤقت باستثناء حجب محدود لقنابل تزن 2000 رطل.
وفي الواقع، فإن نتنياهو لم يجد أي عقبة تحول دون اتخاذ الخطوة التالية في استراتيجيته طويلة الأجل، وهو ما يعني أن بايدن أعطى فعليا الضوء الأخضر لحملة القصف الإسرائيلية المتواصلة والتوغل البري في لبنان، وفق التحليل.
والأمر الأكثر أهمية الآن هو أن بايدن لن يتصرف، ربما يتحدث، ولكنه لن يطالب بأي شيء، في حين يحول نتنياهو تركيزه العسكري إلى إيران، وهي الجبهة الأكثر أهمية لمستقبل الشرق الأوسط بأكمله وللمصالح الاستراتيجية الأمريكية بالمنطقة.
وكما هو الحال دائمًا، أجرى نتنياهو حسابات ذكية حول السياسة الداخلية الأمريكية. ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقررة بعد شهر واحد فقط، فهو يعلم أن بايدن لن يفعل شيئًا لمنع إسرائيل حتى يوم الانتخابات في 5 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وربما حتى يوم التنصيب في يناير/كانون الثاني المقبل لأن الرئيس الأمريكي لم يخاطر بإزعاج اللوبي الإسرائيلي في واشنطن، على حد قول التحليل.
التحليل قال أيضا، إن مطالبة نتنياهو بعدم مهاجمة مواقع حيوية في إيران "قد تجعل الحرب الكبرى حتمية بما يشمل تدخل الولايات المتحدة عسكريا وهو ما كان يحلم به رئيس الوزراء الإسرائيلي منذ فترة طويلة حيث كان يريد أن تتولى الولايات المتحدة معالجة مشكلة إيران"".
ورغم معارضة بعض العمليات العسكرية الإسرائيلية، إلا أن الدعم الشعبي الأمريكي لأمن إسرائيل كان راسخاً على الدوام.
"تحركات مطلوبة"
وباعتبارها الراعي الأبرز والأكثر قوة لإسرائيل، يتعين على واشنطن الآن أن توضح لإسرائيل أن استمرار الدعم العسكري والدبلوماسي الأمريكي سيكون في خطر إذا فشل نتنياهو في مراعاة التقييمات الأمريكية لاحتياجات إسرائيل الأمنية بشكل كامل.
ويتعين على إسرائيل أيضًا أن تستوعب المصالح الأمريكية، بما يشمل عدم اندلاع حريق كبير في المنطقة ويمكن للولايات المتحدة وغيرها من الدول أن تحث إيران أيضًا على كبح جماح نيرانها، خشية أن تخاطر بمعاناة هائلة في حرب مدمرة بشكل رهيب.
ويجب على بايدن الآن أن يضع مصالح الولايات المتحدة في المقام الأول، بدلاً من الاستمرار في الخضوع لرؤية إسرائيل ورغباتها لأن رئاسته على المحك الآن فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، وفق التحليل.