بايدن وخطة إنقاذ المناخ.. 5 تحديات أمام الإدارة الجديدة
يستعد الرئيس الأمريكي جو بايدن للتعامل مع تغير المناخ بطريقة لم يفعلها أي رئيس أمريكي سابقا، من خلال تعبئة إداراته لمواجهة التحدي بطرق استراتيجية ومتكاملة.
بايدن هو الرئيس رقم 46 للولايات المتحدة، والتي تجرى إجراءات تنصيبه، الأربعاء، 20 يناير/كانون الثاني، ليبدأ ممارسة مهامه وإصدار أول قراراته التي تتعلق بملف المناخ والوفاء بوعوده الانتخابية بإعادة أمريكا لاتفاقية باريس بشأن المناخ.
وانسحبت الولايات المتحدة من اتفاقية باريس بقرار من الرئيس السابق دونالد ترامب في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، لكن بايدن تعهد بالبدء فورًا في عملية انضمام دولته إلى الاتفاقية بعد نجاحه في الانتخابات، باعتبار أن تغير المناخ مشكلة مشتركة عالمية، وأن التعاون الدولي ضروري للحد من خطر انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
عقبات أمام الإدارة الجديدة
ويرى الدكتور بيل ريتر جونيور، مدير مركز اقتصاد الطاقة الجديد التابع لجامعة ولاية كولورادو الأمريكي، أن هناك 5 تحديات كبرى تنتظر إدارة بايدن لعلاج أزمة المناخ، وتشمل:
1- التعامل مع التراجعات في سياسة المناخ
منذ أيامها الأولى، بدأت إدارة ترامب في محاولة إبطال أو إضعاف اللوائح البيئية الأمريكية. لقد تراجعت عن 84 قاعدة بيئية بحلول نوفمبر/تشرين الثاني 2020، بما في ذلك سياسات المناخ الرئيسية، وفقًا لتحليل "نيويورك تايمز" للأبحاث من كليات الحقوق بجامعة هارفارد وكولومبيا.
وأهمية تلك القواعد تكمن في قدرتها على الحد من تلوث الاحتباس الحراري من محطات الطاقة والسيارات والشاحنات، إذ نجحت في تقليل انبعاثات الميثان الناتج عن النفط والغاز، وهو أحد الغازات الدفيئة القوية ذات الخطورة العالية.
أيضًا تحركت إدارة ترامب لفتح المزيد من الأراضي لمزيد من الحفر والتعدين وخطوط الأنابيب، لذا فالمهمة أمام الإدارة الجديدة ليست هينة.
2- الضغط على الدول الأخرى لاتخاذ إجراءات
يمكن لبايدن إعادة الولايات المتحدة بسرعة إلى اتفاقية باريس الدولية للمناخ، التي من خلالها وافقت الدول في جميع أنحاء العالم على تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تؤدي إلى الاحتباس الحراري. لكن إعادة ترسيخ الدور القيادي للأمة مع مجتمع المناخ الدولي هي فترة أطول بكثير.
سيقود وزير الخارجية السابق جون كيري هذا الجهد كمبعوث خاص لتغير المناخ، وهو منصب جديد على مستوى مجلس الوزراء مع مقعد في مجلس الأمن القومي.
يمكن للأطياف الأخرى من الحكومة الضغط على الدول لاتخاذ إجراءات، ويمكن لتمويل التنمية الدولية أن يشجع الإجراءات الصديقة للمناخ، ويمكن للاتفاقيات التجارية والتعريفات أن تضع قواعد السلوك.
3- تنظيف قطاع الطاقة
تهدف خطة مناخ بايدن-هاريس إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من قطاع الطاقة إلى الصفر الصافي بحلول عام 2035.
وفي حين أن 62 مرفقًا رئيسيًا في الولايات المتحدة قد حددت أهدافها الخاصة بخفض الانبعاثات، فإن معظم القادة في هذا القطاع قد يجادلون بأن طلب صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2035 سريع للغاية.
تتمثل إحدى المشكلات في أن الولايات غالبًا ما تشارك في تنظيم قطاع الطاقة أكثر من الحكومة الفيدرالية. وعندما يتم إقرار اللوائح الفيدرالية، غالبًا ما يتم الطعن فيها في المحكمة، ما يعني أن تنفيذها قد يستغرق سنوات.
ويتطلب الحد من غازات الاحتباس الحراري أيضًا تحديث شبكة نقل الكهرباء. يمكن للحكومة الفيدرالية تبسيط عملية التصريح للسماح بمزيد من الطاقة النظيفة، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وبدون هذا التدخل قد يستغرق الأمر عقدًا أو أكثر للسماح بخط نقل واحد.
4- إزالة الكربون من قطاع النقل
قد تكون "الطاقة" أسهل قطاع لإزالة الكربون لكن القصة أصعب فيما يخص قطاع النقل، خاصة أنه المصدر الرئيسي لانبعاث ثاني أكسيد الكربون في الولايات المتحدة.
هذا هو التحدي الذي يتطلب تعاون العديد من قطاعات الحكومة لتحقيق الهدف. أيضا يتطلب توسيع نطاق النقل الخالي من الكربون، بما في ذلك المزيد من السيارات الكهربائية ومحطات الشحن وتكنولوجيا أفضل للبطاريات والطاقة النظيفة.
ويتضمن ذلك لوائح وتمويلًا للبحث والتطوير من إدارات متعددة، إضافة إلى اتفاقيات تجارية وحوافز ضريبية للسيارات الكهربائية وتحول في كيفية شراء الوكالات الحكومية للسيارات.
أما القطاعات الأخرى التي يصعب إزالة الكربون منها تشمل المباني والصناعة والزراعة، ويتطلب الأمر التطور والتعاون بين جميع الإدارات والوكالات الفيدرالية على عكس أي جهود سابقة عبر الحكومة.
5- مشروع قانون جديد للمناخ
إن أفضل طريقة للتعامل مع هذه القطاعات هي مشروع قانون شامل للمناخ يستخدم بعض الآليات، مثل معيار الطاقة النظيفة، الذي يضع حدًا أو يحد من الانبعاثات ويشدها بمرور الوقت.
وهنا تكمن المشكلة في سياسات اللحظة أكثر من أي شيء آخر، ويتعين على بايدن وفريقه إقناع المشرعين من الدول المنتجة للوقود الأحفوري بالعمل على هذه الجهود.
نقاط قوة إدارة بايدن
رأى جونيور، الذي شغل سابقا منصب حاكم ولاية كولورادو، في مقاله المنشور بموقع "ذا كونفرزيشن" The Conversation، أن استراتيجية الولايات المتحدة لحل أزمة المناخ تعتمد على الأشخاص الذين اختارهم بايدن لمنصب وزرائه وأدوار القيادة العليا.
وقال المسؤول الأمريكي: "يمتلك معظمهم سجلات حافلة لتبديد مخاوف تغير المناخ وتحقيق الهدف عبر مجموعة واسعة من السياسات، ولديهم خبرة في الشراكة عبر الوكالات والمستويات الحكومية. هذه المهارات ضرورية لحل الأزمة".
سيكون عمق خبرة فريق بايدن أمرًا حيويًا لأنهم يتولون المسؤولية من إدارة ترامب التي تجرد الوكالات الحكومية من خبرتها وتزيل الحماية البيئية.
ومع سيطرة الديمقراطيين على كل من مجلسي النواب والشيوخ، قد يكون لدى إدارة بايدن أيضًا فرصة أفضل لإصلاح القوانين والتمويل والحوافز الضريبية بطرق يمكن أن تغير بشكل أساسي نهج الولايات المتحدة تجاه تغير المناخ.
وفقا لرؤية جونيور فإن تعديل وضع المناخ ليس بالأمر السهل، كون سياسة الطاقة لا تتعلق فقط بالكهرباء.
وقال: "الأمر يتعلق بكيفية بناء المنازل، وكيفية توليد الطاقة وإدخالها في الشبكة، وكيف تتطور قطاعات النقل والصناعة والزراعة".
وتابع: "أيضا يتعلق الأمر باللوائح والقواعد التجارية والمشتريات الحكومية وتمويل البحث من أجل الابتكار، كما أن التنسيق والتعاون بين الوكالات ومستويات الحكومة المختلفة أمر بالغ الأهمية".