ماذا سيفعل بايدن في شرم الشيخ؟.. المناخ ينتظر "الوعد الأكبر"
سيكون يوم الجمعة المقبل إحدى اللحظات الفارقة والمهمة في مسيرة العالم نحو مواجهة التغير المناخي، عندما يظهر الرئيس الأمريكي جو بايدن في COP27 بمدينة شرم الشيخ المصرية.
أسئلة كثيرة تدور حول الدور الأمريكي، وتعهداتها بشأن مواجهة الاحترار العالمي، وما هي المساعدات الدولية التي ستقدمها؟ وما هو حجم الإنفاق؟ ومن أين ستأتي الأموال؟
بالعودة قليلا للوراء، نجد أن الرئيس الأمريكي تعهد بإنفاق نحو 11 مليار دولار سنويا بحلول عام 2024، لدعم بعض الدول لمواجهة آثار التغير المناخي، ويمثل هذا الرقم 4 أضعاف حجم أعلى إنفاق سابق لواشنطن.
مسألة إنفاق الولايات المتحدة على التغير المناخي، أحد الأمور التي تحدث عنها الرئيس الأمريكي أكثر من مرة في فعاليات عدة أمام قادة العالم، كان آخرها في سبتمبر/أيلول الماضي، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
الرئيس الأمريكي كان واضحا في تصريحاته أمام المتحدة عندما قال: "الإدارة الأمريكية تعمل مع الكونجرس للوفاء بمسؤوليتنا العالمية، لإنفاق أكثر من 11 مليار دولار سنويا لدعم قضايا المناخ عالميا، وتحديدا لمساعدة الدول الفقيرة لتحقيق أهدافها".
لكن، ماذا سيقول بايدن في شرم الشيخ عندما يتحدث أمام COP27؟
الجمعة المقبل سيترقب العالم كلمة الرئيس الأمريكي، والتي سيقدم خلالها جهود واشنطن لخفض انبعاثات الكربون.
الشواهد تؤكد أن بايدن، سيواصل حديثه بشأن دعم الدول الفقيرة، ومساندتها في دعم قدراتها على مواجهة تداعيات التغير المناخي.
لكن المشكلة الأكبر تكمن في التنفيذ، فالصورة غير واضحة بشأن إمكانية تحقيق بايدن لأهدافه، خاصة إذا حقق الجمهوريون مكاسب في انتخابات التجديد النصفي هذا الأسبوع، لأن الكونجرس كان مترددا في إنفاق الأموال التي طلبها بايدن.
لماذا تنفق واشنطن على قضايا المناخ؟
خلال الدورات السابقة من قمة المناخ، وافقت الدول المتقدمة على مساعدة الدول الأقل نموا والأكثر ضعفا على التكيف مع الحياة على كوكب أكثر سخونة.
تاريخيا، تعد الدول المتقدمة أكبر بواعث للغازات المسببة للاحتباس الحراري، في حين أن الدول النامية لم تساهم إلا قليلا في ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، ولكنها تتحمل وطأة الأضرار الناجمة عن المناخ الأكثر سخونة والذي لا يمكن التنبؤ به.
غالبًا ما يشار إلى هذا النوع من المساعدات والاستثمار باسم "تمويل المناخ".
الولايات المتحدة هي أكبر اقتصاد في العالم وأكبر مصدر تراكمي لتلوث غازات الاحتباس الحراري، حيث فعلت بمرور الزمن أكثر من أي دولة أخرى لتدفئة كوكب الأرض، على الرغم من أن الصين تصدر الآن المزيد من الانبعاثات على أساس سنوي.
كم تنفق واشنطن على تمويل المناخ؟
يتعين على الولايات المتحدة، مثل الدول الأخرى، تقديم تقرير كل عامين إلى الأمم المتحدة لتوثيق التقدم المحرز في أهدافها المناخية، لكن إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب لم تقدم تلك التقارير في 2018 و2020.
أما التقرير الذي قدمته إدارة الرئيس بايدن في العام الماضي، فأكد أن واشنطن استثمرت ما متوسطه 2.2 مليار دولار سنويا بين عامي 2015 و2018 في تمويل المناخ الدولي، وفقا لـ"NPR".
بالنسبة لما ساهمت به الولايات المتحدة في تمويل المناخ في عهد بايدن، لم يتم إحصاء الإجمالي رسميا، لكن الجزء الذي خصصه الكونجرس ارتفع خلال فترة ولايته.
في مارس/أذار 2022، أقر الديمقراطيون في الكونجرس ميزانية خصصت حوالي مليار دولار لجهود المساعدة الدولية للمناخ قيمتها أعلى بنحو 387 مليون دولار من نفس بنود الميزانية خلال إدارة ترامب، على الرغم من أنها أقل بكثير من 2.5 مليار دولار التي طلبها البيت الأبيض، ومرات أقل مما يحتاجه بايدن للوفاء بوعده الأكبر.
ما هو المطلوب إنفاقه من إدارة بايدن؟
في عام 2009، وخلال مؤتمر للأمم المتحدة للمناخ، تعهد 12 من أكبر اقتصادات العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، بتعبئة ما لا يقل عن 100 مليار دولار سنويا للمساعدة الدولية للمناخ بحلول عام 2020 من مصادر عامة وخاصة.
حتى الآن، لم يتم الوفاء بهذا التعهد مطلقا وقد مددت البلدان الآن الهدف حتى عام 2025.
في عام 2020، وهو آخر عام توفرت عنه بيانات كاملة، حشدت الدول المتقدمة ما يقرب من 83 مليار دولار لتمويل المناخ، وهو مزيج من المنح والقروض الحكومية.
مقارنة بالدول الأخرى المعنية، تستثمر الولايات المتحدة الكثير من الأموال من حيث إجمالي الدولارات، ولكن هذا المبلغ أصغر كثيرا بالنسبة لحجم أكبر اقتصاد عالمي.
يقدر تحليل من معهد الموارد العالمية، الذي يعمل على النهوض بالعمل المناخي الدولي، أن "الحصة العادلة" للولايات المتحدة من تعهد الاقتصادات الكبرى البالغ 100 مليار دولار ستتراوح بين 40 مليار دولار و47 مليار دولار سنويا، مع الأخذ في الاعتبار حجم اقتصادها ومساهمتها التاريخية في ظاهرة الاحتباس الحراري.
هل هذه التعهدات كافية لمواجهة الخطر؟
المساعدة السنوية لتمويل المناخ التي تبلغ 11 مليار دولار والتي وعد بها بايدن، ومبلغ 100 مليار دولار تعهدت بها واشنطن بشكل جماعي مع اقتصادات العالم الأخرى ستكون موردا رئيسيا لمساعدة أفقر الدول على التكيف والتخفيف من الأضرار التي يسببها ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض.
يرى تقرير للأمم المتحدة صادر في نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، أن التعهد لا يزال أقل بكثير من المبلغ الكامل المطلوب لمواجهة التحديات العالمية الهائلة التي تفرضها أزمة المناخ.
من أين ستأتي أموال تعهد بايدن المناخي؟
للإدارة الأمريكية مصدرين رئيسيين للتمويل تأمل في الحصول عليهما: التمويل المخصص من الكونجرس، والأموال من وكالات التنمية الفيدرالية.
يود البيت الأبيض أن يقدم الكونجرس 5.3 مليار دولار، أو ما يقرب من نصف إجمالي التعهدات، لمساعدة بلدان معينة ودعم الجهود الدولية الكبيرة مثل صندوق المناخ الأخضر.
ويأمل أيضا، أن يأتي النصف الثاني من مصادر مثل بنك التصدير والاستيراد ومؤسسة تمويل التنمية الدولية (DFC)، والوكالات الحكومية التي تستخدم الأدوات المالية مثل القروض والتأمين لتعزيز أهداف السياسة الأمريكية في الخارج.
ما هي العقبات التي تقف أمام الرئيس الأمريكي؟
العقبة الأولى، التي يواجهها بايدن هي الكونجرس، حيث يتطلب تمرير أي مشروع قانون تمويل 60 صوتا في مجلس الشيوخ، وهذا يعني أن الديمقراطيين بحاجة إلى إقناع بعض المشرعين الجمهوريين بالانضمام إليهم.
طلب البيت الأبيض من الكونجرس 5.3 مليار دولار كتمويل في موازنة 2023 في مارس/أذار الماضي، إلى جانب تمويل التنمية المتوقع، وذلك للوفاء بتعهدات بايدن.
لكن المشكلة في ضخامة الرقم فهو يمثل قفزة كبيرة عن ما تم تخصيصه من قبل الكونجرس في عام 2022 بنحو 5 أضعاف.
ومنذ إصدار الميزانية في الربيع، ازدادت قوة الرياح المعاكسة التي تواجه إدارة بايدن، منها أزمة الطاقة، والتضخم المرتفع، ويخشى بعض الاقتصاديين من أن ارتفاع أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي قد يؤدي إلى الركود.
وهذا يعني أن إضافة المليارات من المساعدات الدولية للمناخ ستكون الموافقة عليها صعبة من قبل بعض المشرعين، حتى بعض الديمقراطيين أنفسهم.
لكن الرئيس الأمريكي يأمل في الاستفادة من وكالات التنمية للحصول على أموال خاصة بالمناخ.
وكالات التنمية الحكومية هي مصدر آخر للمال بالنسبة لتعهد بايدن، حيث تستثمر الحكومة في مشاريع في الخارج من خلال وكالات مثل بنك التصدير والاستيراد ومؤسسة تمويل التنمية الدولية، التي تقرض الأموال وتتطلع إلى تحقيق عائد على استثماراتها.