حلوى المولد.. حكاية عمرها 1000 عام بدأت من القاهرة
"العين الإخبارية" تستعرض تاريخ حلوى المولد النبوي وتطورها لأشكال مختلفة وأشهر الأنواع في الدول العربية بالتزامن مع الاحتفال بهذا اليوم.
قبل أكثر من 1000 عام أضفى الفاطميون عنصرا جديدا على الاحتفالات بيوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم، بابتكار ما يعرف حاليا بـ"حلوى المولد" التي أصبحت تزين المحال التجارية والشوارع الشعبية قبل نحو أسبوعين من بدء شهر ربيع الأول، وصارت من أهم طقوس إحياء هذا اليوم المميز.
وبالتزامن مع الاحتفال بمولد النبي، تستعرض "العين الإخبارية" تاريخ نشأة هذه الحلوى وتطورها وأشهر الأنواع في مختلف الدول العربية.
صناعة فاطمية
البداية كانت من القاهرة في القرن الرابع الهجري مع دخول الفاطميين لـ"المحروسة" عام 973، وأجمعت أغلب الروايات على أن صناعها استوحوا الفكرة والأشكال من موكب الخليفة الفاطمي الذي كان يجوب الشوارع ويوزع الحلوى بكميات كبيرة على الناس والجنود يوم المولد النبوي الشريف.
وهناك رواية أخرى تقول إن الحاكم بأمر الله كان يحرص على الخروج في موكب يوم المولد النبوي بصحبة زوجته التي كانت ترتدي ثوباً أبيض، ما أهدى مبتكريها فكرة صنع حلوى على هيئة عروس وفارس على الحصان توزع في توقيت مرورهما كل عام، حتى أصبحت عادة مصرية وطقسا يرتبط بالمولد النبوي.
مع مرور الأيام أصبحت صناعة الحلوى جزءا من التاريخ والثقافة والفلكلور المصري، ورغم أنها شُكلت في البداية على هيئة حصان أو عروس توزع على الأطفال، فإن المصريين أدخلوا عليها تعديلات وأضافوا الألوان لتلائم كل فئات الشعب.
السمسمية والحمصية والفولية والملبن حلويات المولد الأشهر على مر العصور، لكن حاليا تطورت الصناعة وأصبحت هناك أصناف مُستحدثة فحواها المكسرات مثل البندق والفستق والكاجو أو مضاف إليها قمر الدين والمشمش المجفف والكريز والقراصيا، بهدف جذب المستهلك بقطع ذات ألوان مبهجة وطعم لذيذ.
ويعدُّ شارع باب البحر الكائن بمنطقة وسط القاهرة معقل صناعة حلوى المولد في العاصمة، ويضم عددا من المصانع والورش المتخصصة في صناعة هذه الحلوى بما فيها العروسة التقليدية.
السودان
يعود تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بميدان جامع الخليفة بأم درمان في السودان إلى مطلع القرن العشرين تقريبا 1910، ومن المظاهر المصاحبة للطقوس حلوى المولد التي تصنع في 4 أشكال رئيسية: سمسميات وفوليات ولكوم وجوز الهند السادة والملون مع عرائس المولد للبنات والأولاد.
وتشتهر مدينة أم درمان بتحضير حلوى المولد النبوي، وهي صناعة تخصصت فيها بعض الأسر ورجال الأعمال منذ عشرات السنين، ويعتمد المصنعون منذ قرابة القرن على المواد الخام المحلية من سمسم وفول وحمص وكبكبي وسكر ونشاء وغيرها.
ومع مرور الأيام واستقدام خبرات من بلدان مختلفة، دخلت أصناف جديدة من الحلوى، مثل الملبن بالفول والرومية والنوجة والبطيخة وغيرها.
تونس
مدينة القيروان تعد مركز الاحتفالات بذكرى المولد النبوي في تونس التي بدأت عام 1329هـ، ومن ضمن مظاهرها إعداد وجبة "عصيدة الزقوقو" وشراء الفواكه المجففة.
وتتكون عصيدة الزقوقو أساسًا من حبات الصنوبر الحلبي التي يتم رحيها وخلطها بمادة الطحين والسكر، ليتم طهيها بعد ذلك على نار هادئة، وتحرك باستمرار حتى لا تتخثر.
وبعد اكتمال الطهي تقدم في أوعية من الفخار أو البلور أو النحاس بعد تزيينها بالمكسرات والحلوى.
الجزائر
تحرص العائلات الجزائرية على طهي الأكلات المميزة لهذه المناسبة مثل الرشتة التقليدي التي تعرف أيضا بـ"عشاء المولود"، والشخشوخة والتريدة، وتتجمع الأسر ليلا لاحتساء الشاي وأكل الحلوى كأحد طقوس هذه المناسبة.
و"الرشتة" تشبه في شكلها الخارجي عجينة "الكنافة" لكنها تختلف في طريقة التحضير والمذاق، وهي عبارة عن خيوط رفيعة وطويلة من العجين المصنوع من الدقيق والملح، وتُباع في الأسواق جاهزة، ولها مرق خاص بها، يتكون من الحمص والخضروات والبهارات والقرفة ولحم الدجاج والغنم.
في اليوم التالي للمولد يحرص الجزائريون على إعداد حلوى "الطمينة" التي يُحتفل بها عند قدوم مولود جديد أيضا كونها رمزا للفرحة عند هذا الشعب، وتتكون من سميد يعد على البخار وبعد أن يبرد يُحمص في إناء كبير حتى يأخذ اللون الذهبي، ويضاف للزبدة المحلاة بالعسل وحلوة الترك ويقدم بعد تزيينه بالمكسرات.
المغرب
المناسبة التي تعرف في المغرب باسم "الميلودية" تشهد إعداد الأكلة الشهيرة الكسكسي الممزوج بالبرقوق والمشمش والمكسرات والدجاج المحمر بالدغيرة الفراخ والسفة المدفونة.
وتتكون السفة المدفونة من الدجاج والتوابل والسفة وتحضر في الكسكاس، ويضاف إليها فول سوداني محمص ومطحون يحلى بالسكر والعسل والقرفة.
الأردن
"المشبك" هو الحلوى الأشهر التي توزع في الأردن خلال ذكرى مولد النبي، ويعد من الدقيق والحليب والزعفران والحبّهان والخميرة والسكر والقليل من ألوان الطعام.
سوريا
من طقوس السوريين قبل قدوم يوم المولد النبوي تقديم "الملبّس" الملفوف في ورق السلوفان والتُل الأبيض للضيوف مع القهوة العربية.
أيضا من ضمن الحلوى التي تقدم في هذا اليوم ما يسمى بـ"كشك الأمراء" المكون من الحليب المكثف المزين بالكريمة والمكسرات.
فلسطين
النمورة والكنافة والمشبك من أبرز الحلويات التي تميز احتفال الفلسطينيين بذكرى المولد النبوي، والأخير عبارة عن أقراص مقرمشة تحضر من العجين المقلي والمغمس في القطر (عسل).