بعد تعويم الجنيه السوداني.. السوق السوداء تدخل في غيبوبة والدولار يقاوم
دخلت السوق السوداء في السودان إلى غرفة العناية المركزة قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة وذلك بعد يوم واحد فقط من قرار التعويم المدار.
وتباطأت التعاملات بشدة في السوق السوداء بالسودان أمس الإثنين وباع البعض الدولار في البنوك لأول مرة منذ سنوات بعد يوم من خفض السلطات قيمة العملة بأكثر من 85% في مسعى لتجاوز أزمة اقتصادية والحصول على إعفاء دولي من الدين.
وقال متعاملون إن الجنيه السوداني ارتفع مقابل الدولار في السوق السوداء اليوم الثلاثاء، بعد يومين من خفض حاد لقيمة العملة، بينما ظل السعر الرسمي مستقرا عند 375.
وأضافوا أن الدولار بلغ 370 جنيها سودانيا مقارنة بسعر تراوح بين 380 و385 أمس الإثنين.
تعد المواءمة بين أسعار السوق الرسمية والسوداء أمرا أساسيا لنجاح خفض قيمة العملة، وهو إصلاح يهدف إلى إخراج السودان من أزمة اقتصادية وحصوله على إعفاء من الديون.
وقال متعاملون إن التداولات في السوق الموازية تباطأت إلى حد شبه توقف منذ خفض قيمة العملة في ظل حالة من عدم اليقين إزاء كيفية إدارة الحكومة لهذه العملية. ولجأ بعض الناس إلى البنوك لبيع دولاراتهم لأول مرة.
ويلعب توحيد السعر الرسمي وسعر السوق السوداء دورا محوريا في الخطة وأي مؤشر على أن السوق الموازية، التي تستخدمها معظم الشركات وعموم السودانيين، لا تزال تستحوذ على نصيب الأسد من تجارة العملة الصعبة قد يقوض السياسة.
- ضمنها تعويم مدار للجنيه.. أهم 3 قرارات لـ"المركزي السوداني"
- سعر الدولار في السودان.. كيف ردت السوق السوداء على مفاجأة "المركزي"؟
وقال متعاملون في السوق السوداء إنهم ينتظرون ليروا كيف سيكون رد فعل البنوك وما إذا كانت الحكومة ستتدخل في السوق لوقف مزيد من انخفاض الجنيه السوداني أم أنها ستتخذ إجراءات صارمة ضد أنشطتها.
وخفض قيمة العملة والانتقال إلى "نظام سعر الصرف المرن المدار" إصلاح أساسي تأجل لشهور خشية المخاطرة بالحكومة الانتقالية الهشة التي تشكلت بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير في أبريل/نيسان 2019.
وقال مسؤولون إن السوق السوداء كانت تباشر ما يزيد على 90% من المعاملات. وتكثفت التجارة عندما فقد السودان مصدره الرئيسي للدخل بالدولار بعد انفصال الجنوب الغني بالنفط في 2011.
وأشاد المانحون، ومن بينهم الولايات المتحدة، بالخطوة "الشجاعة" التي طالبوا بها من أجل تمكين السودان من تخفيف عبء الديون بما يتماشى مع برنامج صندوق النقد الدولي.
وقال متحدث باسم البنك الدولي في واشنطن "هذا تطور إيجابي لشعب السودان".
وأوضح موظف في أحد البنوك أمس الإثنين أن عددا قليلا من الناس جاء إلى البنوك لبيع عملتهم الأجنبية لأول مرة منذ سنوات. وقال مصرفيان إن البنوك لديها القليل من الدولارات وكانت تشتري الدولارات لكنها لا تبيعها في انتظار معرفة ما إذا كان البنك المركزي سيقدم المزيد.
وقالت امرأة في بنك بالخرطوم طلبت عدم نشر اسمها "قمت ببيع 100 دولار اليوم ولأول مرة أبيع في البنك وحضرت اليوم لتجربة هل هذه الأسعار حقيقية ولا كلام إعلام ولكن حصلت على سعر جيد".
وقد باعت 100 دولار مقابل 376 جنيها. وحتى يوم الأحد كان سعر الصرف الرسمي 55 جنيها للدولار.
وقال عماد عثمان "لأول مرة أقوم ببيع العملة عبر النظام المصرفي لأن الأسعار الجديدة معقولة".
وعبر آخرون على مواقع التواصل الاجتماعي عن ترددهم في استخدام أسعار الصرف الرسمية وسط شكوك في أن تراجع قيمة العملة سيتوقف فجأة.
وقال متعامل في السوق السوداء لرويترز إنه سارع لشراء سيارات وأصول أخرى. وقال عدد منهم إنهم أرادوا تجنب الاحتفاظ بالكثير من الدولارات في حالة شن حملة على التجار.
وقال أحد المتعاملين في السوق السوداء "لا أمانع الدخول في عمل قانوني... لكن كيف أثق في أن البنوك ستوفر الدولارات لي ولعملائي؟".