إيران تعتزم حظر تطبيق التراسل الفوري تليجرام مع تصاعد الاحتجاجات داخليا وسط انعدام الثقة لدى الموطنين.
أظهر إعلان إيران اعتزامها حجب تطبيق تليجرام للتراسل الفوري داخل البلاد، مدى تخوف سلطات نظام الملالي من احتمالية تصاعد موجات الغضب الداخلى، وسط حالة من التذمر الشعبي على الأوضاع المعيشية المتردية والأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة.
وكشفت تصريحات أدلى بها علاء الدين بروجردي رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، السبت، أن طهران عازمة على حجب تطبيق تليجرام قبل نهاية أبريل/نيسان المقبل.
القرار الإيراني بحجب تليجرام جاء وسط تصاعد الأحداث داخل إقليم الأحواز جنوب غرب إيران ضد العنصرية والتمييز لليوم الخامس على التوالي.
- نظام الملالي يحجب تليجرام لقمع الاحتجاجات ضده
- معارضة إيران لـ"بوابة العين": لهذه الأسباب خرج الشارع ولن يعود
بروجردي، قال في تصريحات لإحدى الإذاعات المحلية داخل إيران، إن الإيرانيين سيودّعون تليجرام، لافتا إلى تدشين ما وصفه بـ"التطبيق الوطني" بشكل يماثل خدمات التطبيق المخصص للتراسل الفوري، والذي تأسس عام 2013 من جانب الأخوين نيكولاي وبافل دروف مؤسسي موقع "فكونتاكتي" وهو أكبر شبكة اجتماعية روسية.
واعتبر المسؤول الإيراني أن حجب تليجرام أهمية قصوى للحفاظ على "الأمن القومي الإيراني"، مشيرا إلى ما وصفه بـ"الدور الخطير" للتطبيق خلال الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، في أكثر من 100 مدينة إيرانية.
وأكد بروجردي إبدال تليجرام بتطبيقات تواصل اجتماعي محلية مثل "سروش"، و"جاب" وغيرهما، لافتا إلى أن حجب تليجرام داخل إيران سيدفع مستخدميه نحو تلك التطبيقات، على حد قوله.
وفي السياق ذاته، كشفت تصريحات سابقة أدلى بها عبدالكريم زاده النائب البرلماني، ورئيس لجنة "حقوق المواطن" في البرلمان الإيراني، عن انعدام ثقة أغلب الإيرانيين في تلك التطبيقات المحلية؛ بسبب "فرض الرقابة"، والسيطرة عليها من قبل السلطات الأمنية، ومتابعة أنشطة مستخدميها لتعقبهم.
ولفت زاده، في تصريح سابق لوكالة أنباء الطلبة الإيرانية، إلى حالة الاستياء التي عمت البلاد في أعقاب إقدام الحكومة الإيرانية على حجب تطبيق تليجرام خلال الاحتجاجات الشعبية العارمة ضد نظام الملالي مؤخرا.
وأكد أن الأمر الواقع يعكس عدم ثقة الشعب الإيراني بتلك التطبيقات المحلية، محذرا الحكومة الإيرانية من صعوبة سيطرتها مجددا على تلك التطبيقات المخصصة للتواصل الإجتماعي، في ظل تطور التكنولوجيا، وإمكانية وصول المستخدمين عبر برامج لتجاوز الحجب.
وفي منتصف مارس/آذار الماضي، صوّت ما يُعرف بـ"المجلس الأعلى للفضاء الإلكتروني" في إيران سرا، على حجب تطبيق موقع التواصل الاجتماعي تليجرام.
وكشفت حميدة زر آبادي البرلمانية الإصلاحية أن اتخاذ مثل تلك الخطوة جاء بناء على "معلومات موثوقة" وردت من وزارة الاتصالات الإيرانية.
وتوقعت آبادي في مقابلة حينها مع وكالة "إيلنا" العمالية أن يتم العمل بهذا القرار السري، مع بدايات السنة الفارسية الجديدة، التي حلت في 21 مارس/آذار الماضي، في ظل ضغط من قبل كبار المسؤولين الإيرانيين، بينهم المرشد علي خامنئي والمرجعيات الشيعية في قم، على حكومة روحاني لحجب تطبيق تليجرام، مقابل الاعتماد على التطبيقات المحلية.
وسبق أن دشن خامنئي ما يُعرف بـ"المجلس الأعلى للفضاء الإلكتروني" في عام 2012، حيث يضم في عضويته رئيس الجمهورية، والمتحدث باسم البرلمان، ورئيس القضاء، وقائد مليشيات الحرس الثوري، وقائد قوات الشرطة، وممثل خامنئي في المجلس الأعلى للأمن القومي، بالإضافة إلى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
ويستخدم نحو أكثر من 45 مليون إيراني تطبيق تليجرام، بحسب بيانات نشرتها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الإيرانية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث كان له دور بارز في تغطية الاحتجاجات الشعبية المناهضة للنظام مؤخرا كبديل للمواطنين عن حظر تطبيقات أخرى مثل فيسبوك وتويتر، الأمر الذي أدى إلى حجب التطبيق لنحو ثلاثة أسابيع بذريعة تحريضه على استهداف "الأمن القومي".
وأشارت دراسة صدرت من مركز أبحاث البرلمان الإيراني في 2013، إلى أن نحو 40% من مجموع مستخدمي الإنترنت في البلاد يتابعون آخر الأخبار عبر تلك التطبيقات.
وبحسب الدراسة نفسها فإن تطبيقي تليجرام وأنستقرام تصدرا قائمة منصات التواصل الاجتماعي في إيران من حيث عدد المستخدمين.
ووفقا لآخر إحصائية رسمية معلنة في سبتمبر/أيلول الماضي، فإن أكثر من 100 ألف قناة على موقع تليجرام تنشط في إيران.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني عام 2015، أظهرت خوادم الإنترنت (سيرفرات) تليجرام أن نحو 23 مليون إيراني يستخدمون التطبيق.
الإحصاءات الإيرانية الرسمية، أظهرت إن وسائل الإعلام تستحوذ على نحو 24% من نشاط شبكتي تليجرام وأنستقرام، وسط حالة من فقدان الثقة لدى الشعب الإيراني بالصحف الخاضعة لسيطرة النظام في البلاد.
وفي فترة قياسية، أثبتت مواقع التواصل الاجتماعي قدرتها على حشد قطاعات بالمجتمع للمطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية، وهو ما شكّل مصدر قلق لدى السلطات؛ خشية أن تكون تلك المواقع نافذة نقاش وتبادل آراء حول القضايا الاجتماعية والسياسية، ما يفتح الباب أمام استعادة تيارات المجتمع المدني حيويتها مجددا.