يوم دام في العراق.. الاضطرابات بكل مكان والصواريخ تحاوط "الخضراء"
23 قتيلا وعشرات المصابين حصيلة يوم دامٍ في العراق، فيما لم تتوقف الاشتباكات بالمنطقة الخضراء بين أنصار التيار الصدري وموالين لقوى الإطار التنسيقي وكذلك القصف الصاروخي.
استمرار الخلافات السياسية بين "التيار الصدري والإطار التنسيقي" ظهرت انعكاساته بشكل كبير على أرض الواقع، أمس الإثنين، مع إعلان رجل الدين، مقتدى الصدر، اعتزال السياسة، ما دفع أنصاره لاقتحام المنطقة الرئاسية، ووقوع اشتباكات وتراشق بالحجارة بين أنصار الطرفين أدت لسقوط ضحايا.
وعلى إثر ذلك، أصبحت المنطقة الخضراء والمؤسسات الحكومية في عدد من المحافظات الجنوبية، ميداناً للصدامات بعدما بدأ الصدريون "ساعة الصفر"، ليحولوا اعتصامهم إلى عصيان ونفير عام.
تلك الاشتباكات دفعت القوات الأمنية لإطلاق الرصاص الحي في الهواء لتفريق المتظاهرين، ووفق مصادر أمنية فإن "القوات الأمنية أطلقت الرصاص الحي في الهواء لتفريق المتظاهرين بالمنطقة الخضراء".
كما قام محتجون بمحاصرة القصر الجمهوري وسط المنطقة الرئاسية ببغداد، فيما وجه رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي بتعليق جلسات مجلس الوزراء.
وبحسب المصادر ذاتها، تحرك متظاهرون غاضبون عند مقتربات المنطقة المؤدية لمنزل رئيس "ائتلاف دولة القانون" نوري المالكي عند المنطقة الرئاسية في بغداد، ورددوا هتافات بتغيير النظام وإسقاط التبعية.
ومع اقترابهم من المنزل، قامت عناصر مجهولة الهوية بإطلاق النيران صوب المتظاهرين مما أسفر عن سقوط قتيل.
وسمعت ليلاً رشقات رشّاشة كثيفة ودويّ انفجارات في المنطقة الخضراء الشديدة التحصين والتي تضمّ العديد من المقرّات الحكومية والسفارات.
فيما قالت خلية الإعلام الأمني صباح اليوم إن المنطقة الخضراء تعرضت لقصف بـ4 صواريخ.
اضطرابات بكل المحافظات
مظاهرات واحتجاجات أنصار الصدر لم تقتصر فقط على العاصمة بغداد بل شملت مختلف أنحاء العراق، حيث أفادت مصادر لـ "العين الإخبارية"، بأن جماهير غفيرة من المحتجين توجهوا في مختلف المحافظات لاقتحام المباني الحكومية، وسط هتافات تندد بالنظام السياسي والمطالبة بالتغيير الجذري.
واقتحم أنصار الصدر مبنى محافظة ذي قار، يرافقها تحرك مماثل في البصرة والديوانية جنوب العراق.
الاحتجاجات التي يعيشها العراق انعكست على الشارع بشكل كبير، حيث شهدت مختلف شوارع العاصمة بغداد أزمات مرورية خانقة على خلفية حظر التجوال المفروض والذي دخل حيز التطبيق ظهر اليوم.
حظر تجوال
وأعلنت العمليات المشتركة بالعراق عن حظر التجوال الشامل في العاصمة بغداد، بدءا من الساعة 3:30 عصرا، إثر اقتحام المحتجين للقصر الجمهوري، مؤكدة أن حظر التجول يشمل العجلات والمواطنين كافة.
وقالت قيادة العمليات المشتركة في بيان إنها "تدعو المتظاهرين إلى الانسحاب الفوري من داخل المنطقة الخضراء، وتؤكد أنها التزمت أعلى درجات ضبط النفس والتعامل الأخوي لمنع التصادم أو إراقة الدم العراقي"، مشيرة إلى أن "القوات الأمنية تؤكد مسؤوليتها عن حماية المؤسسات الحكومية والبعثات الدولية والأملاك العامة والخاصة".
ولفتت إلى أن "التعاطي مع المظاهرات السلمية يتم من خلال الدستور والقوانين وستقوم القوات الأمنية بواجبها في حماية الأمن والاستقرار".
دعوات لضبط النفس
ومع تطور الأحداث، بدت مخاوف داخلية وخارجية من انزلاق الوضع إلى مزيد من العنف والفوضى وإراقة الدماء في ظل حالة التجاذب والتباين بين التيار الصدري والإطار التنسيقي.
الولايات المتحدة أعربت عن قلقها من "الاضطرابات" في جميع أنحاء العراق، وقال البيت الأبيض إن الاضطرابات التي يشهدها العراق "تثير القلق"، ودعا إلى "الحوار" للتخفيف من حدة الأزمة السياسية.
السفارة الأمريكية لدى بغداد أيضا حثت في بيان جميع الأطراف على أن تظل سلمية، وأن تمتنع عن القيام بأعمال يمكن أن تؤدي إلى دوامة من العنف، ولا ينبغي تعريض أمن العراق واستقراره وسيادته للخطر".
وقال القائم بأعمال السفارة البريطانية في بغداد جيمس داونر في تغريدة على "تويتر": "تعرب المملكة المتحدة عن قلقها الشديد فيما يخص الأحداث التي حصلت، وبالأخص الأنباء عن وقوع ضحايا في بغداد".
من جانبه، دعا الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبوالغيط، كافة الأطراف العراقية إلى تغليب المصلحة الوطنية على أية اعتبارات أخرى لتجاوز الوضع الراهن الذي يمثل خطورة على استقرار البلاد.
وشدد على ضرورة ضبط النفس وتوجيه جموع المتظاهرين من مختلف المجموعات بالابتعاد عن كافة المظاهر المسلحة وتفادي إراقة الدماء.
بدوره، أكد الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، أن استقرار العراق مطلب عربي وإقليمي عاجل
وقال قرقاش، في تغريدة عبر تويتر، إنه "لا بديل للتهدئة وضبط النفس والحوار البناء بين العراقيين في هذه المرحلة الحساسة ليخرج العراق من أزمته".
تحذيرات من السفر
وقرر مطار إيراني تعليق رحلات الطيران من طهران إلى بغداد، وتحدثت تقارير إعلامية أن "مطار الخميني الدولي في إيران علق كل رحلات الطيران من طهران إلى بغداد حتى إشعار آخر".
كما دعت سفارة البحرين في بغداد المواطنين الموجودين في العراق إلى توخي الحيطة والحذر واتباع الإجراءات الأمنية الرسمية.
وقالت السفارة في بيان: "تدعو سفارة مملكة البحرين في بغداد كافة المواطنين البحرينيين الموجودين بجمهورية العراق بضرورة توخي الحيطة والحذر والابتعاد عن أماكن التجمعات، منوهة بضرورة اتباع تعليمات السلطات المحلية".
الاحتجاجات انعكست على الأوضاع في الداخل العراقي، حيث أعلنت محافظة ذي قار، تعطيل الدوام الرسمي غدا الثلاثاء.
وقالت المحافظة في بيان، إن "محافظ ذي قار محمد هادي الغزي أعلن تعطيل الدوام الرسمي في جميع الدوائر والمؤسسات الحكومية في المحافظة يوم غد الثلاثاء"، واستثنى القرار "الأجهزة الأمنية".
وكانت الأزمة السياسية في العراق تصاعدت مع إعلان نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة في أكتوبر/تشرين الأول 2021، حيث شككت قوى الإطار التنسيقي في النتائج ووجهت اتهامات لأطراف دولية ومحلية بممارسة التزوير والتلاعب في إعدادات البيانات الإلكترونية.
قابل ذلك، تمسك رئيس التيار الصدري مقتدى الصدر بما خرجت به نتائج الانتخابات التشريعية، تاركا خيار الاعتراض للقوى المنافسة والخصوم عبر الآليات الدستورية والطرق القانونية.
إلا أن تلك المواقف التي تفاعلت من خلالها الأزمة السياسية ونمت حتى مستويات التصادم المباشر وتهديد السلم الأهلي، تغيرت بعد قرار الصدر توجيه نوابه الـ73 إلى تقديم الاستقالة وترك ساحة التنافس على صراع تشكيل الحكومة.
إذ إن قوى الإطار التنسيقي التي تلقفت إرث التيار الصدري النيابي ما أعاد الدماء إلى حظوظها الانتخابية، باتت متمسكة بنتائج انتخابات أكتوبر/تشرين الأول، والسعي لتحويل مخارجها إلى تطبيقات واقعية عبر انتخاب رئيس الجمهورية وتكليف مرشح لرئاسة الوزراء، بعد أن قدمت نفسها على أنها صاحبة "الكتلة النيابية الأكبر".