بعد سنوات من التأخير والعثرات، تستعد شركة «بوينغ» أخيراً لإرسال رواد من وكالة «ناسا» الأمريكية إلى محطة الفضاء الدولية.
إنها أول رحلة لكبسولة "مركبة" ستارلاينر التابعة لشركة بوينغ وعلى متنها طاقم، اثنان من طياري "ناسا" الذين سيقومون بفحص المركبة الفضائية أثناء القيادة التجريبية والإقامة لمدة أسبوع في المحطة الفضائية.
وتُعدّ هذه الرحلة التجريبية الأخيرة لـ"ستارلاينر" قبل بدء عملياتها بشكل منتظم، مهمةً جداً للشركة العملاقة في الطيران التي تضرّرت سمعتها في المرحلة الأخيرة.
وقد لجأت ناسا إلى الشركات الأمريكية لركوب وإرسال رواد الفضاء بعد تقاعد المكوكات الفضائية. وقامت شركة SpaceX التابعة للملياردير الأمريكي إيلون ماسك بتسع رحلات لصالح وكالة "ناسا" منذ عام 2020، في حين تمكنت شركة بوينغ من إدارة رحلتين تجريبيتين فقط.
ويتمنى مدير برنامج بوينغ، مارك نابي -بحسب موقع "فورتشن"- أن تكون ستارلاينر على طول الطريق المركبة المفضلة، قائلاً: "ليس هناك شك في ذلك، لكننا هنا الآن".
ومن المقرر إطلاق العرض التوضيحي لرواد الفضاء الذي طال انتظاره للشركة مساء الإثنين 6 مايو/أيار 2024.
شريطة أن تسير هذه التجربة على ما يرام، ستقوم ناسا بالتناوب بين شركتي بوينغ وسبايس إكس لنقل رواد الفضاء من وإلى المحطة الفضائية.
وفيما يلي، نعرض خلال تقرير، أبرز المعلومات عن مركبة بوينغ الفضائية "ستارلاينر"، منذ أن كانت فكرة، مروراً برحلاتها التجريبية، ووصولاً إلى الإطلاق وإقلال رواد "ناسا" إلى محطة الفضاء الدولية.
- سر «سفاري».. لماذا تدفع غوغل 20 مليار دولار سنويا إلى أبل؟
- أزمة جديدة تضرب بوينغ.. خسرت 355 مليون دولار
كبسولة بوينغ "ستارلاينر"
واجه تصنيع مركبة "ستارلاينر" التي طلبتها ناسا قبل عشر سنوات، سلسلة من الانتكاسات المفاجئة والتأجيلات المتتالية، تأمل شركة بوينغ في وضع حدّ لها.
يبلغ طول كبسولة ستارلاينر من طراز بوينغ، البيضاء مع حواف باللونين الأسود والأزرق، حوالي 10 أقدام (3 أمتار) وقطرها 15 قدمًا (4.5 أمتار).
يمكن أن تستوعب ما يصل إلى سبعة أشخاص، على الرغم من أن طاقم "ناسا" عادة ما يصل عدده إلى أربعة.
استقرت الشركة على اسم ستارلاينر منذ ما يقرب من عقد من الزمن، وهو تغيير لاسم طائرة ستراتولينر المبكرة من بوينغ وطائرة دريملاينر الحالية.
ومن شأن نجاح هذه المهمة أن ينهي بشكل جيد برنامج الابتكار الذي كان مليئاً بالعقبات.
ففي العام 2019، وخلال أول اختبار غير مأهول، لم تأخذ الكبسولة مسارها الصحيح وعادت إلى الأرض قبل وصولها إلى محطة الفضاء الدولية.
وسنة 2021، عندما كان الصاروخ موجوداً على منصة الإطلاق، طرأت أعطال أعاقت عمل صمامات الكبسولة، ما تسبب في تأجيل آخر للمهمة.
ونجحت المركبة أخيراً من الوصول فارغة إلى محطة الفضاء الدولية في مايو/أيار 2022.
وستتمكن الكبسولة من البدء برحلاتها التشغيلية إلى محطة الفضاء الدولية بعد إنجاز الرحلة الأولى المأهولة.
الطاقم
رائدا الفضاء المخضرمان في وكالة ناسا بوتش ويلمور وسوني وليامز هما قائدان متقاعدان من البحرية الأمريكية أمضيا أشهر على متن المحطة الفضائية منذ سنوات.
وشارك الثنائي في تطوير الكبسولة ويصران على أن Starliner جاهزة للانطلاق، وإلا فلن يستعدا للإطلاق. كما انضموا إلى الرحلة التجريبية بعد انسحاب الطاقم الأصلي مع تراكم التأخير.
سبق لرائدي الفضاء، أن زارا محطة الفضاء الدولية مرتين، بواسطة مكوك فضائي ثم في مركبة فضائية روسية من طراز "سويوز".
وقالت سوني وليامز "سيكون الأمر بمثابة العودة إلى المنزل".
وأضافت في تصريحات لوكالة "أسوشيتد برس": "لن نضع رؤوسنا في الرمال.. بالتأكيد، واجهت شركة بوينغ مشاكلها. لكننا (ضمان الجودة).. أعيننا على المركبة الفضائية".
وفي ما يخص الكبسولة التي ستنقلهما إلى محطة الفضاء الدولية، قال بوتش ويلمور "إنّ كل تفاصيلها جديدة ومميزة"، مضيفاً "لا أعتقد أن أياً منا كان يحلم بالمشاركة في الرحلة الأولى لمركبة جديدة تماماً".
الرحلة التجريبية
من المقرر أن ينطلق رائدا الفضاء الأمريكيان بوتش ويلمور وسوني وليامز الإثنين عند الساعة 22:34 من كيب كانافيرال في فلوريدا (02:34 بتوقيت غرينتش الثلاثاء) داخل كبسولة "ستارلاينر"، التي سيدفعها إلى المدار صاروخ من طراز "أتلاس في" Atlas V من ابتكار شركة "يونايتد لانش ألاينس".
ومن المتوقع أن تصل Starliner إلى المحطة الفضائية خلال 26 ساعة تقريبًا.
وقال رائد الفضاء في وكالة ناسا، مايكل بارات، لـ"وكالة أسوشييتد برس" من المدار: “لا تترك شيئًا للصدفة”. ستبقى مركبة ستارلاينر راسية لمدة ثمانية أيام، وستخضع لعمليات فحص قبل الهبوط في نيو مكسيكو أو أي مكان آخر في الغرب الأمريكي.
المستقبل
التحدي كبير بالنسبة إلى وكالة ناسا، لأن توافر مركبة ثانية إلى جانب مركبة "سبايس إكس" لنقل رواد الفضاء الأميركيين "أمر مهم جداً"، على حد قول دانا ويغل، المسؤولة عن برنامج محطة الفضاء الدولية.
وأوضحت ويغل أن هذه القدرة ستتيح الاستجابة بشكل أفضل لـ"أي حوادث طارئة"، كالمشاكل التي تطرأ في إحدى المركبات مثلاً.
ومن المقرر أن تلتحم "ستارلاينر" بمحطة الفضاء الدولية قرابة الساعة 05:00 بتوقيت غرينتش الأربعاء وتبقى هناك لمدة تزيد قليلاً عن أسبوع. وسيتم إجراء اختبارات للتأكد من أنها تعمل، ثم تعاود نقل رائدا الفضاء إلى الأرض.
وتلتزم بوينغ بست رحلات لمركبة ستارلاينر لناسا بعد هذه الرحلة، والتي ستقود الشركة إلى النهاية المخطط لها للمحطة في عام 2030.
وتعتبر "ستارلاينر" هي سادس مركبة فضائية أمريكية يدشنها رواد فضاء. وسبق لكبسولة "دراغون" من ابتكار "سبايس إكس" أن انضمّت إلى هذا النادي الخاص جداً سنة 2020، في أعقاب برامج "ميركوري" و"جيميناي" و"أبولو" الفضائية.
وبمجرد تشغيل "ستارلاينر"، ترغب ناسا في التناوب بين مركبتي "سبايس إكس" و"بوينغ" لنقل رواد الفضاء إلى محطة الفضاء الدولية.
وكانت ناسا وقّعت عام 2014 عقوداً بمبالغ ثابتة مع "سبايس إكس" (2.6 مليار دولار) و"بوينغ" (4.2 مليارات دولار) لتطوير المركبتين الفضائيتين.
وقال الأستاذ المساعد في جامعة إمبري ريدل للطيران إريك سيدهاوس لوكالة "فرانس برس": "كان الجميع يعتقد أن بوينغ ستكون أول شركة تنقل رواد فضاء إلى محطة الفضاء الدولية. ونجاح سبايس إكس أولاً في هذا المجال كان محرجاً لبوينغ".
ومع اقتراب خروج محطة الفضاء الدولية من الخدمة عام 2030، ستُستخدم "ستارلاينر" و"دراغون" لنقل البشر إلى محطات فضائية خاصة مستقبلية، بدأت شركات كثيرة تخطط لبنائها.