علاقات تاريخية مع مصر وترميم مذهل لمساجد آل البيت.. من هم البهرة؟

"اسمح لي في البداية أوجه لك كل التحية والتقدير".. بهذه الكلمات خاطب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، سلطان البهرة مفضل سيف الدين، أثناء افتتاح مقام السيدة زينب بعد تجديده.

وحرص الرئيس السيسي على اصطحاب سلطان البهرة بالهند، مفضل سيف الدين، في افتتاح مقام السيدة زينب رضي الله عنها بالعاصمة المصرية القاهرة.

ووجه الرئيس السيسي رسالة له، قائلا: "مشاركتكم ومساهمتكم مقدرة ولها دلالة كبيرة على حب أهل البيت والبذل من أجلهم".

ويحرص الرئيس في افتتاح أي مقام على أن يضع نقطة حرف الباء في كلمة "بسم الله" بيده، ويترك لسلطان البهرة وضع نقطة حرف النون في "الرحمن".

ما هي طائفة البهرة؟

البهرة طائفة شيعية إسماعيلية مستعلية، تُعدّ من أكثر الطوائف الإسلامية انغلاقًا. ينتشرون بشكل رئيسي في الهند، مع وجود مجموعات أصغر في باكستان وكينيا وشمال أفريقيا وأوروبا وأمريكا الشمالية.

يُعتقد أنّ أصول البهرة تعود إلى الفاطميين، الذين حكموا شمال أفريقيا والمشرق العربي خلال القرنين العاشر والحادي عشر. بعد سقوط الدولة الفاطمية، هاجر العديد من الفاطميين إلى الهند، حيث أسسوا مجتمعاتهم الخاصة.

• من هو سلطان طائفة البهرة الذي شهد افتتاح مسجد الحسين؟

ما المساجد التي طورها البهرة في مصر؟

1- جامع الأقمر:

يعتبر جامع الأقمر في شارع المعز لدين الله الفاطمي بالقاهرة القديمة من الآثار البارزة التي حظيت بعناية خاصة من جانب طائفة البهرة.

بدأت جهود تجديده قبل 30 عامًا عندما تم استبدال محرابه بمحراب جديد من الرخام، إلى جانب إعادة بناء النصف الجنوبي من الواجهة الخارجية لجعله متناغمًا مع النصف الشمالي.

2- جامع الحاكم بأمر الله:

منذ عهد الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، بدأت المحاولات لإحياء جامع الحاكم بأمر الله، وذلك ضمن جهود لإحياء العمارة الفاطمية وترميم آثارها في مصر.

تعاونت طائفة البهرة من الهند في ترميم الجامع بجهودها الذاتية، ما دفع الرئيس السادات إلى دعوتهم لافتتاحه، ومنذ ذلك الحين، عملت الطائفة على رعايته وصيانته.

في العام الماضي، جرى ترميم المسجد وإحياؤه بتكلفة 850 مليون جنيه، بالتعاون مع الجهات المعنية بالآثار والتراث الإسلامي في مصر.

3- مسجد الإمام الحسين:

في إطار جهود تجديد المساجد التاريخية في مصر، قام الرئيس عبدالفتاح السيسي بإعادة افتتاح مسجد سيدنا الحسين في أبريل/ نيسان 2022 بعد أعمال الترميم الشاملة، بالتعاون مع طائفة البهرة.

• مسجد الإمام الشافعي.. أكبر أضرحة مصر «قبلة الروحانيين» (صور)

4- مسجد الجيوشي

يعتبر مسجد الجيوشي من أقدم المساجد الفاطمية في مصر، وقد قامت الطائفة الهندية بترميم المسجد، مما ساهم في حفظ وصيانة هذا الإرث الثقافي المهم.

5- مسجد السيدة نفيسة

تم ترميم ضريح السيدة نفيسة بالكامل، بما في ذلك مقصورتها، من قبل الطائفة البهرة، الذين يتولون صيانة المساجد والمقامات الإسلامية في مصر.

وتم افتتاحه مؤخرًا بحضور الرئيس السيسي وسلطان البهرة وعدد من أفراد الحكومة المصرية.

• مسجد السيدة عائشة في مصر.. تحفة معمارية توثق رحلة "عروس آل البيت"

معلومات عن طائفة البهرة

في زمن إمامة الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه "الإمام السادس عند الشيعة الإمامية والإمام المجدد الثاني عند الصوفية"، انبهر بعض الأتباع بولده إسماعيل ورفعوه لمرتبة الإمامة، فحاول الصادق التصدي لهذه الفتنة وأكد عدم وجود إمامين في وقت واحد، فلم يستجيب أتباع إسماعيل، حتى مات إسماعيل في حياة والده.

قال أتباع إسماعيل إنه لم يمت، وزعم بعضهم أنه قابله، فانقسم أتباع أهل البيت إلى قسمين: الإمامية وهم من ساروا مع الإمام موسى الكاظم، والإسماعيلية وهم أتباع إسماعيل.

مع الوقت زادت قوة الإسماعيلية حتى حكموا شمال أفريقيا وأسسوا الدولة الفاطمية، لكن عندما أسقط صلاح الدين الأيوبي دولتهم، خرجوا من مصر، وانقسموا إلى مستعلية ونزارية، وأسست كل منهما دولة.

قامت دولة الصليحيين في اليمن والتي تمثل الإسماعيلية المستعلية، ودولة الصباحيين أو الحشاشين في ألموت وجنوب فارس والتي تمثل الإسماعيلية النزارية.

تم تسمية المستعلية فيما بعد بالطيبية، لقولهم بإمامة الطيبة بن الآمر بن المستعلى، وزعمهم بإمامته وإمامة نسله المستورين من بعده، وقد تبنت هذه الفرقة الدولة الصليحية الذين حاولوا نشرها وبسطها في بلاد اليمن حتى انقرضت الدولة الصليحية عام ٥٦٣هـ.

بعد انهيار الدولة الصليحية، اتجه أتباعها للتجارة والاقتصاد، ونقلوا الدعوة إلى شبه القارة الهندية، وسموا أنفسهم بـ"البهرة" وهي تعني التاجر باللغة الهندية.

وفي القرن العاشر الهجري انقسم البهرة إلى طائفتين تسمى إحداهما بالداودية والأخرى بالسيمانية ويرجع هذا الانقسام إلى الخلاف على من يتولى مرتبة الداعي المطلق للطائفة بعد داوود بن عجب شاه.

وفي آخر الإحصائيات، يقدر أتباع طائفة البهرة حول العالم بمليون شخص غالبيتهم فى اليمن والهند، ويقدر البعض أعداد تلك الطائفة فى مصر بـ10 آلاف شخص.

وقد سمحت السلطات المصرية للبهرة منذ 40 عامًا بالتملك داخل مصر وإقامة فنادق خاصة بهم، ومن وقتها تعمل الطائفة على إحياء كل ما يتعلق بالفاطميين من قبور ومساجد، فهم يتبرعون بأموال طائلة لتشييد هذه المقامات والمساجد في مصر، لأنهم يعتقدون أنهم من سلالة الفاطميين الذين حكموا مصر 3 قرون.