من هامش السياسة لقصر الرئاسة.. من هو رئيس بوليفيا الجديد؟

تحوّل سياسي بارز شهدته بوليفيا بفوز رودريغو باز، مرشح يمين الوسط، في انتخابات الرئاسة، ليصبح أول رئيس من هذا التيار منذ 20 عامًا.
هذا الانتصار «غير المتوقع» جاء بعد جولة إعادة حامية الوطيس، تمكن خلالها من هزيمة الرئيس الأسبق خورخي توتو كيروغا، ليضع حدًا لهيمنة اليمين واليسار التقليديين ويعلن ميلاد مرحلة سياسية جديدة في البلاد، بحسب وكالة أسوشيتدبرس.
وحتى وقت قريب، لم يكن باز ضمن الأسماء المطروحة على الساحة السياسية؛ فقد كان سيناتورًا مغمورًا في صفوف المعارضة، يُعرف أكثر بكونه ابن الرئيس الأسبق خايمي باز زامورا، الذي حكم البلاد بين عامي 1989 و1993.
فمن هو رودريغو؟
- وُلد في المنفى عام 1967 بمدينة سانتياغو دي كومبوستيلا في إسبانيا حيث لجأ والده بعد انقلاب عسكري أطاح بالحكومة المدنية في بوليفيا.
- ومع عودة والده إلى البلاد، نشأ رودريغو في بيئة سياسية صاخبة جمعت بين اليسار الثوري والفكر البراغماتي.
- بدأ مسيرته في الحزب اليساري ذاته الذي أسسه والده
- اتجه لاحقًا نحو يمين الوسط
- تبنى نهجًا إصلاحيًا قائمًا على اقتصاد السوق.
- وشغل منصب عمدة مدينة تاريخا بين عامي 2015 و2020
- أطلق مشاريع لتطوير البنية الحضرية، بينها تحديث وسط المدينة وتوسيع مساحاتها الخضراء، إلا أن قراراته التقشفية وتسريح موظفين عموميين أثارت استياء بعض الفئات العمالية.
تحديات مصيرية
ومن المقرر أن يتسلم باز الرئاسة رسميًا في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، في وقت تواجه فيه بوليفيا أسوأ أزمة اقتصادية منذ ثمانينيات القرن الماضي.
فبعد عقدين من حكم حزب الحركة نحو الاشتراكية بزعامة إيفو موراليس، تراجعت الطفرة الاقتصادية التي اعتمدت على صادرات الغاز الطبيعي والدعم الحكومي السخي، لتجد البلاد نفسها اليوم في أزمة خانقة تتمثل في نقص في الدولار الأمريكي، وطوابير وقود طويلة، وتراجع حاد في الاستثمارات الأجنبية.
ويرى مراقبون أن فوز باز يعكس إرهاق الناخبين من الأيديولوجيات المتشددة، ورغبتهم في قيادة وسطية قادرة على الموازنة بين الإصلاح الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي.
تحالف الصدفة وحملة الشعب
بدأت حملة باز الانتخابية دون ضجيج إعلامي، بل إن القنوات تجاهلت دعوته للمشاركة في أولى المناظرات الرئاسية. لكن كل شيء تغيّر بعد قراره المفاجئ بتعيين إدمان لارا، الضابط السابق في الشرطة، نائبًا له، إثر انسحاب مرشحه الأصلي في اللحظة الأخيرة.
تحول لارا، الذي اشتهر على تطبيق "تيك توك" بعد نشره مقاطع تفضح الفساد داخل المؤسسات الأمنية، إلى وجه شعبي جذّاب استطاع الوصول إلى الناخبين من الطبقات الفقيرة والسكان الأصليين.
وقاد الرجلان حملة بسيطة التمويل لكنها فعّالة، ركزت على اللقاءات الميدانية والخطاب الواقعي تحت شعار "رأسمالية للجميع". وتجنبت الحملة الهجمات الشخصية والشعارات الأيديولوجية، مقدمةً باز كمرشح براغماتي يسعى لإنقاذ الاقتصاد دون التضحية بمكاسب الطبقات الفقيرة.
ورغم تضمّن برنامجه الاقتصادي إجراءات صعبة كخفض دعم الوقود وتقييد الإنفاق العام، فقد حرص على طمأنة الناخبين بتعويضات اجتماعية وبرامج دعم مباشر لتخفيف أثر الإصلاحات. هذا التوازن الدقيق بين الواقعية الاقتصادية والبعد الاجتماعي كان مفتاح صعوده غير المتوقع إلى قصر كيمادو.
انعطافة محتملة في السياسة الخارجية
في مؤشر على تحوّل مرتقب في توجهات بوليفيا الدولية، قام باز بزيارة إلى واشنطن بين الجولتين الانتخابيتين، حيث التقى باحثين ودبلوماسيين أمريكيين وأكد أن "تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة ضرورة لنجاح بوليفيا".
هذا الموقف يمثل تغييرًا حادًا بعد 15 عامًا من التوتر بين البلدين منذ طرد الرئيس موراليس وكالة مكافحة المخدرات الأمريكية والسفير الأمريكي عام 2008، وتوجهه للتحالف مع فنزويلا وروسيا والصين.
وفي أول رد فعل رسمي، رحبت واشنطن بفوزه، إذ قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إن "الولايات المتحدة ترى في باز فرصة جديدة لإعادة بناء الثقة وتعزيز التعاون في مكافحة الهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة، وتوسيع الاستثمار المشترك".