"نهج إنجلترا" وسط تونس.. الديون تهدد "شمس الثقافة"
مع تطور التكنولوجيات الحديثة، شهدت المكتبات عزوفا من قبل القراء الذين أصبحوا يطالعون عبر الانترنت أجمل الكتب وأحدثها عن طريق تحميلها على الحواسيب.
وفي قلب العاصمة تونس يتربع "نهج إنجلترا"، ذلك النهج الشهير ببيع الكتب والذي يمثل مرجعا لمحبي القراءة في تونس ومقصدا رئيسيا للباحثين عن المراجع والكتب النادرة والجواهر النفيسة.
أسعار الكتب في متناول القراء، من دينار واحد إلى أكثر، وهو قبلة للسياح أيضا المولعين بالكتب النادرة والقيمة.
يشتهر هذا النهج بوجود محلات لبيع الكتب القديمة المستعملة بأسعار زهيدة والكتب الجديدة أيضا.
وبمجرد الدخول لهذا النهج ذي البنايات القديمة والمزخرفة على الطريقة الفرنسية، والتي تعود إلى بداية القرن العشرين، تسحر المارين رائحة الكتب القديمة وجمال تراصفها في صفوف وما يميزها هو كتابة سعر كل كتاب فوقها لتسهل على القراء الذين يعتزمون شراء كتاب بأبخس الأثمان.
وتتوزع الكتب المعروضة بين أرصفة النهج وعلى الرفوف داخل المحلات، بين روايات ودواوين شعرية وكتب فقهية وبحوث ودراسات أكاديمية وعلمية، بلغات عديدة كالفرنسية والإنجليزية، ومنها أيضا ما هو بلغات الإيطالية والألمانية والاسبانية.
صورة لنهج انجلترا
ويقول حسن السالمي، صاحب محل لبيع الكتب القديمة، إن جميع الذين يزورون هذا النهج من مختلف الشرائح العمرية يأتون من مختلف المدن للبحث عن ضالتهم من كتب نادرة قد تكون محفوظة في ركن ما في المحل.
واضاف في تصريحات لـ"العين الإخبارية" بأنه رغم التطور الإلكتروني، إلا أن سحر الكتاب له طعما مختلفا، مستدركا: "لكن عدد الزوار انخفض مقارنة بالسابق".
وأضاف أن زبائنه الكبار المولعين بالكتب يتصلون به بالهاتف كي يبحث لهم في أركان وصفوف المحل عن ضالتهم من الكتب التي التهمها الغبار وذلك ربحا للوقت.
أكبر مكتبة في تونس
وما يميز نهج إنجلترا المعروف بنهج العلم والمعرفة، هو مكتبة نهج إنجلترا التي تتوسطه وتعتبر أكبر مكتبة في البلاد، حيث تضم قرابة 300 ألف كتاب، من بينها مراجع وكتب تعود إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وبلغات متعددة. لكنها تعاني بدورها من عزوف القراء وهي مهددة بإغلاق أبوابها خاصة مع الوضع الصحي الذي عرفته البلاد بسبب كورونا.
وهذه المكتبة هي قبلة للتونسيين ينهلون منها العلم والمعرفة ويعود تأسيسها إلى مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، من قبل التونسي اليهودي "فيكتور غيز"، قبل أن يبيعها بعد الاستقلال للتونسي بوراوي الهذيلي.
وقال الكاتب والروائي التونسي شكري بن عزوز، إن هذه المكتبات بمثابة الأرشيف، وتزخر بآلاف العناوين القديمة والجديدة.
وتابع في تصريحات لـ"العين الإخبارية": "هذه المحلات مهددة بالاندثار في السنوات القليلة القادمة، لأن أصحاب هذه المحلات لم يعودوا قادرين على خلاص العمال أو إيجار محلاتهم".
وأكد أن مكتبة نهج إنجلترا على سبيل المثال، والتي ناهز عمرها 70 سنة، مهددة بالإغلاق والزوال بعد أن عجز ورثتها عن تسديد أجور العاملين فيها وخلاص ديون الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وتسديد فواتير الكهرباء والهاتف، مما جعل الديون تتراكم مقابل الدخل المحدود.
وأشار إلى أن مصير مهنة بائعي الكتب يبقى مجهولا إلى أن تتعامل الدولة ووزارة الثقافة بجديّة مع مشاكل قطاع بيع الكتب.
ويتراوح مؤشر القراءة في تونس في المكتبات العمومية على المستوى الوطني من 0.58 إلى 1.9 كتابا لكل فرد في السنة، وفق وزارة الثقافة.
ويبلغ عدد زيارات المكتبات العمومية أكثر من 3.7 ملايين زيارة، إضافة إلى تسجيل أكثر من 200 ألف مشترك في هذه المكتبات.
aXA6IDMuMTIuMTYxLjE1MSA= جزيرة ام اند امز